بداية متعثرة لبرنامج تقييم المعلمين في مدارس نيويورك

الاستعانة بـ«مطوري المواهب» ووعود بتحسين المعايير

بداية متعثرة لبرنامج تقييم المعلمين في مدارس نيويورك
TT

بداية متعثرة لبرنامج تقييم المعلمين في مدارس نيويورك

بداية متعثرة لبرنامج تقييم المعلمين في مدارس نيويورك

شغلت «ليلي دين وو»، على مدى 24 عاما، منصب مديرة المدرسة الحكومية رقم 130 جنوب حي مانهاتن، في ولاية نيويورك الأميركية. وخلال تلك الأعوام الطويلة حدثت بعض التغييرات البسيطة في يومها التعليمي، الذي كان يشهد في الغالب المظاهر التالية: طلاب متململون من العملية التعليمية أو طلاب سيئو السلوك، ميزانيات، مشكلات المناهج الدراسية، بالإضافة إلى اجتماعات مع أولياء الأمور الذين لا يتحدث كثير منهم اللغة الإنجليزية.
أما العام الحالي، فتقضي «وو» ومساعد المدير كثيرا من الوقت في التنقل بين الفصول الدراسية، حاملين بأيديهما لوحات الملاحظات وأجهزة الـ«آي باد»، حيث جرى وضع اسميهما على قوائم التدقيق الخاصة بتقييم العملية التعليمية. وأثناء الرحلات المكوكية التي تقوم بها بين الفصول، تطرح «وو» الأسئلة المعتادة: هل يجري شرح الدرس بوضوح؟ هل تسير العملية التعليمية في الفصول الدراسية بشكل منتظم؟
وتبعا لبرنامج تقييم المعلمين، جرى إعلام جميع القائمين على المدارس أنهم سيقضون أكثر من أسبوعين، من أصل 40 أسبوعا مدة السنة الدراسية، في عمل تلك الزيارات المكوكية للفصول الدراسية. وتمتد الساعات التي يقضيها القائمون على المدارس في عقد اجتماعات مع المعلمين لمناقشة التجارب كافة التي تواجههم خلال اليوم الدراسي وإدخال الدرجات الخاصة بكل معلم في قاعدة بيانات المدرسة الخاصة بتقييم المعلمين، على مدار أكثر من شهر.
وتقول «وو»، 62 عاما، إنه «عند مرحلة ما في عملية التقييم، تبدو الملاحظات التي يبديها المعلمون مهمة، لكن تقديم المشورة لطفل متعثر في الدراسة أو عائلة تسعى لمساعدة أبنائها في تحصيل الدروس في المنزل على القدر نفسه من الأهمية».
وقد شكلت جميع الأعمال التي جرت إضافتها إلى مهام المعلمين نتيجة لعملية تقييم المعلمين الجديدة التي بدأ تطبيقها في مدينة نيويورك في خريف هذا العام. ويُعد تبني نظام تقييم المعلمين، أو أحد أشكاله، في معظم الولايات هو الإنجاز الرئيس لحركة إصلاح التعليم. ومن الناحية النظرية، جرى قبول هذا النظام على نطاق واسع على أساس أنه خطوة تأخرت كثيرا على طريق تقييم المعلمين.
ولا يتعلق الأمر بتقييم أداء المعلمين فقط، حيث يعمل هذا النظام أيضا على إعادة ترتيب الإيقاع اليومي والأسبوعي للتجربة المدرسية من خلال عدة طرق أساسية، منها أنه يجب أن يخضع الطلاب لمزيد من الاختبارات، التي تهدف إلى تقييم معلميهم، مما تسبب في رد فعل عنيف من قبل أولياء الأمور، كما أدى ذلك إلى تراجع المدارس عن إخضاع الطلاب لتلك الاختبارات، لا سيما في مراحل التعليم الأولى.
ويبعث المسؤولون عن التعليم في مدينة نيويورك بمجموعة من الأشخاص يُعرفون بـ«مطوري المواهب» إلى المدارس لمساعدة المديرين في إجراء عملية التقييم. كما يقوم المسؤولون بالبحث عن المال لاستئجار المشرفين المتقاعدين للنزول إلى المدارس التي تشهد نشاطا وعبء عمل مكثفين. وخلال الأسبوع الماضي، قال مسؤولو التعليم في مدينة نيويورك، في محاولة منهم لتخفيف أسباب قلق مديري المدارس، إنهم سيقومون بتحسين معايير التقييم حتى تصبح أكثر مرونة.
ويتزامن تطبيق معايير تقييم المعلمين تلك مع وضع معايير أكاديمية أكثر صرامة تعرف باسم «الأساس المشترك»، التي تتطلب تطبيق مناهج جديدة تماما في بعض الحالات.
في صباح أحد أيام الشهر الماضي في المدرسة الحكومية رقم 295 الكائنة في «بارك سلوب»، ببروكلين، كان هناك تسعة أشخاص كبار السن يمارسون مهام عملهم داخل أحد الفصول المدرسية للصف الأول الذي يضم 30 طالبا بالتعليم العام والخاص، حيث كان هؤلاء الأشخاص التسعة هم: المعلمة التي يجرى مراقبة وتقييم أدائها، بالإضافة إلى معلم ثان وثلاثة مساعدين مهنيين منوط بهم المهام المتعلقة بهذا الفصل المدرسي، وكذلك مديرة المدرسة ومساعد مديرة المدرسة ومطورة المواهب وأحد المسؤولين عن نظام المدرسة الذي يعمل استشاريا.
كانت نينا فيليبس، المعلمة التي تخضع للمراقبة والتقييم، تستخدم كتابا عن القلاع لكي توضح للطلاب كيفية إيجاد الدليل لاختبار معتقداتهم. فعلى سبيل المثال، جرى إثبات عدم صحة الفكرة الأصلية المترسخة لدى الطلاب بأن «كل شخص كان يمتلك قلعة منذ زمن طويل» لأن الكتاب أظهر أن القلاع كانت مملوكة بشكل رئيس للملوك والملكات والأسياد والسيدات الذين كانوا يعيشون فيها.
وبعد ذلك، ناقشت ليندا مازا، مديرة المدرسة، والمراقبون الآخرون، الأمور المتعلقة بهذه الزيارة لمدة ساعة واحدة، ومدحوا الأداء الجيد لفيليبس، لا سيما فيما يرتبط برصد سلوك الطلاب والاستجابة والتعقيب على ما يذكرونه والانتقال بشكل متواصل وسلس بين مناقشات الطلاب – وهو ما يُعرف بمنح الأدوار للطلاب للتحدث والمناقشة فيما بينهم من أجل تعزيز عملية الفهم والتعلم – وإلقاء المحاضرة.
بيد أن مارسيلا باروس، مطورة المواهب، أثارت سؤالا بشأن استخدام فيليبس أسئلة مغلقة (نعم أو لا) بدلا من استخدام الأسئلة المفتوحة بشكل أكثر، مثل: «هل يذكرنا هذا الأمر بأي شيء يجعلنا نعتقد بوجود أفكار مبتكرة يمكن إضافتها إلى قائمة الأفكار هذه؟».
وتقول باروس: «أعتقد أنني كنت أتساءل إذا ما كانت هناك طريقة لإشراك الطلاب بشكل أكبر في الأسئلة أم لا».
وفي حين أن عمدة مدينة نيويورك المنتخب بيل دي بلاسيو قد يكون قادرا على تغيير بعض العناصر في عملية التقييم، إلا أن كثيرا من تلك العناصر يعد مقدسا في قانون الولاية. ويصنف النظام الجديد المعملين على أن لهم تأثيرا وفعالية عالية أو أنهم فاعلين فقط أو متطورين أو غير فاعلين، وذلك اعتمادا على مزيج من الملاحظات والتقييم للفصل المدرسي ومدى تقدم مستوى الطلاب في الاختبارات على مستوى الولايات والاختبارات أو الإجراءات المطورة محليا. وفي حال تقييم المعلم على أنه غير فاعل لمدة عامين متتالين، فمن الممكن أن يكون معرضا للفصل من عمله.
ومن أجل إجراء عملية إبداء الملاحظات والتقييم، يمكن للمعلمين اختيار تقييمهم من خلال إلقاء ست محاضرات مدة كل واحدة منها 15 دقيقة، أو ثلاث زيارات مدة كل واحدة منها 15 دقيقة، ومحاضرة واحدة لنحو ساعة.
وبالنسبة لمديري المدارس مثل وو، يصل العدد الإجمالي لساعات إبداء الملاحظات والتقييم إلى ما يقرب من 90 ساعة بالنسبة لوو ومساعدتها المهنية. كما يجب على هؤلاء الأشخاص أيضا ملء المستندات وإدخال تقاريرهم في برنامج جديد على الكومبيوتر.
من جانبهم، وصف العديد من مديري المدارس البرنامج بأنه غير ملائم أكثر من كونه مفيدا. وأضاف المديرون أن البرنامج لا يشتمل على خاصية وظيفة التدقيق الإملائي وأحيانا يتوقف عن العمل، بما لا يمكنهم من حفظ ما أنجزوه قبل الخروج من البرنامج. وفي المقابل، قال المسؤولون بالتعليم إن هذه المشكلات كان يجري حلها.
ومثلما هي الحال في أغلبية المناطق، حلت أنظمة الملاحظات والتقييمات الجديدة محل نظام كان يتضمن وجود أدنى حد من الملاحظات، وهو الذي يتبعه القليل من المناطق، حيث لم تكن تحتسب درجات الاختبار مع تقييم المعملين على أن أداءهم مُرض أو غير مرض فقط.
اعترف المسؤولون عن التعليم بالمدينة بمدى صعوبة التحول لاتباع نظام جديد، ولكنهم قالوا إن لديهم الأمل في أن يجري إدراك وتفهم هذا النظام مع مرور الوقت.
وتقول ديفون بولجليا، المتحدثة باسم الإدارة التعليمية للمدينة، إن «هذا الإجراء ليس مثل الضغط على زر تشغيل، حيث إن المدارس كانت تتحدث طوال 80 عاما عن مسألة (النجاح/ الرسوب)، ويعد ذلك النظام أكثر تعقيدا ولن يكون الشخص بارعا فيه من الوهلة الأولى».
وعلى الرغم من ذلك، فإن النتائج المبكرة التي ظهرت في الولايات التي جرى فيها تطبيق أنظمة التقييم الجديدة منذ أكثر من عام، لم تكن مختلفة كثيرا عن النتائج السابقة، حيث حقق جميع المعلمين تقريبا أعلى الدرجات.
وقال المؤيدون لهذه الإصلاحات إن الهدف لم يكن مجرد تحسين الدرجات فقط، بل أيضا تحسين عملية التدريس من خلال منح التغذية الاسترجاعية الأكثر تفصيلا بصورة مستمرة.
بيد أن بعض المعلمين قالوا إن هذه العملية كانت أشبه بلعبة غوتشا «gotcha».
وفي السياق نفسه، تقول لورا برومبرغ، البالغة من العمر 36 عاما وهي معلمة برياض الأطفال في المدرسة الحكومية/ المتوسطة رقم 178 الكائنة في كوينز، إنه في صباح أحد الأيام خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حضر أربعة أشخاص كبار السن إلى فصلها المدرسي: وهم اثنان من مطوري المواهب ومدير المدرسة ومساعد مدير المدرسة. والتقط أحدهم بعض الصور الفوتوغرافية، فيما تحدث أحدهم مع الأطفال. وجلس شخص آخر منهم على مقعدها، حيث وصفت برومبرغ هذا الفعل الأخير بأنه يرمز للانتقاص من سلطتها داخل الفصل والتسبب في حدوث اضطراب داخل فصلها. وتقول المعلمة المخضرمة برومبرغ، التي تعمل في مجال التدريس منذ 14 عاما: «أدى ذلك الأمر إلى جلوسي على الأرضية، ومن المؤكد أن وجود هؤلاء الأشخاص تسبب في تغيير الديناميكية المتبعة داخل الفصل».
وقال مايكل مولغرو، رئيس نقابة المعلمين بالمدينة، إنه وجد خللا في هذا المنهج. وأردف قائلا: «وفقا لما هو واضح علانية، تبدو إجراءات التقييم هذه على أنها تبعث برسالة مفادها أنه من المفترض أن تهدف الملاحظات إلى مساعدة المعملين، بيد أن لغة التواصل الخاصة بهم وطريقتهم تجاه ذلك المنهج وجميع التعليمات الأخرى الصادرة للمدارس تشير إلى أن مضمون الرسالة هو أن تلك الطريقة لا تتعلق بالمساعدة في عملية تطوير المعلمين بل تتبع المعلمين الذين لا نرغب في وجودهم».
وقال بعض المعلمين الآخرين إنهم كانوا يخضعون بشكل جزئي لعملية وضع درجات لتقييمهم في مواد خارجة عن نطاق سيطرتهم.
من جانبه، قال جيوفري تولوتش، أحد المحاضرين في مجال الطهي بإحدى المدارس الثانوية في مانهاتن، إن نتائج اختبار «English Regents» تحتسب في سجل تقييمه.
وخلال الأسبوع الماضي، قال شايل بولاكو سورانسكي، الرئيس الأكاديمي للإدارة التعليمية بمدينة نيويورك، إنه بمرور الوقت سيقوم المسؤولون بالمدينة بتطوير عمليات التقييم للمواد مثل فنون الطبخ والموسيقى. وأضاف أيضا أن المسؤولين بالمدينة سيقدمون اقتراحا لمنح خيار للمعلمين مثل تولوتش لإدراج ملاحظات مدير المدرسة فيما يتعلق بعملية التدريس وعمل الطلاب ضمن المجموع الإجمالي للنسبة المئوية من التقييم.
وقال إنه يمكن منح المدارس خيار المضي قدما في تطوير الاختبارات الإضافية، مع إمكانية منح المديرين المرونة لإجراء زيارات أقل للمعلمين الذي يؤدون عملهم جيدا باستمرار لكي يمكن توجيه كثير من الاهتمام إلى المعلمين الذين يحتاجون إلى المساعدة. وستتطلب هذه التغييرات موافقة نقابة المعلمين والولاية.
وأشار بولاكو سورانسكي أيضا إنه ليست هناك عواقب سيئة لأي تقييم ضعيف من دون المصادقة على ذلك من قبل مدير المدرسة، مضيفا: «إذا كان القائمون على عملية التقييم يرون أن هناك معلما معينا بارع، فلن يكون لذلك الأمر أي تأثير بالنسبة لهذا المعلم».
وفي هذا الصدد، قالت دونا تايلور، مديرة إحدى المدارس في بروكلين، إنه على الرغم من وفرة الأشخاص «الأذكياء الذين لديهم نوايا طيبة» لمساعدة المعلمين ومديري المدارس لفهم النظام، «فإنه ما زال هناك كثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة، مما يجعل عملية إطلاق البرنامج بمثابة بداية متعثرة للغاية».

* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.