الجيش السوداني وقادة الحراك ينهون الجفوة ويشرعون في تفاوض «ماراثوني»

بعد تحديد نقاط الخلاف بينهما... تزايد المساعي لحسمها خلال ثلاثة أيام

سودانيات يجهزن طعام الافطار للمعتصمين امام مقر وزارة الدفاع في الخرطوم (أ.ف.ب)
سودانيات يجهزن طعام الافطار للمعتصمين امام مقر وزارة الدفاع في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني وقادة الحراك ينهون الجفوة ويشرعون في تفاوض «ماراثوني»

سودانيات يجهزن طعام الافطار للمعتصمين امام مقر وزارة الدفاع في الخرطوم (أ.ف.ب)
سودانيات يجهزن طعام الافطار للمعتصمين امام مقر وزارة الدفاع في الخرطوم (أ.ف.ب)

أعلنت قوى «إعلان الحرية والتغيير»، التي تقود الاحتجاجات الشعبية في السودان التي أطاحت نظام عمر البشير، أن المجلس العسكري الانتقالي دعاها لاستئناف المفاوضات التي توقفت لعدة أيام بسبب خلافات بين الطرفين على صلاحيات وسلطات «مجلس السيادة» المقتَرَح. وقبلت قوى «الحرية والتغيير» دعوة المجلس العسكري، لكنها اشترطت تفاوضاً «ماراثونياً» لمدة 72 ساعة، يتحدد بعده مصير الأوضاع في البلاد.
وقالت في بيان، صدر أمس، إنها تلقت اتصالات من المجلس العسكري لاستئناف التفاوض، وإنها ستسلم ردها على مذكرة المجلس كتابةً، بعد أن حصرت نقاط الخلاف بينها وبينه، مشترطة الدخول في تفاوض مباشر، دون وساطة، يستمر طوال 72 ساعة، بعيداً عما سمته «التراشقات الإعلامية»، ثم بعدها «يصير شعبنا على بينة من أمره».
وتطالب قوى «إعلان الحرية والتغيير» بنقل السلطة لحكومة مدنية من ثلاثة مستويات: «مجلس سيادي مدني بتمثيل عسكري، ومجلس وزراء مكون من كفاءات مستقلة غير حزبية، ومجلس تشريعي انتقالي». غير أن العسكريين يرفضون قبول «مجلس سيادي مدني»، ويصرون على وجودهم بنسبة غالبة في مجلس السيادة، وهي النقطة الأساسية في مثار الخلاف بين الطرفين.
وذكرت قوى «التغيير» أنها أبلغت المجلس العسكري بأن منهج التفاوض القديم لا يتسق مع مطالب الشعب السوداني. وجاء في بيانها: «تلقينا اتصالاً من المجلس العسكري لاستئناف التفاوض، وقد أبلغناهم بأن المنهج القديم لا يتسق مع مطالب الشعب السوداني، في الخلاص والوصول بالثورة لمراميها بالسرعة المطلوبة». وأضاف البيان أن ردها يأتي من إيمانها بأن «بداية عهد جديد تتطلب عدم التأخير في تهيئة مناخ الاستقرار، لأن الأزمة السياسية المستمرة تنعكس على الشعب السوداني، في شكل أزمات اقتصادية طاحنة وتعطيل للحياة وتذبذب في الخدمات الضرورية».
وقالت المجموعة التي تقود الثورة السودانية إنها انتظمت في اجتماعات داخل هيئاتها، وتوصلت إلى أنها سترد كتابة على المجلس العسكري، بعد أن حددت نقاط الخلاف بينها وبينه، موضحة أن «النقاش سيدور حول هذه النقاط بصورة حاسمة. فهدفنا من أي لقاء أن ندخل في نقاش مباشر حول هذه النقاط دون توقف، لنفرغ منها خلال 72 ساعة». واشترط البيان عقد الاجتماع «في مكان مناسب، لإنجاز أعماله بعيداً عن التراشقات الإعلامية». وفي الوقت ذاته، أكد أن التحالف وافق على مواصلة الخطوات التصعيدية مع استمرار الاعتصام أمام قيادة الجيش ووزارة الدفاع في الخرطوم «باعتبارها الضامن الوحيد لتحقيق أهداف الثورة».
وأسقطت ثورة شعبية نظام المعزول عمر البشير المستند إلى «الحركة الإسلامية»، وهو الاسم المرحلي لحركة «الإخوان المسلمين»، في 11 أبريل (نيسان) الماضي، بإعلان الجيش انحيازه للشعب.
ومنذ ذلك الحين يسيطر مجلس عسكري انتقالي، برئاسة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، على السلطة، لفترة انتقالية مدتها عامان. ورغم تعهد المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين، فإن المفاوضات بين الطرفين على مؤسسات الحكم خلال المرحلة الانتقالية لم تصل لاتفاق بنقل السلطة للمدنيين.
وأعلنت هيئة قيادة الجيش السوداني انحيازها للاحتجاجات الشعبية التي استمرت زهاء 4 أشهر، وكلفت وزير الدفاع السابق عوض بن عوف رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، لكن المحتجين رفضوه واعتبروه امتداداً للنظام السابق، وأحد رموزه، فاضطر للاستقالة مع نائبه كمال عبد المعروف، ثم تم اختيار المفتش العام السابق للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان ليصبح رئيساً للمجلس. ومنذ عزل البشير، فإن وتيرة التفاوض بين الطرفين شهدت حالات مدّ وجزر، بلغت مداها بإعلان قوى «الحرية والتغيير» قبل نحو أسبوعين تعليق التفاوض، لكنها عادت إليه مجدداً، ثم توقف التفاوض مرة أخرى، الأسبوع الماضي، قبل أن يُعلن أمس عن معاودته مرة إضافية.
وهدّد أحد قادة الاحتجاجات، خالد عمر يوسف، بعصيان مدني، في مواجهة ما اعتبره الائتلاف تعطيل نقل السلطة إلى المدنيين، و«إطالة أمد التفاوض» من جانب المجلس العسكري الذي يواجه أيضاً ضغوطاً من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي للتقدم في اتجاه انتقال السلطة بشكل سلس. وكان نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان قد أجرى اتصالاً هاتفياً يوم الأربعاء برئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق البرهان في هذا الشأن، وطلب منه «التحرك بشكل عاجل نحو حكومة انتقالية بقيادة مدنية»، وكذلك التوصّل إلى اتفاق مع «قوى الحرية والتغيير».
ورغم درجات الحرارة التي تفوق الأربعين درجة مئوية وبداية الصوم في شهر رمضان، يواصل آلاف المتظاهرين اعتصامهم أمام مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في الخرطوم، مصممين على التوصل إلى نظام مدني.
ويعتزم المحتجّون إقناع المجلس العسكري الانتقالي بتسليم السلطة لمجلس سيادي مدني بتمثيل عسكري محدود. وقال إيمان حسين أحد المشاركين المنتظمين في الاعتصام المستمرّ منذ 6 من أبريل أمام مقرّ الجيش: «إما أن نحصل على السلطة المدنية التي نريدها، أو سنظل هنا». وبعد قرابة 4 أشهر من الاحتجاجات في البلاد التي بدأت بعد زيادة سعر الخبز في إطار أزمة اقتصادية ونقص في المواد الأولية، تجمّع المتظاهرون في البداية أمام مقرّ الجيش مطالبين الجنرالات بإنهاء نظام البشير. وفي 11 أبريل أرغم الجيش رئيس البلاد على تسليم السلطة.
واعتقل البشير ووضع في سجن كوبر مع مسؤولين آخرين في نظامه، كما وعد القضاء بملاحقة المسؤولين عن مقتل أشخاص في المظاهرات التي بدأت في 19 ديسمبر (كانون الأول).



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.