تتزايد حدة القلق والترقب في الشارع العراقي حيال التصعيد الأميركي - الإيراني فيما يسعى العراق إلى الوقوف على الحياد في الأزمة الحالية مع إمكانية لعب دور الوساطة أو في الأقل نقل رسائل إيجابية طبقا لمؤشرات لمستها بغداد خلال الزيارة الخاطفة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى بغداد.
واستنادا إلى سياسي مطلع مقرب من أجواء المباحثات التي أجراها بومبيو مع الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي فإن «بومبيو بقدر ما كان واضحا وصريحا في إثبات مدى جدية بلاده بشأن وضع حد لسلوك إيران سواء لجهة الملف النووي أو تدخلاتها في المنطقة فإنه كان منفتحا على إمكانية إفهام الإيرانيين بأن واشنطن جادة إلى أبعد الحدود».
السياسي المطلع أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «لهجة بومبيو التي جمعت بين صرامة الموقف وفتح آفاق للحوار المشروط شجعت القادة العراقيين على أن يجروا معه مباحثات صريحة وبناءة تناولت ملفات عديدة مترابطة مع بعضها في المنطقة». وأوضح أن «بومبيو بقدر ما نقل رسائل إلى العراقيين، بعضها بدا مشفرا، باتجاه إيصالها إلى الإيرانيين فإنه بدا حريصا على عدم توريط العراق في مواقف حادة وذلك من منطلق معرفته بخصوصية الوضع العراقي».
وتابع السياسي العراقي أن «بومبيو حرص على أن تتحمل بغداد ضبط إيقاع الفصائل المسلحة المقربة من إيران لأن واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي حيال أي تصرف منها يضر بالمصالح الأميركية في العراق أو المنطقة».
إلى ذلك، دعا كل من زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم وزعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الحكومة العراقية إلى لعب دور الوساطة بين إيران والولايات المتحدة. وفي كلمة له بتجمع جماهيري، قال الحكيم إن «العراق يقع في قلب المنطقة وضمن جغرافية الصراع وعليه يجب أن نكون جادين في تجنيب العراق أي آثار محتملة فطبول الحرب حين تقرع يغيب العقل والمنطق ولن يقف العراق مكتوف الأيدي حينما يتعلق الأمر بمصالحه وأمنه». وأضاف الحكيم أن الولايات المتحدة الأميركية وعبر سياسة تصفير صادرات النفط الإيراني انتقلت من «سياسة الضغط إلى سياسة الخنق لإيران». ودعا الحكيم الحكومة العراقية ومن أجل تجنب الكارثة إلى «الانتقال من سياسة الوسط إلى سياسة الوسيط الذي يسعى لتخفيف حدة الصراع وذلك عبر تقديم مبادرة وساطة بين الطرفين لمعالجة الأزمة المتصاعدة هذه الأيام».
من جانبه، أكد المالكي في بيان أن «سياسة التهديد باستخدام القوة والأسلحة الاستراتيجية، ومحاولة فرض الإرادة والهيمنة بالقوة، ستدفع الأمن والاستقرار في المنطقة إلى حافة الانهيار، واندلاع دورة جديدة من العنف الشامل، وبداية فصل من القتل والتدمير والخراب، في الوقت الذي تحتاج شعوب منطقتنا الحساسة إلى مزيد من الهدوء والاستقرار وتحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعاون المشترك».
وطالب المالكي جميع الأطراف «بإعلان موقف موحد إزاء السياسات التي تهدد مصالح شعوب المنطقة والعالم، وندعو إلى تحكيم لغة العقل والحوار، ونبذ سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة على الآخرين، وحل المشاكل العالقة بين الدول بأساليب حكيمة وواقعية ومنتجة ووفق القرارات الدولية لا بالقوة والحصار والتجويع والترويع من أي طرف كان».
وحول الوساطة التي يمكن أن يقوم بها العراق بين إيران والولايات المتحدة، يقول الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة بومبيو الأخيرة إلى العراق «يمكن النظر إليها وفق مؤشرات تقترب من الوساطة بهدف نزع فتيل الأزمة بين الطرفين لا سيما أن بومبيو لم يكن يحمل معه مشروع حرب بقدر ما كان يبحث عن ضمان المصالح الأميركية في العراق والمنطقة وتعديل سلوك إيران».
وأضاف الشمري أن «الولايات المتحدة تريد من العراق قبل لعب دور الوساطة السيطرة على الفصائل المسلحة الموالية لإيران والتي يمكن أن تكون إحدى أدوات النزاع العسكري فيما لو اندلع بين الطرفين». وأوضح الشمري أن «العراق يهمه لعب هذا الدور انطلاقا من مصالحه الخاصة خصوصا أنه طلب استثناءات لاستيراد الغاز والكهرباء من إيران وهو ما تتفهمه الإدارة الأميركية حتى الآن وبالتالي فإن مؤشرات الوساطة واردة لا سيما أن إيران من جانبها تبحث عمن ينقل رسائل إلى أميركا وبالتالي فإن عبد المهدي يمكن أن يكون مصدر ثقة لنقل هذه الرسائل بين الجانبين».
لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور خالد عبد الإله استبعد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إمكانية أن «يتمكن العراق من لعب دور الوساطة لعدم وجود العديد من مقومات هذه الوساطة وفي المقدمة منها البيئة المناسبة». وأضاف أن «الأميركيين لم يطلبوا من العراق لعب دور الوساطة ولا الإيرانيين لأن الطرفين يعرفان أن العراق لا يزال ضعيفا حتى يلعب مثل هذا الدور بين خصمين يرتبط مع كليهما بعلاقة لا يراها الآخر حيادية حتى يمكن أن يطمئن لوساطته»، مبينا أن «الوساطة في العلاقات الدولية تتطلب الاستقلالية في القرار السياسي وهي ليست متوفرة تماما في العراق كما أنها تتطلب الحيادية وهي الأخرى ليست متوفرة».
قلق عراقي من التصعيد الأميركي ـ الإيراني
دعوات لبغداد لتقوم بوساطة بين واشنطن وطهران
قلق عراقي من التصعيد الأميركي ـ الإيراني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة