باسيل يطرح خطة جديدة لإعادة النازحين بعد إقرار الموازنة

TT

باسيل يطرح خطة جديدة لإعادة النازحين بعد إقرار الموازنة

طرحت المواقف الأخيرة الصادرة عن الرئيس ميشال عون، التي لوّح فيها بالاتصال والتنسيق مع الحكومة السورية لإعادة النازحين في حال استمرار «لا مبالاة» المجتمع الدولي، جملة تساؤلات حول خلفية هذه المواقف، وماهية الخطوات التي قد يتخذها لبنان الرسمي لتسريع عودتهم، خصوصاً بعيد انتهاء وزير الخارجية جبران باسيل، من إعداد خطة جديدة سيعرضها على مجلس الوزراء بعد إقرار الموازنة.
وصارح عون مسؤولين غربيين، التقاهم أخيراً، بأن لبنان يتطلع لتغيير الموقف الأوروبي من عودة النازحين، «لئلا تشتد تداعيات هذا اللجوء على الأوضاع كافة في لبنان، ويجبر على اتخاذ خطوات لتنظيم العودة مع الحكومة السورية».
وقالت مصادر وزارية مطلعة على موقف عون، إنه «لم يترك باباً لم يطرقه لتسريع عودة النازحين، إن كان في رحلاته الخارجية، أو في الأمم المتحدة، أو في القمم العربية، ولكن للأسف لم يجد تجاوباً، لا بل وجد بالعكس معطيات دقيقة وتقارير تؤكد أن لا رغبة بالتجاوب من قبل المجتمع الدولي، وإن كانت بعض الدول متشددة في هذا المجال، وبعضها الآخر أقل تشدداً». وأشارت المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «عندما طُرحت المبادرة الروسية، سارع لبنان للترحيب بها، لكنها هي أيضاً تعرضت للعرقلة من قبل بعض الدول، ما يجعل ملف النزوح في لبنان مفتوحاً وعالقاً، فيما المعاناة تتضاعف يوماً بعد يوم، خصوصاً بعدما سُجل في الفترة الأخيرة دخول سوريين خلسة عبر المعابر غير الشرعية ما يؤدي لزيادة عددهم بدل تناقصه، وإن كانت مجموعات صغيرة غادرت عبر الرحلات المنظمة التي يشرف عليها الأمن العام، لكن الأعداد تبقى غير كافية». ولفتت المصادر إلى أنه «بعد اشتداد الأزمة الاقتصادية، وتنامي العجز نتيجة الوجود السوري بشكل أساسي، وتفاقم التداعيات الاقتصادية والأمنية والصحية والاجتماعية لهذا الوجود، جاءت مواقف الرئيس عون الأخيرة المذكرة بقدرتنا على الاتصال بالسوريين لتأمين العودة، للفت نظر المجتمع الدولي، وحثه على التحرك، على أن يتم تحديد أي خطوات أخرى، في حال عدم التجاوب واستمرار التآمر، بوقت لاحق».
وبعدما تكثّفت في الأشهر الماضية الرحلات المنظمة التي يشرف عليها الأمن العام اللبناني، الذي يتواصل مع الحكومة السورية، لضمان عودة مجموعات من النازحين بعد إذن مسبق من السلطات في دمشق، تراجعت الوتيرة في الأسابيع القليلة الماضية. إلا أن مصادر في الأمن العام أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن الآلية لا تزال معتمدة ومستمرة، وفي حال لحظ البعض تراجعاً في الوتيرة، فمرده إلى دخولنا شهر رمضان المبارك، مرجحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تتكثف الرحلات بعد عيد الفطر، وخلال فصل الصيف. وأشارت المصادر إلى أن نحو 200 ألف نازح سوري عادوا من لبنان إلى سوريا منذ عام 2017، سواء عبر الرحلات التي ينظمها الأمن العام، أو من خلال مبادرات فردية خاصة.
ومن المرتقب أن يعود الملف ليتحرك بجدية بعد إنجاز الموازنة، باعتبار أن الوزير باسيل يتحضر ليطرح على طاولة مجلس الوزراء خطة جديدة لإعادة النازحين، وهي خطة محدثة عن تلك التي تقدم بها في عام 2014، واعتمد مجلس الوزراء في ذلك الوقت بندين منها؛ الأول مرتبط بتسجيل الولادات، والثاني بضبط الحدود.
وحسب مستشارة وزير الخارجية والمغتربين لشؤون النازحين الدكتورة علا بطرس، فإن الخطة الجديدة تقوم على تحقيق العودة الآمنة والممرحلة، وفق خط زمني محدد، كما على أساس تقسيم النازحين إلى فئات، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن 3 أطراف أساسية ستكون معنية بتنفيذ الخطة، هي الحكومة اللبنانية المدعوة لتنفيذ القوانين، خصوصاً أن نحو 74 في المائة من النازحين لا يمتلكون إقامات قانونية، وقد بدأ العمل الجدي على حثّهم على تسوية أوضاعهم وإقفال المحال الذي افتتحها بعضهم، وهي غير مرخصة. وتشير بطرس إلى أن الطرف الثاني هو المجتمع الدولي المدعو لتحويل المساعدات التي يقدمها للنازحين في لبنان إلى أولئك الذين يعودون إلى سوريا، كما لتقديم المساعدات للمجتمعات اللبنانية المضيفة، لتنهض من جديد، أما الطرف الثالث فهو السلطات السورية التي ترى بطرس أنها تسهل العودة وتتعاون مع مساعي مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.