تركيا تتواصل مع روسيا حول التصعيد شمال غربي سوريا

TT

تركيا تتواصل مع روسيا حول التصعيد شمال غربي سوريا

كشفت مصادر دبلوماسية عن استمرار الاتصالات المكثفة على مستويات مختلفة بين وموسكو حول الوضع في إدلب وريفي حماة وحلب في ظل التصعيد المتواصل للنظام السوري مدعوما من روسيا وسط تقارير عن صفقة تركية روسية لمقايضة تل رفعت بمنطقة العمليات العسكرية الجارية في إدلب.
وقالت المصادر إن أنقرة تتمسك بوقف إطلاق النار، مقابل فتح الطرق الدولية التي جرى الاتفاق عليها خلال اتفاقية سوتشي، وأهمها طريقا إم 4 وإم 5 في أسرع وقت ممكن.
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن تركيا تشعر بقلق شديد من احتمال نشوء موجة نزوح ضخمة من إدلب التي يوجد بها 3.5 مليون مدني، وذلك بعد تقدم جيش النظام السوري في الأيام الماضية وسيطرته على مناطق كفرنبودة وقلعة المضيق وتل هواش والكركات والشيخ إدريس، وكذلك على بلدة الشريعة بسهل الغاب.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف مساء الأربعاء الماضي، وبعدها ذكرت موسكو على لسان نائب وزير الخارجية، سيرغي فيرشينين، أن العمليات العسكرية في إدلب تتم بالتنسيق مع أنقرة، التي تلتزم الصمت حيالها، حيث لم تعلن أي موقف تجاهها على الرغم من إصابة عدد من جنودها في قصف لجيش النظام على إحدى نقاط مراقبتها العسكرية في إدلب. وقال فيرشينين إن «تصرفات قوات الحكومة السورية والقوات الجوية الروسية في منطقة إدلب هي رد فعل على الهجمات الإرهابية».
وكانت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) استهدفت مرات عدة القاعدة الروسية في اللاذقية بصواريخ غراد والطائرات المسيرة.
وتزامنا مع الاتصال بين جاويش أوغلو ولافروف، أدخلت تركيا رتلا عسكريا ضم أكثر من 50 عربة عسكرية مدرعة، توزعت على نقاط المراقبة في تل العيس بريف حلب الجنوبي، وتل الطوقان والصرمان بريف إدلب الشرقي.
وتشير تقارير إلى أن العمليات في إدلب تجري بتنسيق بين موسكو وأنقرة، وهو ما يعززه الصمت التركي الكامل عن قصف النظام وموسكو ريفي حماة وإدلب وتقدّم قواتهما في المنطقة، وعدم تدخل نقاط المراقبة التركية في المنطقة القريبة من جبهات المعارك الجارية.
كما تحدثت التقارير عن اتفاق غير معلن بين تركيا وروسيا، يستعيد بموجبه النظام بدعم روسي مناطق في إدلب، وينفذ هجوما على الجماعات المتشددة التي فشلت أنقرة في احتوائها في إطار اتفاق سوتشي مع روسيا، في مقابل السماح لتركيا بالتمدد في تل رفعت، وانتزاعها من أيدي تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الذي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عموده الفقري.
وتقول مصادر إن تركيا طلبت مقايضة منطقة تل رفعت بريف حلب بالمنطقة المستهدفة بالعمليات العسكرية في إدلب وريفي حلب وحماة، بينما تتمسك موسكو باستعادة النظام محافظة إدلب بالكامل.
وترغب تركيا في السيطرة على تل رفعت لإبعاد الوحدات الكردية وفتح طريق غازي عنتاب – حلب الدولي، لكن النظام يخشى التهديد الذي يمثله وجود قوات تابعة لتركيا في تل رفعت القريبة من حلب ومن بلدتي نبل والزهراء، وهو ما ترفضه أيضا إيران، كون البلدتين تقطنهما غالبية شيعية وستكونان مهددتين من الفصائل المسلحة الموالية لتركيا إذا تمركزت في تل رفعت.
وكان فؤاد أوكطاي نائب الرئيس التركي، قال عقب تعرض قوات تركية في عفرين لقصف من داخل تل رفعت يوم السبت الماضي ما أدى إلى مقتل ضابط تركي وإصابة آخر، إن أنقرة تبحث مع موسكو وضع تل رفعت وتسيير دوريات عسكرية مشتركة هناك.
ويرجح خبراء أن النظام السوري يخطط للسيطرة على منطقة جنوب إدلب والريف الشمالي لمدينة حماة، وريف اللاذقية المحاذي لإدلب، لتحقيق أهداف استراتيجية تتعلق بطرق المواصلات الدولية البرية، والسيطرة على المنطقة العازلة منزوعة السلاح التي تم إنشاؤها بموجب اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا في سبتمبر (أيلول) الماضي، وطرد الجماعات المسلحة منها وتدمير قدراتها وتحصيناتها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».