بيونغ يانغ تُصعّد صاروخياً... لتعزيز موقفها التفاوضي

واشنطن حضّتها على تفكيك معسكرات السجون السياسية وتحرير نزلائها

كوريون جنوبيون يتابعون في سيول نشرة إخبارية حول تجربة صاروخية أشرف عليها كيم أمس (أ.ف.ب)
كوريون جنوبيون يتابعون في سيول نشرة إخبارية حول تجربة صاروخية أشرف عليها كيم أمس (أ.ف.ب)
TT

بيونغ يانغ تُصعّد صاروخياً... لتعزيز موقفها التفاوضي

كوريون جنوبيون يتابعون في سيول نشرة إخبارية حول تجربة صاروخية أشرف عليها كيم أمس (أ.ف.ب)
كوريون جنوبيون يتابعون في سيول نشرة إخبارية حول تجربة صاروخية أشرف عليها كيم أمس (أ.ف.ب)

بعد أشهر من الجمود في المفاوضات الأميركية - الكورية الشمالية، يبدو أن بيونغ يانغ قررت اعتماد استراتيجية التصعيد، مع إطلاقها صاروخين أمس في ثاني تجربة خلال أيام، في الوقت الذي انتقدت فيه واشنطن بحدة «معسكرات الاعتقال السياسي» تحت حكم كيم جونغ أون.
من جانبه، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس، أنه يدرس الوضع في كوريا الشمالية «بشكل جدي جداً». وقال لصحافيين: «كانت صواريخ صغيرة، صواريخ قصيرة المدى. لا أحد راضٍ عما حصل»، مضيفاً أن «العلاقة (مع كوريا الشمالية) مستمرة وسنرى. أعلم أنهم يريدون التفاوض، يتحدثون عن التفاوض، ولكنني لا أعتقد أنهم مستعدون للتفاوض».
وأكد الجيش الكوري الجنوبي، أمس، إطلاق كوريا الشمالية صاروخين تزامناً مع زيارة موفد أميركي لسيول. وجاءت عملية الإطلاق بعد قيام كوريا الشمالية، السبت، بتدريبات عسكرية وإطلاقها عدداً من القذائف، التي يعتقد أن واحداً منها على الأقل صاروخ قصير المدى، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
ولم تطلق كوريا الشمالية أي صاروخ منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2017. في أعقاب تقارب دبلوماسي سريع ساهم في تخفيف حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية، ومهّد لقمة تاريخية كانت الأولى بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والرئيس الأميركي دونالد ترمب. لكن قمتهما الثانية في فيتنام، والتي انعقدت في فبراير (شباط) الماضي، انتهت من دون اتفاق على وضع حد لبرنامج بيونغ يانغ النووي، مقابل تخفيف العقوبات، ولم تختتم ببيان مشترك، ما أثار استياء لدى كوريا الشمالية إزاء جمود المحادثات.
وجاءت عملية الإطلاق، أمس، بعد ساعات من وصول الموفد الأميركي الخاص حول كوريا الشمالية ستيفن بيغون، إلى سيول، مساء الأربعاء، لإجراء محادثات مع المسؤولين الكوريين الجنوبيين حول خطوات الحليفين بشأن بيونغ يانغ. وتعدّ زيارته هي الأولى منذ فشل قمة هانوي.
وقال الرئيس الكوري الجنوبي، مون جاي – إن؛ إنّ التصرف الأخير لبيونغ يانغ ينطوي على «احتجاج، وهو بمثابة ضغط لتوجيه المباحثات النووية في المنحى الذي تريده». وقال في مقابلة في الذكرى الثانية لتوليه السلطة: «يبدو أن الشمال مستاء بشدة من أن قمة هانوي انتهت دون اتفاق». وأضاف أنه «مهما كانت نوايا كوريا الشمالية، نحذّر من أنها قد تجعل المفاوضات أكثر صعوبة».
بدورها، قالت رئاسة الأركان المشتركة للجيش الكوري الجنوبي، في بيان، إن الشمال «أطلق صاروخين قصيري المدى كما يبدو» من إقليم شمال بيونغان، مضيفاً أنهما عبرا مسافة 270 و420 كيلومتراً. وأوضح أن الجيشين الكوري الجنوبي والأميركي يجريان تحليلات مشتركة. وكانت رئاسة الأركان قد أعلنت في وقت سابق أن عملية الإطلاق نُفّذت على ما يبدو من سينو - ري، بإقليم شمال بيونغان، على بعد 75 كلم شمال غربي بيونغ يانغ.
وقاعدة سينو - ري، من أقدم القواعد في كوريا الشمالية، وتضم وحدة مجهزة بصواريخ باليستية من طراز «نودونغ – 1» المتوسطة المدى، وفق مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
والتقى بيغون نظيره الكوري الجنوبي، لي دو - هون، على مائدة فطور، أمس، من دون كشف غالبية برنامجه.
ومن المقرر أن يلتقي الموفد الأميركي وزيري الخارجية والتوحيد الكوريين الجنوبيين، اليوم، فيما يناقش الحليفان الأمنيان خطواتهما تجاه بيونغ يانغ. وتنشر واشنطن 28500 جندي في الجنوب للدفاع عنها من الجارة الشمالية.
وقال الباحث لدى المعهد الكوري للتوحيد الوطني الحكومي، هونغ مين، إنه مع عملية الإطلاق الأخيرة «تبعث كوريا الشمالية برسالة واضحة، مفادها أنها لن ترضى بمساعدات إنسانية» تفكر سيول في إرسالها. وأضاف، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية: «هي تقول نريد ضمانات أمنية، مقابل عملية نزع السلاح النووي». وتابع: «ربما شعر كيم أنه بحاجة لإظهار موقف عسكري قوي لتهدئة الانتقادات، بعد تدريبات عسكرية مشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الشهر الماضي».
يشار إلى أن كلاً من بيونغ يانغ وسيول وواشنطن امتنعوا عن وصف عملية الإطلاق، السبت، بأنها لصاروخ، واستخدمت كوريا الجنوبية عبارة «قذيفة». في المقابل، قال مون إنه إذا ثبت أن صاروخ أمس كان صاروخاً باليستياً، ولو قصير المدى، فإنّ «هناك احتمالاً أن يكون ذلك مخالفاً لقرارات الأمم المتحدة».
وقال المراقبون إن بيونغ يانغ أطلقت صاروخاً قصير المدى على الأقل خلال تمارين، وذكر تقرير نشره موقع «38 – نورث» المتخصص أن الصاروخ «مطابق» لصاروخ «إسكندر» الروسي الصنع. وأورد الموقع أن «الحطام الذي خلّفته عملية الإطلاق في كوريا الشمالية مطابق تماماً لإطلاق صاروخ (إسكندر) أجرته روسيا». وأضاف أنه إذا كانت كوريا الشمالية قد استوردت صواريخ «إسكندر» من روسيا، فإن «لديها القدرة حالياً على إطلاق رؤوس حربية إلى أهداف في كوريا الجنوبية ببالغ الدقة».
وقال متحدث باسم وفد كوريا الشمالية إلى المحادثات العسكرية مع الجنوب، في وقت سابق أمس، إن «التمارين الروتينية» السبت أجريت ضمن المياه الإقليمية، مضيفاً أن «أجساماً متطايرة» لم تشكل تهديداً للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان. وقال في بيان نقلته وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية، إن التدريبات لم تشمل «إطلاق صاروخ متوسط وبعيد المدى وصاروخ باليستي عابر». كما أدان انتقاد سيول لعملية الإطلاق، وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية: «نحض سلطات الجيش الكوري الجنوبي على وقف الكلام الفارغ».
على صعيد متصل، دعت الولايات المتحدة كوريا الشمالية أمس إلى «تفكيك كل معسكرات الاعتقال السياسي»، والإفراج عن كل المعتقلين السياسيين، الذين قالت إن عددهم يتراوح بين 80 ألفاً و120 ألفاً، كما نقلت وكالة «رويترز».
وفي تصريحات أمام مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة في جنيف، دعا مارك كاسايري، القائم بالأعمال الأميركي، السلطات في كوريا الشمالية لأن تتيح للعاملين في مجال الإغاثة حرية الحركة في البلاد والوصول إلى المحتاجين. وكان مندوب كوريا الشمالية، هان تاي سونغ، قد قال في وقت سابق أمام المجلس، المؤلف من 47 عضواً إن «حق الناس في الحياة والحريات الأساسية مكفول بالكامل» في بلاده، لكن العقوبات تحول دون التمتع بها.



الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.