الانقلابيون حرموا تجاراً يمنيين من تصدير مليوني «سواك»

رمضان موسم ذهبي لبيعها

TT

الانقلابيون حرموا تجاراً يمنيين من تصدير مليوني «سواك»

مع دخول أول أيام شهر رمضان في اليمن تعاود الأعمال البسيطة الموسمية اللصيقة بالشهر الكريم، الظهور والانتشار في معظم أسواق وشوارع العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية الأخرى وهي تحمل آمالاً وتطلعات مزاوليها أن تكون مصدر رزق وفير يعولهم وأسرهم. ومن تلك الأعمال التي تشهد خلال رمضان انتعاشاً كبيراً بيع أعواد «السواك» نتيجة ارتباطها الوثيق بروحانية شهر رمضان الكريم.
ولأن الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية كان وبالاً على اليمن، فإن تجاراً وبائعين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» من داخل صنعاء، قالوا إن الانقلاب والأزمة التي تشهدها البلاد حرمت التجار من تصدير ما يربو على مليوني سواك، وهو رقم قد يكون زهيداً، لكنه «يفتح بيوتاً ويسهم في منع أسر من مغبة السؤال» كما يقول بائع فضّل عدم ذكر اسمه خشية استهدافه.
من جهة أخرى، يقول عصام ملهي، وهو بائع أعواد سواك، إنّه مع دخول رمضان يُقبل اليمنيون على اقتناء السواك بشكل كبير كون استعماله بالنسبة إليهم عادةً مستحبة ومكملة لروحانية رمضان بعكس بقية الأشهر التي يكون فيها الإقبال على شراء أعواد الأراك منخفضاً. ويضيف ملهي أنه في رمضان العام الماضي باع كمية كبيرة من أعواد السواك، متوقعاً أن يحقق نفس النسبة المرتفعة للمبيعات خلال رمضان الحالي. وتُباع «المساويك» من قبل باعة متجولين في شوارع المدن اليمنية أو في بسطات صغيرة إلى جانب مستلزمات وأدوات أخرى.
يقول (ص. ع)، وهو معلم من محافظة حجة ونازح بصنعاء، إنه اضطر بسبب انقطاع رواتبه إلى مزاولة مهن متعددة لإعالة أسرته آخرها مهنة بيع المساويك في الشهر الفضيل.
واليمن من أهم دول المنطقة بل والعالم التي تجود بشجرة «الأراك» المنتشرة في عدد من المناطق اليمنية الجبلية والصحراوية والساحلية.
ويتحدث أحد تجار سواك الأراك في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن رحلتهم الشاقة في البحث عن السواك وكيفية تجميعه وصولاً إلى تغليفه وبيعة، ويقول إن رحلتهم في استخراج المساويك تبدأ برفقة عمال متخصصين في استخراج أعواد الأراك من مناطق يمنية عدة تنتشر فيها هذا الشجرة كصنعاء وتهامة بالحديدة، وحضرموت ورداع بالبيضاء، ومناطق في لحج وأبين ووادي مور وبيحان وغيرها.
ويضيف: «يقوم العمال بنزع عروق شجرة الأراك البالغة من العمر ما بين عامين وثلاثة أعوام، ويكون فيها السواك إما جافاً أو أخضر». وحسب تاجر الأراك، يتقاضى العمال على نزع 100 عود مبالغ تتراوح بين 2500 و3500 ريال.
ويتابع حديثه بالقول: «إن شجرة الأراك لا تُزرع بل تخرج من تلقاء نفسها، حيث يكون عود الأراك طويلاً فيتم تقطيعه إلى ثلاث قطع ووضعه في أكياس بلاستيكية و(شوالات)، ومن ثم بيعه للبائعين المتجولين وبائعي البسطات فنبيعه بمبالغ تتراوح ما بين 8 آلاف و10 آلاف ريال يمني».
وفيما يتعلق بالتفرقة بين السواك الجيد من غير الجيد، يقول تاجر الجملة إن «السواك الأصلي له علامات سواء في الطعم أو الشكل أو اللون، فالسواك الأصلي يُعرف عندنا بأبو حنش حيث يكون مخططاً كشكل حنش، بينما غير الجيد يكون دون خطوط، وفي الطعم يكون طعم السواك الجيد حاراً وغير الجيد بارداً، ومن ناحية اللون يكون السواك الجيد ذا لون أبيض بينما غير الجيد ذا لون بنّي».
وفيما يتعلق بتصديره إلى خارج اليمن (الدول المجاورة) يشير التاجر إلى توقف تصدير المساويك إلى الدول المجاورة كالخليج والسعودية منذ 4 أعوام، ويؤكد تضررهم كتجار من توقف حركة التصدير خلال هذه الفترة.
ويضيف: «قبل 4 أعوام كنا نصدّر قرابة مليوني عود سواك كل عام إلى السعودية وكانت تجارة السواك توفر فرص عمل كثيرة لعدد من اليمنيين، في إشارة إلى انقطاع ذلك منذ دخول الميليشيات الحوثية صنعاء واستيلائها على السلطة بالقوة».
ويشير إلى أن الطلب الخارجي على السواك اليمني كان خلال تلك الفترة مرتفعاً على الرغم من أن شجرة الأراك منتشرة في تلك الدول لكنها ليست بنفس الجودة التي تتميز بها شجرة الأراك في اليمن.
ويختتم التاجر اليمني حديثه بالقول: «كنا حينها وبعد تغليفه نقوم بتصديره إلى السعودية من خلال تجار هناك هم من يقومون بتوزيعه وبيعه في مناطق المملكة والدول المجاورة لها».
على رصيف أحد شوارع العاصمة صنعاء يبيع صالح الخولاني (43 عاماً) أعواد السواك. وبعد أن انحنى ظهره قليلاً في الكد والعمل أحضر أحد أبنائه ليعلّمه أسرار مهنته قبل أن يخلو به الزمن ويبعده عن مهنته ورزق عائلته.
يحكي الخولاني وهو من قدامى بائعي السواك في صنعاء عن رحلته التي استغرقت قرابة النصف قرن، كان يجلب فيها المساويك من أماكن وجودها إلى العاصمة صنعاء، فيقول: «منذ كان عمري 5 سنوات وأنا أذهب مع والدي في رحلة بحث وحفر إلى عدد من الوديان خارج صنعاء كواديي (سهام وسردد» التي تكثر بها أشجار المساويك، وكنا الوحيدين الذين نصدّره إلى كثير من المناطق سواء داخل صنعاء أو خارجها».
ويضيف: «بعد أن كبرت خيّرني والدي إما الدخول في السلك الأمني وترك تجارة المساويك أو غض الطرق عنها وإما الاستمرار في مزاولة هذه المهنة، الأمر الذي جعلني في حيرة من أمري، وبعد التفكير أيقنت أن بيع المساويك أكثر ربحاً، وكذلك أجر من الله في إحياء سُنة نبيه محمد صلوات ربي وسلامه عليه».
وتقدر إحصائية صادرة عن منظمة يمنية وجود أكثر من 2500 عامل يمني يبيعون السواك في العاصمة صنعاء جلّهم من شريحة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 و18 عاماً.
ويترقب الطفل رمزي علي، دخول رمضان ليتمكن من بيع أعواد السواك لتدرّ عليه نهاية كل يوم أموال يعيل بها أسرته، ويستعد للتجول في شوارع وأحياء العاصمة نهار كل يوم من رمضان ليبيع حزم الأراك التي بحوزته. ويقول إنه يترقب الخير الوفير من هذا الشهر الفضيل.
ويتذكر بائع صغير آخر للمساويك أنه كان في رمضان الماضي يبيع قرابة 300 سواك في اليوم الواحد، وانخفضت هذه النسبة في أول يوم رمضاني هذا العام إلى قرابة 100 سواك.
ويبيع الطفل عبد الرحمن 16 عاماً، السواك الواحد بسعر ما بين 50 و100 ريال يمني. ويتمنى عبد الرحمن أن تكون الأيام الرمضانية القادمة أيام خير وبركة وأن ترتفع نسبه البيع فيها. وبدوره يرى بائع السواك المتجول نواف محسن (29 عاماً)، أنّه رغم استخدامه بيع المساويك كمهنة طوال العام فإنّ رمضان يعد شهراً استثنائياً من حيث زيادة أرباح مبيعاته التي تصل يومياً من 3 إلى 4 آلاف ريال يمني (أي أقل من 10 دولارات).
ويعتبر بائعو المساويك في اليمن، رمضان موسماً ذهبياً يسعون لاستغلاله والخروج منه بأوفر الحظ، ويزداد الطلب عليها فيه أكثر من غيره من الشهور، فتجدهم ينتشرون لعرض بضاعتهم في مناطق متفرقة من العاصمة كمنطقة حدة، والزبيري وبابي اليمن والسباح وعلى أبواب المساجد والمستشفيات والأسواق والمؤسسات الحكومية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».