الوفد المصري وصل إلى غزة لتطبيق التهدئة

تنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس» يبدأ الأسبوع المقبل... ومرحلة ثانية أوسع لاحقاً

TT

الوفد المصري وصل إلى غزة لتطبيق التهدئة

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن تطبيق المرحلة الأولى من تفاهمات وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة سيبدأ الأسبوع المقبل. وأضافت المصادر أن «إدخال الأموال وتوسيع مساحة الصيد ورفع القيود عن بضائع كانت ممنوعة سيتم في غضون الأسبوع المقبل، في مقابل كبح جماح المظاهرات في القطاع ووقف استخدام الأساليب الخشنة».
وأكدت المصادر أنه من أجل ضمان دفع الاتفاق إلى الأمام وصل الوفد الأمني المصري إلى القطاع أمس، وذلك بعد يوم واحد من مغادرة وفدي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» القاهرة. ونجحت مصر هذا الأسبوع في وضع اتفاق جديد لوقف النار موضع التنفيذ بعد مفاوضات صعبة شهدت انتكاسات في يومين من المواجهة التي خلفت 25 قتيلاً في قطاع غزة و4 إسرائيليين في مستوطنات وبلدات قريبة، وشهدت كذلك إطلاق أكثر من 600 صاروخ من غزة وضرب إسرائيل 350 هدفاً في القطاع.
واتخذ الاتفاق في حين كانت وفود «حماس» و«الجهاد» في مصر. وأصدرت حركة «حماس» بياناً توضيحياً أمس، قالت فيه إن رئيسها في قطاع غزة يحيى السنوار وعضو المكتب السياسي روحي مشتهى انتهيا من إجراء عدد من اللقاءات مع وزير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، وقيادة جهاز المخابرات العامة، وفي مقدمتها المباحثات الخاصة بوقف العدوان الإسرائيلي الأخير على الشعب الفلسطيني.
وأكدت «حماس» في بيان أن وفدها عبّر عن تمسك المقاومة بالدفاع عن الشعب الفلسطيني وردع العدوان وتطبيق تفاهمات كسر الحصار دون تلكؤ. كما تناولت اللقاءات سبل كسر الحصار نهائياً بما يضمن رفع المعاناة والظلم عن الشعب الفلسطيني.
وأكد الوفد خلال اللقاءات حرص الحركة وتمسكها الثابت والأكيد باستعادة الوحدة ورص الصفوف لمواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالقضية ومشاريع التصفية، وعلى رأسها «صفقة ترمب»، كما بحث الطرفان العلاقات الثنائية بين الحركة ومصر، والتي أكد خلالها وفد الحركة أهمية ومحورية الدور المصري في القضية الفلسطينية. وعاد الوفد المصري والتقى بالسنوار مجدداً أمس فور دخوله إلى غزة.
وقالت المصادر إن الوفد المصري وصل إلى غزة من أجل ضمان تطبيق الاتفاق بما يشمل «إدخال الأموال إلى قطاع غزة ورفع القيود على استيراد الكثير من البضائع إلى قطاع غزة التي كانت توصف ببضائع مزدوجة (نحو 30 في المائة منها) وزيادة التصدير وتوسيع مساحة الصيد إلى 15 ميلاً في قواطع بحرية و12 في قواطع أخرى، وإدخال الوقود الذي تموله قطر لتشغيل محطة توليد الكهرباء في القطاع».
ووصل الوفد المصري قبل يوم من استئناف مظاهرات مسيرات العودة يوم الجمعة. ورفضت الفصائل وقف هذه المظاهرات، لكنها تعهدت بإبقاء المسيرات سلمية مقابل أن تتوقف إسرائيل عن إطلاق الرصاص على المتظاهرين. ويفترض أن تنطلق كذلك مظاهرات أضخم يوم الأربعاء المقبل بدعوة من الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار في الذكرى السنوية الـ71 لإحياء ذكرى النكبة الفلسطينية، في مخيمات العودة الخمسة بمحافظات قطاع غزة.
ودعا القيادي بالجبهة الشعبية ماهر مزهر إلى أوسع مشاركة اليوم في جمعة «موحدون في مواجهة الصفقة»، وإلى أوسع مشاركة في مظاهرات الأربعاء لإيصال الرسالة اللازمة حول التمسك بحق العودة.
لكن مزهر ناشد الجماهير الحفاظ على سلمية المسيرة بطابعها الشعبي والجماهيري، في إشارة إلى قرار لدى الفصائل بإعطاء إسرائيل فرصة رغم تأخر تحويل الأموال القطرية.
في الوقت ذاته، اقتحم مستوطنون أمس المسجد الأقصى استجابة لدعوات أطلقتها منظمات يهودية متطرفة «للاحتفال» بذكرى تأسيس إسرائيل. واستغل المستوطنون الفترة المسموح للأجانب فيها بزيارة المسجد، واقتحموا المكان تحت حراسة إسرائيلية مشددة.
وقال مسؤول العلاقات العامة والإعلام بدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس فراس الدبس، إن 137 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى المبارك من باب المغاربة «بحراسة معززة من عناصر الوحدات الخاصة بشرطة الاحتلال». وأضاف: «نفذ المستوطنون جولات استفزازية في المسجد الأقصى قبل مغادرته من جهة باب السلسلة، علما بأن عددا كبيرا من المواطنين يوجد في المسجد المبارك للتعبّد برحابه الطاهرة».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.