تبادل القصف الجوي في معارك طرابلس... والسراج يواصل البحث عن دعم خارجي

«الجيش الوطني» يؤكد استسلام عشرات المقاتلين في صفوف قوات «الوفاق»

دخان كثيف وسط منطقة عين زارة خلال مواجهات بين الجيش الليبي وقوات موالية لحكومة السراج (رويترز)
دخان كثيف وسط منطقة عين زارة خلال مواجهات بين الجيش الليبي وقوات موالية لحكومة السراج (رويترز)
TT

تبادل القصف الجوي في معارك طرابلس... والسراج يواصل البحث عن دعم خارجي

دخان كثيف وسط منطقة عين زارة خلال مواجهات بين الجيش الليبي وقوات موالية لحكومة السراج (رويترز)
دخان كثيف وسط منطقة عين زارة خلال مواجهات بين الجيش الليبي وقوات موالية لحكومة السراج (رويترز)

واصل فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» الليبية، جولته المكوكية في بعض العواصم الأوروبية، حيث أجرى أمس محادثات في فرنسا، عقب زيارته إلى إيطاليا وألمانيا لحشد الدعم لقواته في مواجهة المحاولات المستمرة لقوات «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر لانتزاع السيطرة على العاصمة طرابلس.
وفى شهرها الثاني على التوالي، لا تزال المعارك بين الطرفين تراوح مكانها، خاصة في الضواحي الجنوبية للعاصمة، وسط تبادل للقصف الجوي، ومعارك كر وفر لكنها لا تمنح الأفضلية لقوات الجانبين.
واندلعت أمس اشتباكات عنيفة في محوري المطار والطويشة، فيما أكد سكان محليون تصاعد الدخان من محيط مطار طرابلس الدولي بسبب القتال. وزعمت القوة الوطنية المتحركة، الموالية لحكومة السراج، أنها حققت أمس ما وصفته بتقدم كبير باتجاه المطار وجزيرة قصر بن غشير، مشيرة إلى أنها سيطرت على أغلب تمركزات قوات الجيش الوطني بعد تقهقرها. لكن قوات الجيش نفت هذه الأنباء، وقالت في المقابل إنها ما زالت تحافظ على مواقعها في المدنية، مشيرة إلى استسلام عشرات المقاتلين في صفوف قوات السراج إليها، منذ مساء أول من أمس.
من جهتها، قالت غرفة عمليات القوات الجوية، التابعة لمجموعة عمليات (الكرامة) بالمنطقة الغربية، إن سلاح الجو التابع للجيش «دمر عبر غارات عدة أهداف... وكل الإصابات كانت مباشرة ودقيقة، وكل الطائرات عادت إلى قواعدها سالمة». وطبقا لأحدث إحصائية قدمها أمس بيان مقتضب لمكتب منظمة الصحة العالمية في ليبيا، فقد قتل 443 شخصاً وجرح 2110، جراء أعمال العنف في طرابلس. بينما قارب عدد النازحين 60 ألفا.
إلى ذلك، وقبل ساعات من وصوله إلى باريس، ذكر مسؤول فرنسي أن السراج سيلتقي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس. وقال لوكالة «رويترز» إن «فرنسا تدعم السراج. نحن نعارض هجوم حفتر... والقضية ليست البحث عن كبش فداء، ولكن معرفة ما ينبغي فعله في هذا الوضع المعقد». مبرزا أن باريس وروما وبرلين ولندن قامت بالتنسيق هذا الأسبوع بشأن ترتيب زيارات للسراج إلى أنحاء أوروبا، وذلك في إطار جهود تستهدف التحدث بصوت واحد قصد إيجاد حل للأزمة، بما في ذلك وقف إطلاق النار.
ووفقا لما أعلنه قصر الإليزيه فإن لقاء ماكرون والسراج تمحور حول الحديث عن الانتقادات، التي تصفها باريس بـ«غير المقبولة والتي لا أساس لها»، بشأن دعم تقدّمه فرنسا لحفتر. وقالت الرئاسة الفرنسية إنّ اللقاء يمثّل فرصة للحديث عن «مستجدات الوضع الأمني والعسكري» بشأن الهجوم، الذي أطلقه حفتر على طرابلس في الرابع من الشهر الماضي، معتبرة أنّه في الوقت الذي يشهد فيه «الوضع الميداني نوعاً من الجمود... سنرى إذا كان السيّد السراج يقترح مبادرات لوضع حد للصراع».
وأوضحت الرئاسة الفرنسية أنّ الاتهام «القائل بأنّ باريس كانت ضدّ الحكومة الليبية ومؤيدة لحفتر، تبدو لنا غير مقبولة البتة، وجائرة بالنظر إلى كل الجهود، التي قامت بها فرنسا لدعم حكومة السراج والمسار السياسي قبل عامين، وهو غير مسؤول تماماً».
وأعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان، تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه، أن الرئيس إيمانويل ماكرون «أكد مجدداً» أمس «دعم» فرنسا لرئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج. وأضاف بيان للرئاسة إثر اجتماع ماكرون والسراج بباريس أن الرئيس الفرنسي «حض» على وقف إطلاق النار «بلا شروط» في المعارك الدائرة منذ الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، عندما شن المشير خليفة حفتر هجوماً للسيطرة على طرابلس. مقترحاً «أن يتم تحديد خط وقف إطلاق النار بإشراف دولي، لتحديد إطاره بدقة».
وتابع بيان الرئاسة الفرنسية «أن الجانبين اتفقا على أهمية توسيع الحوار، وتعميقه مع مجمل مكونات الأمة الليبية في الشرق والجنوب والغرب، بما في ذلك المجتمع المدني».
وشدد لقاء باريس خصوصاً على توضيح انتقادات طرابلس، التي تعتبرها باريس «غير مقبولة ولا أساس لها» بشأن دعم مفترض لحملة حفتر، كما أوضحت الرئاسة.
أما بشأن وقف إطلاق النار، فإن حكومة السراج رفضت حتى الآن أي اتفاق قبل انسحاب قوات المشير حفتر إلى المواقع التي كانت فيها قبل الهجوم.
إلى ذلك، نفت عملية «صوفيا»، التابعة للاتحاد الأوروبي قبالة السواحل الليبية، أي علاقة لها بالطيار البرتغالي المرتزق، الذي أسقطت قوات الجيش الوطني طائرته أول من أمس، إذ قال المكتب الصحافي للعملية إنه لم يسبق لها العمل بطائرات ميراج، وبأنها كانت تعمل فقط في المياه الدولية.
وكان الجيش الوطني قد أعلن إسقاط مقاتلة تابعة لحكومة السراج، على بعد نحو 70 كلم جنوب طرابلس. لكن العقيد محمد قنونو، المتحدث باسم قوات السراج، نفى ذلك، وقال إن الإعلام التابع للجيش الوطني «يسعى للتشويش على الجولة الأوروبية للسراج».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.