ثلاثون قرناً من تاريخ العالم العربي من منظور غربي

مجلد في أكثر من ستمائة صفحة أصدرته مطبعة جامعة {ييل} الأميركية

تيم ماكينتوش ـ سميث مؤلف الكتاب
تيم ماكينتوش ـ سميث مؤلف الكتاب
TT

ثلاثون قرناً من تاريخ العالم العربي من منظور غربي

تيم ماكينتوش ـ سميث مؤلف الكتاب
تيم ماكينتوش ـ سميث مؤلف الكتاب

ثلاثون قرنا من تاريخ العالم العربي يضمها مجلد كبير في أكثر من ستمائة صفحة صدر في مطلع هذا العام عن مطبعة جامعة ييل الأميركية تحت عنوان «العرب: تاريخ ثلاثة آلاف سنة من الشعوب والقبائل والإمبراطوريات» من تأليف تيم ماكينتوش –سميث
Tim Mackintosh –Smith، Arabs: A 3. 000 Year History of Peoples، Tribes and Empires، Yale University Press، 2019.
والمؤلف مؤرخ وروائي وكاتب في أدب الرحلات له كتاب عن اليمن (1997) وأكثر من كتاب عن رحلات ابن بطوطة ومترجم كتابين في أدب الرحلات لأبي زيد السيرافي وابن فضلان (بالاشتراك مع جيمز مونتجومري) وله تحت الطبع ترجمة إلى اللغة الإنجليزية لكتاب عبد اللطيف البغدادي في وصف مصر «كتاب الإفادة والاعتبار» وغير ذلك من الأعمال التي تجعل مؤلفها واحدا من أهم المستعربين الأكاديميين في يومنا هذا أو هو كما يدعو نفسه «ما بعد - مستشرق» زميل بـ«الجمعية الآسيوية الملكية» عاش في العالم العربي أكثر من ثلاثة عقود.
يستعرض الكتاب تاريخ العالم العربي منذ أول نقش يذكر العرب وهو نقش آشوري يرجع إلى عام 853 ق.م. مرورا بالإمبراطوريات الآشورية والرومانية والفارسية والبيزنطية والعثمانية والبريطانية والأميركية. ويفيد الكتاب من أعمال المؤرخين والجغرافيين العرب مثل ابن خلدون وابن خلكان وابن بطوطة والمسعودي وياقوت الحموي وابن جبير والإدريسي، فضلا عن كتاب ألبير حوراني «تاريخ الشعوب العربية» وكتاب أدونيس «الثابت والمتحول». إنه يغطي نشأة العرب والثورة الروحية التي جاء بها الإسلام والعصر الأموي ثم العصر العباسي ويقظة الوعي القومي في العصر الحديث وصولا إلى ثورات الربيع العربي.
ويبرز الكتاب عمق إسهام العرب في الحضارة الإنسانية شرقا وغربا ففي القرن التاسع الميلادي مثلا شرع البيزنطيون والصينيون في محاكاة اللباس العربي. وفي عام 774 سك الملك الإنجليزي أوفا عملات على نسق عملات العباسيين، وفي ثلاثينات القرن الثاني عشر كانت الثقافة العربية غالبة على بلاط روجر الثاني ملك صقلية. وفي القرن الثاني عشر عرفت الثقافة العربية طريقها إلى أوروبا من خلال صقلية وجنوب إيطاليا. وبمجيء القرن الرابع عشر كان الحرف العربي مستخدما في كثير من بلدان أفريقيا وآسيا. وفي الأندلس أقام العرب حضارة باذخة فاضت أنوارها – شعرا وفلسفة وأساليب عيش - على الغرب الأوروبي.
ويتألف الكتاب من كلمة تمهيدية عنوانها «العجلة والساعة الرملية» فمقدمة عنوانها «جمع الكلمة» ففترات تاريخية يخلع عليها المؤلف العناوين التالية: «الانبثاق 900 ق.م - 600 م»، «الثورة 600 - 630»، «الغلبة 630 - 900»، «الاضمحلال 900 - 1350»، «الخسوف 1350 - 1800»، «إعادة الانبثاق 1800 - الآن»، فكلمة لاحقة عنوانها «في محطة التاريخ»، فلائحة تسلسل زمني أو جدول تقويمي، فهوامش. وينتهي الكتاب بببليوجرافيا ضافية عربية وإنجليزية وفرنسية.
وعند المؤلف أن أقوى عوامل توحيد العالم العربي - الذي يشكل سكانه خمس تعداد العالم - هو اللغة: اللغة العربية الفصحى التي يصفها المؤلف بأنها «غنية، غريبة، حاذقة على نحو مستخف، منومة على نحو دمث، مقنعة على نحو سحري، صعبة على نحو يصيب المرء بالجنون». إنها لغة الشعراء والوعاظ والخطباء والمؤلفين. وأهم من هذا كله: لغة القرآن الكريم. وثمة قول من القرن التاسع الميلادي - بل أقدم - يقول إن الحكمة تجمعت في ثلاثة: عقول الإغريق، وأيدي الصينيين، وألسنة العرب.
ومما يبعث على البهجة أن نرى باحثا غربيا عميق الاطلاع على تراث الأدب العربي نثرا ونظما مثل هذا الباحث. إنه يورد مثلا قول أمرئ القيس في معلقته يصف شعر محبوبته على نحو يعجز أبرع «كوافير» عصري من زماننا على أن يأتي بمثله «غدائره مستشزرات إلى العلا- تضل العقاص في مثنى ومرسل») وقصيدة أبي تمام احتفالا بفتح المعتصم لعمورية («السيف أصدق أنباء من الكتب»)، وأبيات والي خراسان يحذر الأمويين «أرى بين الرماد وميض نار- ويوشك أن يكون لها ضرام» فضلا عن رسالة الغفران للمعري، وشعر نزار قباني. وثمة مقارنات بارعة بين التراثين العربي والغربي (يقارن المؤلف بين موسيقى شعر أبي تمام وموسيقى تشايكوفسكي، ويشبه مقامات الحريري في ألاعيبها اللفظية البهلوانية برواية جيمز جويس الأخيرة «مأتم فينجان»).
هذا كتاب ينم عن علم غزير وبحث دائب وبصيرة ثاقبة في كثير من الأمور ولكنه يظل في نهاية المطاف نتاج منظور غربي غريب عن الثقافة العربية مهما بذل من جهد لفهمها ومقاربتها والتعاطف معها. لهذا ينبغي - مع وجوب انتفاعنا بما يقول - أن نتناول ما يقوله عن بعض الموضوعات –مثل تعليله عدم تحقق الوحدة العربية حتى يومنا هذا - بشيء من الحذر أو بحفنة من الملح كما يقول التعبير الإنجليزي، ذاكرين دائما ما قاله إدوارد سعيد في كتابه العلامة «الاستشراق» عن استحالة الموضوعية الكاملة في كتابات الغربيين عن العرب واختلاط البحث العلمي المنزه عن الغرض باعتبارات أخرى، مهما سعى الباحث الغربي إلى التزام الحيدة ومراعاة الإنصاف واطراح المفاهيم المسبقة جانبا.



«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»

«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»
TT

«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»

«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»

عن دار «الكرمة» بالقاهرة، صدرت رواية «أبريل الساحر» للكاتبة البريطانية إليزابيث فون أرنيم، التي وُصفت من جانب كبريات الصحف العالمية بأنها «نص مخادع وذكي وكوميدي». ومنذ صدورها عام 1922 تحولت إلى أحد أكثر الكتب مبيعاً واقتُبست للمسرح والإذاعة والسينما مرات عديدة.

تتناول الرواية التي قامت بترجمتها إيناس التركي قصة 4 نساء بريطانيات مختلفات تماماً هربن من كآبة لندن بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى إلى قلعة إيطالية ساحرة في الريفيرا الإيطالية ليقضين إجازة الربيع. وبعد أن تهدهن روح البحر الأبيض المتوسط يتغيرن تدريجياً ويكتشفن الانسجام الذي تاقت إليه كل منهن، ولكن لم يعرفنه قط.

وتجيب الرواية بشكل مقنع عن السؤال الأبدي حول كيفية تحقيق السعادة في الحياة من خلال مفارقات الصداقة بين النساء والتمكين والحب المتجدد والعشق غير المتوقع. وصفتها صحيفة «الديلي تلغراف» بأنها «على مستوى ما، قد تُعد الرواية هروباً من الواقع، ولكن على مستوى آخر فهي مثال لتحرر الروح»، بينما رأت صحيفة «ميل أون صنداي» أنها تتضمن «وصفاً حسياً حالماً لأمجاد الربيع الإيطالي».

وتُعد إليزابيث فون أرنيم (1866-1941) إحدى أبرز الكاتبات الإنجليزيات واسمها الحقيقي ماري أنيت بوشامب، وهي ابنة عم الكاتبة كاثرين مانسيفيلد. ولدت في أستراليا لعائلة ثرية وتزوجت أرستقراطياً ألمانياً حفيداً للملك فريدرش فيلهلم الأول، ملك بروسيا، واستقرت مع زوجها في عزبة عائلته في بوميرانيا حيث ربيا 5 أطفال.

بعد وفاة زوجها كانت على علاقة عاطفية مع الكاتب المعروف هـ. ج. ويلز لمدة 3 سنوات، لكنها تزوجت بعدها فرانك راسل الأخ الأكبر للفيلسوف الحائز جائزة نوبل برتراند راسل لمدة 3 سنوات ثم انفصلا. وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية انتقلت للإقامة في الولايات المتحدة حتى توفيت. زواجها الأول جعل لقبها «الكونتيسة فون أرنيم شلاجنتين»، أما زواجها الثاني فجعل اسمها إليزابيث راسل.

نشرت روايتها الأولى باسم مستعار ولكن مع النجاح الكبير لكتبها استخدمت اسم «إليزابيث فون أرنيم». أصدرت أكثر من 20 كتاباً وتُعد روايتها «أبريل الساحر» التي نُشرت عام 1922 من أكثر الكتب مبيعاً في كل من إنجلترا والولايات المتحدة ومن أحب أعمالها إلى القراء وأكثرها شهرة.

ومن أجواء الرواية نقرأ:

«بدأ الأمر في نادٍ نسائي في لندن بعد ظهيرة أحد أيام فبراير، نادٍ غير مريح وبعد ظهيرة بائسة عندما أتت السيدة ويلكنز من هامبستيد للتسوق وتناولت الغداء في ناديها. التقطت صحيفة (التايمز) من على الطاولة في غرفة التدخين وجرت بعينيها الخاملتين أسفل عمود مشكلات القراء ورأت الآتي:

(إلى أولئك الذين يقدرون الشمس المشرقة، قلعة إيطالية صغيرة من العصور الوسطى على شواطئ البحر الأبيض المتوسط للإيجار، مفروشة لشهر أبريل (نيسان) سوف يبقى الخدم الضروريون).

كانت هذه بداية الفكرة، ومع ذلك كما هو الحال بالنسبة إلى عديد من الأشخاص الآخرين، لم تكن صاحبتها على دراية بذلك في تلك اللحظة.

لم تكن السيدة ويلكنز مدركة قط أن كيفية قضائها شهر أبريل في ذلك العام قد تقررت في التو والحال إلى درجة أنها أسقطت الصحيفة بحركة غلب عليها الانزعاج والاستسلام في الوقت نفسه، وتوجهت نحو النافذة وحدقت في كآبة الشارع الذي تقطر به الأمطار».