وفاة شارون بعد ثماني سنوات من الغيبوبة

عاش حياته مثيراً للجدل

آرييل شارون (إ.ب.أ)
آرييل شارون (إ.ب.أ)
TT

وفاة شارون بعد ثماني سنوات من الغيبوبة

آرييل شارون (إ.ب.أ)
آرييل شارون (إ.ب.أ)

أعلنت إسرائيل رسميا، أمس، وفاة رئيس وزرائها الأسبق آرييل شارون في مستشفى «شيبا» الطبي في تل هشومير قرب تل أبيب، عن عمر يناهز 86 عاما، بعد ثماني سنوات من دخوله في غيبوبة كاملة، بسبب سكتة دماغية.
وأعلن مركز شيبا وفاة شارون الذي شهدت حالته تدهورا كبيرا في الأسبوعين الأخيرين، إذ بدأت أعضاؤه بالتوقف عن العمل تدريجيا. وقال البروفسور شلومو نوي في مؤتمر صحافي إن «مركز شيبا الطبي في تل هاشومير يعلن بحزن وفاة رئيس الوزراء الأسبق آرييل شارون».
وقال المستشفى إنه رغم الجهود الكثيفة لوقف تدهور حالته، فإن شارون توفي بعد ظهر أمس عند نحو الساعة 12:00 ت غ.
وصرح جلعاد نجل شارون للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي من مستشفى شيبا حيث يرقد والده «لقد رحل عندما قرر أن يرحل».
ووصف قادة الدولة العبرية شارون الذي يعرف بـ«البلدوزر»، بأنه «رجل شجاع وقوي وغير معالم المنطقة عبر انتصاره في حروب مختلفة». بينما وصفه الفلسطينيون بالمجرم القاتل والسفاح، بسبب ارتكابه مجازر ومذابح كثيرة في لبنان وفلسطين.
ونعى بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، شارون وعبر عن أسفه العميق لوفاته. وقال في بيان: «دولة إسرائيل تحني رأسها إثر رحيل رئيس الوزراء الأسبق آرييل شارون. لقد لعب آرييل شارون دورا بارزا في الكفاح من أجل أمن دولة إسرائيل طوال سنواتها. وكان فوق أي شيء آخر محاربا شجاعا وقائدا عسكريا عظيما وضمن أعظم القادة في جش الدفاع الإسرائيلي».
وأَضاف: «خدم شارون الشعب الإسرائيلي في ميدان المعركة منذ شبابه. وخدم جنديا إبان حرب الاستقلال عام 1948 وقائدا في عملية سيناء عام 1956 وفي حرب الأيام الستة عام 1967 وحتى دوره الحاسم في المعركة في قناة السويس التي أدت إلى نقطة التحول في حرب يوم الغفران عام 1973».
وعانى شارون في الـ48 ساعة الأخيرة من تسمم في الدم، وقصور في عمل الكلى، بحسب مدير مركز «شيبا» الطبي، البروفيسور زيئيف روتشتين، الذي تحدث عن تدهور بالغ سبق وفاته.
وكان شارون أصيب بجلطة دماغية خفيفة عام 2005، وفي الرابع من يناير (كانون الثاني) 2006 أصيب بجلطة دماغية ثانية ما أدى إلى دخوله في غيبوبة تامة، فنُقل إلى مستشفى «هداسا عين كارم» في القدس، ودخل في غيبوبة طويلة، قبل أن ينقل في 2010، إلى مزرعة «هشكيم» في النقب، سعيًا لخلق بيئة طبية داعمة له في بيته، ثم أعيد إلى مستشفى «شيبا» في تل هشومير حتى توفي.
ولم تعلن الحكومة الإسرائيلية، تفاصيل عن جنازة شارون. ومن المقرر أن تجتمع اليوم (الأحد) لجنة وزارية لوضع الترتيبات الأخيرة لجنازته الرسمية التي سيدعى إليها زعماء من العالم.
ومن المقرر أن تترأس وزيرة الثقافة ليمور ليفنات، بصفتها رئيسة اللجنة الوزارية لشؤون الرموز والطقوس، جلسة اليوم لتحديد موعد وترتيبات مراسم تشييع جثمان شارون. ويعتقد أن جنازته ستقام في القدس، وأغلب الظن أنه سيدفن في النقب إلى جانب زوجته ليلي، بحسب وصيته الخاصة.
وطلب شارون في وصيته بأن تقام جنازته في القدس، وأن يدفن في مزرعة اشتراها في 1972 وسمّاها «حفات هشيكيم» بالعبرية، (مزرعة الجميز)، وهناك دفنت زوجته الأولى.
وفي غضون ذلك، قال الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، في بيان نعي، إن شارون «جندي باسل وسياسي جريء ساهم كثيرا من أجل ضمان أمن إسرائيل وتقوية أسسها، لقد أحب إسرائيل وأحبته».
بينما قال وزير الاستخبارات يوفال شتاينيتز في بيان «إنه شخص عزيز وزعيم كبير ومحارب باسل».واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون شارون «قائدا عسكريا استثنائيا، لقد أعجبت دائما به رغم الخلافات الشخصية بيننا».
ولم تعقب السلطة الفلسطينية فورا على وفاة شارون، لكن القيادي البارز في حركة فتح جبريل الرجوب، وأحد مساعدي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وصف شارون بـ«المجرم». وقال: «إنه مجرم بحق شعبنا، وقاتل ومسؤول عن قتل الرئيس الراحل ياسر عرفات».
وبدورها، قالت حركة حماس إن وفاة شارون «عبرة لكل الطغاة». وعد الناطق باسم حماس سامي أبو زهري وفاته، بـ«آية من آيات الله وعبرة لكل الطغاة». وقال في تصريح مكتوب، «شعبنا الفلسطيني يعيش لحظات تاريخية برحيل هذا المجرم الذي تلطخت يداه بدماء شعبنا وقياداته ونحن أكثر ثقة بنصر الله في ظل رحيل هؤلاء الطواغيت».
وفي غضون ذلك، قدم الرئيس الأميركي باراك أوباما تعازيه إلى الإسرائيليين وأسرة شارون، وعدّ أنه «زعيم كرس حياته لدولة إسرائيل».
وقال أوباما في بيان مقتضب: «نجدد التزامنا الراسخ بالحفاظ على أمن إسرائيل، وتمسكنا بالصداقة الدائمة بين بلدينا وشعبينا». وأضاف الرئيس الأميركي: «ما زلنا متمسكين بالسلام الدائم والأمن لشعب إسرائيل، عبر التزامنا بتحقيق هدف قيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن».
ويتعارض هذا البيان الرئاسي المقتضب مع البيان الحار الذي أصدره وزير الخارجية جون كيري. وقال كيري في بيانه الطويل: «إن مشوار آرييل شارون هو نفسه مشوار إسرائيل (...) إن حلم إسرائيل كان مبرر حياته، وقد خاض كل المخاطر من أجل تحقيق هذا الحلم».
من جانبه، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بـ«الشجاعة السياسية»، التي تحلى بها شارون، حين أمر بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، ودعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الاقتداء بـ«براغماتيته».
ونعى زعماء أوروبيون شارون، وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: «كان آرييل شارون وطنيا إسرائيليا أسدى خدمة جليلة لبلاده». وأضافت: «بقراره الشجاع بسحب المستوطنين الإسرائيليين من قطاع غزة، اتخذ خطوة تاريخية نحو المصالحة مع الفلسطينيين وحل الدولتين».
بينما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن شارون كان «واحدا من أهم الشخصيات في التاريخ الإسرائيلي، وكرئيس للوزراء اتخذ قرارات شجاعة ومثيرة للجدل سعيا للسلام».
كما قدم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي تعازيهما، وذكرا الدور «الرئيس» الذي لعبه شارون.

هذا وقد عاش رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون طيلة حياته مثيرا للجدل والتصقت باسمه الكثير من المذابح بحق الفلسطينيين.
وكانت له مزرعة في النقب يربي فيها الأبقار والمواشي، ويشرف شخصيا عليها ويعتقد أنه سيدفن هناك إلى جانب زوجته الثانية ليلي التي كان تزوجها بعد وفاة زوجته الأولى في حادث سيارة عام 1962.
ولد شارون أو إريك شاينرمان المثير للجدل في 26 فبراير (شباط)، 1928 في كفار ملال في إسرائيل، ووالداه من اليهود «الأشكناز» الذين هاجروا من شرقي أوروبا.
شارك منذ طفولته الأولى في مهمّات حراسة البلدة، وتعلّم استخدام السلاح. وتبنّى اسم «شارون» بنصيحة من رئيس الحكومة الأول، دافيد بن غوريون، الذي أعجبته مواهب شارون الحربيّة، لكنّه حذّر من ميله إلى عدم قول الصواب.
انخرط في صفوف منظمة الهاجاناه عام 1942 وكان عمره آنذاك 14 سنة. وشارك في معارك 1948 وأصيب إصابة خطرة، وادّعى لاحقا أن الإصابة والمعركة كان لهما أثر كبير في صياغة حياته.
انتقل للعمل في الجيش الإسرائيلي عقب تأسيس دولة إسرائيل. وشارك في معركة القدس ضد الجيش الأردني عام 1948 وضد الجيش المصري.
عام 1953 طُلب منه إنشاء «الوحدة 101»، التي كانت مسؤولة عن ملاحقة الفدائيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وأضحت لاحقا أول وحدة كوماندوز في الجيش الإسرائيلي.
أشرف شارون في حرب 1967، على كتيبة قاتلت الجيش المصري، وأجبرته على التراجع جنوبا. وحظي شارون بمديح كبير بسبب المعارك التي أدارها في أم كتف وأبو عجيلة، ويقول الجيش الإسرائيلي إنه أحد أنجح معاركه على الإطلاق.
في عام 1969، عُيّن قائدا لمنطقة الجنوب، وأمر بإدخال قوّات عسكريّة ووحدات نخبة إلى قطاع غزة وإلى سيناء، واتهمه اليسار الإسرائيلي آنذاك باستخدام قوة مفرطة لا داعي لها.
في عام 1973 شارك في تأسيس حزب الليكود الإسرائيلي، ثم حصل على مقعد في الكنيست بين 1973 و1974.
اعتبر في إسرائيل بطل حرب 1973 مع مصر، بعدما نفذ عملية «ثغرة الدفرسوار»، مخالفا الأوامر وتعليمات قيادة الجيش، وكان لها الأثر في الالتفاف على الجيش المصري.
عمل شارون كمستشار أمني لرئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين ثم شغل منصب وزير الزراعة بين الأعوام 1977 إلى 1981. وفي فترة رئاسة مناحيم بيغن للحكومة الإسرائيلية، عمل شارون كوزير للدفاع.
في عام 1982 وخلال توليه تلك الوزارة، اجتاح بيروت وارتكبت الميليشيات المتحالفة مع إسرائيل وتعاونت مع قوات الجيش الإسرائيلي مذبحة مروعة في صبرا وشاتيلا، فطالبت المعارضة الإسرائيلية بإقامة لجنة تحقيق في دور الحكومة الإسرائيلية في تنفيذ المجزرة.
اضطر سنة 1983 إلى الاستقالة من منصب وزير الدفاع بعد أن قررت اللجنة الإسرائيلية القضائية الخاصة للتحقيق في مذبحة صبرا وشاتيلا أنه لم يفعل ما يكفي للحيلولة دون المذبحة.
في فترة حكومة إسحاق رابين، عارض شارون بوضوح مسار أوسلو، الذي رأى فيه خطرا فادحا على أمن إسرائيل.
عام 1998، عُيّن شارون وزيرا للخارجية، وشارك مع بنيامين نتنياهو في بلورة بنود اتّفاقية واي ريفر، بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
في 28 سبتمبر (أيلول) 2000، قام شارون بزيارة الحرم الشريف بالقدس، وأدت الزيارة إلى اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمصلين الفلسطينيين الذين تظاهروا ضدها، فاندلعت انتفاضة الأقصى التي استمرت أربع سنوات تقريبا.
تولى رئاسة الوزارة في 2001 عقب تسلمه رئاسة حزب الليكود بعد بنيامين نتنياهو، واستطاع التغلب على إيهود باراك في الانتخابات التشريعية ليقود حكومة يمين ليكودية مارست سياسة اغتيالات عنيفة ضد أبرز القيادات الفلسطينية التي تعتبرها إسرائيل إرهابية، كما باشر بناء الجدار الفاصل لفصل أراضي إسرائيل عن الضفة الغربية وقطاع غزة.
في 2002، احتل الضفة وحاصر الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
في نفس العام، بدأ شارون بإنشاء جدار الفصل الذي يفصل بين إسرائيل والضفة، رغم أنه عارضه لسنوات طويلة، لكونه دعم طيلة حياته بحماس فكرة أرض إسرائيل الكاملة.
في 2004 بادر شارون بخطة فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية من قطاع غزة.
انشق عن «الليكود» وأقام حزب كديما في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2005 بصحبة 13 عضو كنيست من «الليكود»، وذلك على خلفية رغبته في الانفصال من غزة الأمر الذي أدى إلى تمرد في صفوف الحزب ضده والدعوة إلى الإطاحة به، وفاز بالانتخابات، رئيسا للوزراء مرة ثانية.
وفي يناير (كانون الثاني) 2006 غط في غيبوبة بعد جلطة دماغية، ونُقل بداية إلى مستشفى هداسا عين كارم في القدس، وفي نوفمبر 2010، نُقل بطلب من أفراد أسرته إلى مزرعته في النقب، لفترات قصيرة، سعيا لإنتاج بيئة طبية داعمة له، لكن في نهاية المطاف تقررت إعادته إلى مركز شيبا، حتى توفي أمس.



تايلاند تعلن حظر التجول في إقليم حدودي بعد اتساع رقعة القتال مع كمبوديا

فريق الإنقاذ التايلاندي ينقل جثة إلى سيارة بعد قصف مدفعي كمبودي في مقاطعة سيسكيت اليوم (أ.ب)
فريق الإنقاذ التايلاندي ينقل جثة إلى سيارة بعد قصف مدفعي كمبودي في مقاطعة سيسكيت اليوم (أ.ب)
TT

تايلاند تعلن حظر التجول في إقليم حدودي بعد اتساع رقعة القتال مع كمبوديا

فريق الإنقاذ التايلاندي ينقل جثة إلى سيارة بعد قصف مدفعي كمبودي في مقاطعة سيسكيت اليوم (أ.ب)
فريق الإنقاذ التايلاندي ينقل جثة إلى سيارة بعد قصف مدفعي كمبودي في مقاطعة سيسكيت اليوم (أ.ب)

أعلنت تايلاند حظر تجول في إقليم ترات بجنوب شرقي البلاد، اليوم (الأحد)، مع امتداد القتال مع كمبوديا إلى الأماكن الساحلية في منطقة حدودية متنازع عليها، وذلك بعد يومين من تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن الجانبين اتفقا على وقف القتال.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع التايلاندية، الأميرال سوراسانت كونجسيري، في مؤتمر صحافي في بانكوك بعد إعلان حظر التجول: «بشكل عام، هناك اشتباكات مستمرة» منذ أن أكدت كمبوديا مجدداً انفتاحها على وقف إطلاق النار، أمس (السبت)، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف أن تايلاند منفتحة على حل دبلوماسي، ولكن «على كمبوديا أن توقف العداء أولاً قبل أن نتمكن من التفاوض».

وفي السياق، تَواصَل القتال في الصراع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، حيث أبلغ الجانبان عن هجمات على طول الجبهة على الرغم من جهود الوساطة الدولية.

سكان نازحون في مخيم مؤقت بمقاطعة بانتي مينتشي الكمبودية (أ.ف.ب)

ولم يدخل وقف إطلاق النار الذي حثَّ عليه رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، مساء السبت، حيز التنفيذ بعد. وكتب وزير الخارجية التايلاندي سيهاساك بوانجكيتكيو، على منصة «إكس» في وقت متأخر من يوم السبت: «أعيد تأكيد التزام تايلاند الثابت بالسلام. لكن يجب أن يكون السلام حقيقياً ومستداماً ومبنياً على أفعال تحترم الاتفاقيات، وليس مجرد كلمات جوفاء».

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قد أعلن يوم الجمعة، بعد مكالمات هاتفية مع رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت، ورئيس الوزراء التايلاندي أنوتين تشارنفيراكون، أن الزعيمين اتفقا على وقف جميع الأعمال العدائية «بدءاً من مساء هذا اليوم». ولم تؤكد تايلاند ولا كمبوديا الاتفاق، وقال أنوتين، السبت، إن تايلاند لم توافق على وقف إطلاق النار مع جارتها. وتجدَّد النزاع الحدودي الذي طال أمده مرة أخرى قبل أسبوع. وأعلنت تايلاند مقتل 15 جندياً وإصابة نحو 270، بينما لم تصدر كمبوديا أرقاماً رسمية للضحايا العسكريين، لكنها قالت إن 11 مدنياً قُتلوا وأُصيب 59. ويقول كلا الجانبين إن القتال أدى إلى نزوح أكثر من 600 ألف شخص على طول الحدود التي يبلغ طولها نحو 800 كيلومتر. ولا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل. ويرتبط العنف المتجدد بنزاع عمره عقود بين الجارتين الواقعتين في جنوب شرقي آسيا حول مطالبات إقليمية. ويتهم كل جانب الآخر بانتهاك وقف إطلاق النار المتفق عليه سابقاً على طول الحدود. وكان البلدان قد اتفقا بالفعل على وقف لإطلاق النار في يوليو (تموز) بعد قتال عنيف. وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، وقَّعا إعلاناً مشتركاً في ماليزيا بحضور ترمب، وحدَّد خطوات نحو سلام دائم. ومع ذلك، في نوفمبر (تشرين الثاني)، تم تعليق وقف إطلاق النار المتفق عليه بعد حادث جديد على الحدود.


المجلس العسكري ببورما ينفي قتل مدنيين في غارة على مستشفى

مباني المستشفى المتضرر في ولاية راخين (أ.ب)
مباني المستشفى المتضرر في ولاية راخين (أ.ب)
TT

المجلس العسكري ببورما ينفي قتل مدنيين في غارة على مستشفى

مباني المستشفى المتضرر في ولاية راخين (أ.ب)
مباني المستشفى المتضرر في ولاية راخين (أ.ب)

نفى المجلس العسكري الحاكم في بورما (ميانمار)، اليوم (السبت)، قتل مدنيين في غارة جوية على مستشفى أودت بحياة 30 شخصاً.

واستهدفت طائرة عسكرية في وقت متأخر الأربعاء، مستشفى مروك يو العام في ولاية راخين الغربية المتاخمة لبنغلاديش، وفقاً لعاملَين في مجال الإغاثة.

وأفاد تقرير نشرته صحيفة «غلوبال نيو لايت أوف ميانمار» الحكومية، بأنّ «القتلى أو الجرحى لم يكونوا مدنيين؛ بل كانوا إرهابيين وداعمين لهم».

وبحسب مراقبين للنزاع، يكثّف المجلس العسكري الحاكم غاراته الجوية عاماً بعد آخر، منذ بدء الحرب الأهلية في البلاد التي أعقبت استيلاءه على السلطة في انقلاب قام به في عام 2021، وأنهى الحكم الديمقراطي الذي استمر عقداً من الزمن.

والخميس، دعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق، مشيرة إلى أنّ الهجوم يشكّل جريمة حرب.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الخميس، على منصة «إكس»، إنّ عاملين في مجال الرعاية الصحية ومرضى قُتلوا، «وتعرّضت البنى التحتية للمستشفى لأضرار بالغة، حيث دمرت غرف العمليات وجناح المرضى الرئيسي تماماً».

وراخين هي ولاية يسيطر عليها بشكل شبه كامل «جيش أراكان»، وهو قوة انفصالية من الأقليات العرقية، نشأت قبل فترة طويلة من إقدام الجيش على إسقاط الحكومة المدنية التي كانت ترأسها أونغ سان سو تشي.

وقالت القوة الانفصالية في بيان، إنّ 33 شخصاً قُتلوا وأصيب 76 بجروح في الغارة.

أما المجلس العسكري فأكد أنّه «قام بالإجراءات الأمنية اللازمة، وشنّ عملية لمكافحة الإرهاب في 10 ديسمبر (كانون الأول)، على مبانٍ يستخدمها قاعدةً جيش أراكان وقوات الدفاع الشعبية».

وكانت قوات الدفاع الشعبية انتفضت لمعارضة الانقلاب العسكري الذي حصل قبل 4 سنوات.


العمليات العسكرية تتواصل بين تايلاند وكمبوديا خلافاً لإعلان ترمب وقف القتال

أطفال يرفعون أيديهم خلال تلقي مساعدات في بلدة كمبودية نزحوا إليها من مناطق حدودية تشهد اشتباكات بين القوات الكمبودية والقوات التايلاندية (أ.ب)
أطفال يرفعون أيديهم خلال تلقي مساعدات في بلدة كمبودية نزحوا إليها من مناطق حدودية تشهد اشتباكات بين القوات الكمبودية والقوات التايلاندية (أ.ب)
TT

العمليات العسكرية تتواصل بين تايلاند وكمبوديا خلافاً لإعلان ترمب وقف القتال

أطفال يرفعون أيديهم خلال تلقي مساعدات في بلدة كمبودية نزحوا إليها من مناطق حدودية تشهد اشتباكات بين القوات الكمبودية والقوات التايلاندية (أ.ب)
أطفال يرفعون أيديهم خلال تلقي مساعدات في بلدة كمبودية نزحوا إليها من مناطق حدودية تشهد اشتباكات بين القوات الكمبودية والقوات التايلاندية (أ.ب)

أعلنت تايلاند، اليوم السبت، أنها ستواصل عملياتها العسكرية ضد كمبوديا، رغم تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن البلدين الجارين في جنوب شرقي آسيا توصلا إلى اتفاق على وقف القتال بعدما أجرى اتصالات هاتفية بهما.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع التايلاندية سوراسانت كونغسيري في مؤتمر صحافي إنّ «أربعة جنود قضوا في اشتباكات وقعت في منطقة تشونغ آن ما»، موضحا أنّ عدد القتلى وصل إلى 14 جنديا منذ بدء المعارك الاثنين.

من جهته، قال رئيس الوزراء التايلاندي أنوتين تشارنفيراكول عبر «فيسبوك»: «ستواصل تايلاند عملياتها العسكرية إلى أن نتخلص من أي ضرر أو تهديد لأرضنا، وشعبنا». وأضاف: «أفعالنا هذا الصباح كانت كافية للتعبير عن موقفنا».

وتوجه رئيس الوزراء ووزير الداخلية تشارنفيراكول اليوم إلى منطقة نونغ فوك في إقليم روي إيت، في شمال شرق تايلاند لرئاسة مراسم حرق جثامين جنود تايلانديين قتلوا في الاشتباكات. وقبل مغادرته العاصمة بانكوك، سأله الصحافيون هل تضمنت المكالمة الهاتفية مع ترمب، أمس الجمعة، أي اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، فأجاب: «لم نناقش ذلك. لم يكن هناك أي اتفاق من أي نوع. إنه ببساطة تبادل للمستجدات».

في السياق، قال وزير خارجية تايلاند، سيهاساك فوانغكيتكيو إن بعض تصريحات ترمب «لا تعكس فهما دقيقا للوضع». وأضاف: «أعرب عن أسفنا وخيبة أملنا من أن بعض النقاط الصادرة عن الرئيس ترمب أثرت على مشاعر الشعب التايلاندي وعلى تايلاند، لأننانعتبر أنفسنا-بل ونفتخر- بأننا أقدم حليف للولايات المتحدة في المنطقة».

دخان يتصاعد بعد سقوط قذيفة مدفعية في مقاطعة بورسات الكمبودية قرب الحدود مع تايلاند (أ.ف.ب)

من جانبها، أفادت وزارة الدفاع الكمبودية عبر منصة «إكس» بأن «القوات المسلحة التايلاندية استخدمت طائرتين مقاتلتين من طراز إف-16 لإسقاط سبع قنابل» على أهداف عدة.

وفي ضوء التطورات الميدانية، أعلنت وزارة الداخلية الكمبودية في بيان أن «الحكومة الملكية في كمبوديا قررت تعليق كل عمليات الدخول والخروج في جميع المعابر الحدودية بين كمبوديا وتايلاند، اعتبارا من الآن حتى إشعار آخر».

وبعد اندلاع أعمال عنف أولى في يوليو (تموز)، أسفرت اشتباكات حدودية هذا الأسبوع بين الدولتين العضوين في رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصاً، وأجبرت مئات الآلاف من الأشخاص على الفرار في كلا الاتجاهين.

ويأتي إعلان استمرار الأعمال العسكرية بعد ساعات فقط من تأكيد ترمب أن بانكوك وبنوم بنه اللتين تتنازعان على أراضٍ منذ عقود قد اتفقتا على وقف إطلاق النار.

وكان ترمب قد أعلن على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» أنه أجرى «محادثة ممتازة هذا الصباح مع رئيس وزراء تايلاند أنوتين تشارنفيراكول، ورئيس وزراء كمبوديا هون مانيه، بشأن استئناف الحرب طويلة الأمد بينهما، وهو أمر مؤسف للغاية. وقد اتفقا على وقف إطلاق النار تماماً ابتداء من هذه الليلة (الجمعة)، والعودة إلى اتفاق السلام الأصلي الذي تم التوصل إليه معي، ومعهما، بمساعدة رئيس وزراء ماليزيا العظيم، أنور إبراهيم».

أفراد من الشرطة في إحدى قرى مقاطعة بوريرام التايلاندية يحفظون الأمن بعد نزوح معظم الأهالي هرباً من الاشتباكات (أ.ب)

وفي وقت سابق، قال أنوتين بعد اتصاله بترمب الجمعة: «لا بدّ من إبلاغ العالم أن كمبوديا ستمتثل لأحكام وقف إطلاق النار».

وأضاف أنوتين الذي حلّ البرلمان التايلاندي الجمعة ممهداً الطريق لإجراء انتخابات مطلع عام 2026: «يجب على من انتهك الاتفاق أن يحلّ الموقف، لا من تحمّل العواقب».

وصرح نظيره الكمبودي هون مانيه، السبت، في رسالة نُشرت على «فيسبوك»: «لطالما التزمت كمبوديا بالوسائل السلمية لحل النزاعات». وأضاف أنه اقترح على الولايات المتحدة وماليزيا استخدام قدراتهما الاستخباراتية «للتحقق من الطرف الذي بدأ إطلاق النار أولاً» في 7 ديسمبر (كانون الأول).

وفي يوليو، أسفرت موجة عنف أولى عن مقتل 43 شخصاً في خمسة أيام، وأجبرت نحو 300 ألف شخص على النزوح، قبل التوصل إلى وقف إطلاق النار بوساطة من الولايات المتحدة، والصين، وماليزيا التي تتولى الرئاسة الدورية لرابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان).

تايلانديون ينتظرون الحصول على طعام في مركز إيواء بمقاطعة بوريرام بعد نزوحهم من بلدات وقرى حدودية (أ.ف.ب)

وتتنازع تايلاند وكمبوديا على السيادة على أجزاء من أراضيهما تضم معابد عائدة إلى إمبراطورية الخمير على طول حدودهما التي رُسمت في أوائل القرن العشرين خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية. وقد وقّع البلدان اتفاقاً لوقف إطلاق النار في 26 أكتوبر (تشرين الأول) برعاية دونالد ترمب. لكن بانكوك علّقت الاتفاق بعد أسابيع قليلة إثر انفجار لغم أرضي أسفر عن إصابة عدد من جنودها.