قضاة لبنان يعتكفون رفضاً لاقتطاع جزء من مكاسبهم المالية

الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد وعدد من القضاة (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد وعدد من القضاة (دالاتي ونهرا)
TT

قضاة لبنان يعتكفون رفضاً لاقتطاع جزء من مكاسبهم المالية

الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد وعدد من القضاة (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد وعدد من القضاة (دالاتي ونهرا)

تسود الأوساط القضائية في لبنان حالة من الغضب رداً على مشروع الموازنة العامة، الذي يتضمّن بنوداً تقتطع من المكتسبات المالية للقضاة والتقديمات الصحية والتعليمية لهم ولأسرهم، ويرافق ذلك تباين في الرؤى بين «نادي قضاة لبنان» الذي دعا القضاة إلى الاعتكاف عن عقد جلسات المحاكمة والتحقيق إلى أن تتراجع الحكومة عن هذا القرار، وبين مجلس القضاء الأعلى الذي حضّ القضاة على الالتزام بعملهم، ومعالجة مطالبهم بعيداً عن التصعيد.
وعلى وقع هذا التباين، يعقد قضاة لبنان اجتماعاً، بقصر العدل في بيروت عند العاشرة من صباح اليوم (الأربعاء)، «للتباحث واتخاذ القرارات المناسبة التي تصون استقلالية القضاء بشكل عام والقاضي بشكل خاص»، في ضوء ما سموه «الاعتداء المستمر والمتمادي على أمن القضاة الاجتماعي وحقوقهم المعنوية والمادية». وعلمت «الشرق الأوسط» أن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد سيحضر الاجتماع القضائي الموسّع اليوم، وسيطلع القضاة على الاتصالات التي أجراها بالقيادات السياسية، ونتائج لقائه مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وأكد مصدر مقرّب من مجلس القضاء الأعلى، لـ«الشرق الأوسط»، أن «مجلس القضاء لا يزال يتمنّى على القضاة القيام بمهامهم على أكمل وجه، انطلاقاً من دور القضاء المؤتمن على حقوق الناس». وشدد على أن المجلس «لن يقف مكتوف اليدين حيال أي انتقاض من حقوق القضاة، وأن الأجواء التي لمسها القاضي فهد من المسؤولين إيجابية».
وسيخصص القضاة اجتماع اليوم لتقييم الخطوات التي اتخذتها الحكومة في جلستها التي انعقدت أمس، وما إذا كانت تراجعت عن قرار حسم بعض الامتيازات المعطاة للقضاة، على أن يتخذ القرار بالاستمرار في الاعتكاف أو تعليقه. وأكد أحد أعضاء نادي القضاة لـ«الشرق الأوسط» أن «الاعتكاف التحذيري الذي بدأ يوم الجمعة الماضي كان ناجحاً والتزم به معظم القضاة، لكن القرار استثنى الجلسات التي يحاكم فيها موقوفون، والبت بطلبات إخلاء سبيل الموقوفين». وقال: «سندرس مقترحات الحكومة التي أعدتها في مشروع الموازنة قبل إرسالها إلى المجلس النيابي، ونتخذ القرار المناسب بشأنها».
ولم يخف المصدر القضائي وجود «تباين في وجهات النظر بين نادي القضاة ومجلس القضاء الأعلى، حول أسباب وكيفية الدفاع عن حقوق القضاة»، عادّاً أن «تحرّك نادي القضاة هو لتحصيل حقوق القضاة؛ بمن فيهم مجلس القضاء الأعلى الممثل الوحيد للسلطة القضائية»، لافتاً إلى أن «الالتزام بقرار الاعتكاف كان كاملاً، وهو أوصل رسالة إلى الحكومة بأن حقوق السلطة القضائية لا يمكن هضمها أو الانتقاص منها».
وأبرز ما يتضمّنه مشروع الموازنة، اقتطاع 10 في المائة من مساهمة الخزينة بصندوق تعاضد القضاة البالغ 10 مليارات ليرة سنوياً (7 ملايين دولار أميركي)، وحسم جزء من المساعدات الطبية وعائدات الأدوية والمساهمة التعليمية، التي يستفيد منها 560 قاضياً، ونحو 1200 مساعد قضائي.
ويعدّ هذا الاعتكاف الثالث في تاريخ القضاء؛ إذ سبقه تحركان مماثلان حصلا عامي 2017 و2018، بسبب قرارات اتخذتها الحكومة بينها إلغاء صندوق تعاضد القضاة والمساعدين القضائيين برمته، ولم تتوقف تلك التحركات إلا بعد تراجع الحكومة عن هذا القرار. وعدّ المصدر القضائي أن «المس بصندوق تعاضد القضاة هو مس بالأمن الاجتماعي للقضاة، خصوصاً أن الصندوق يموّل نفسه بنفسه من رسوم الدعاوى القضائية»، مذكراً بأن «المرفق العدلي (القضاء) يؤمن موارد هائلة لخزينة الدولة، وهو ثاني مورد بعد الجمارك، وتتقدم على عائدات قطاع الاتصالات، خصوصاً مع ارتفاع عدد الدعاوى بنسبة كبيرة»، مؤكداً أن «القاضي يجب أن يكون مرتاحاً، ولديه صفاء ذهني، ليكون قادراً على إنصاف الناس والمتقاضين».
وكان وفد قضائي برئاسة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد ضم ممثلين عن القضاء العدلي والإداري والمالي، زار رئيس الجمهورية ميشال عون، وعرض معه ملاحظات الجسم القضائي على مشروع موازنة 2019، لا سيما لجهة تضمينه اقتطاع نسبة 10 في المائة من مساهمة الدولة السنوية في صندوق تعاضد القضاة، إضافة إلى بنود أخرى عدّ الوفد أنها «تمس الضمانات المالية للقضاة، ومنها ما يتعلق بمداخيل صندوق تعاضد القضاة، وما يمس بالتعويضات التي يتقاضاها بعض القضاة لقاء أعمال تتصف بالإضافية، وكذلك واردات الصندوق من غرامات السير». وأكد الرئيس عون على «استقلالية السلطة القضائية بالنسبة إلى سائر السلطات، ووجوب التنسيق المسبق معها فيما يعني حقوق القضاة». ولفت إلى أن «صندوق تعاضد القضاة يخضع لوصاية وزير العدل الإدارية، ومساهمة الدولة هي جزء من مداخيله والجزء الآخر من الأحكام القضائية».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.