قد لا يبدو غريباً تحريك الأسطول الأميركي قطعاً بحرية في منطقة الشرق الأوسط. لكن الجديد في نشر حاملة الطائرات الأميركية «أبراهام لينكولن» وقوة قاذفات في المنطقة، في خضم التوتر بين واشنطن وطهران على خلفية تشديد العقوبات على الأخيرة، هو إعلان مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في بيان سياسي أن حاملة الطائرات ستدافع عن «أميركا وحلفائها» ضد «إيران ووكلائها».
هناك ساحات عدة لاحتمال التصعيد بين واشنطن وطهران، لكن هل يمكن أن يكون شرق الفرات «بريد رسائل» بين الطرفين بعد وصول الأسطول الأميركي، خصوصاً أن بولتون أعلن أن أحد أسباب البقاء العسكري في سوريا هو مواجهة نفوذ إيران، وهو نجح في إقناع الرئيس دونالد ترمب بتغيير رأيه في القيام بـ«انسحاب كامل وسريع» من سوريا؟
قرار نشر «أبراهام لينكولن» أعلن في بداية الشهر وتزامن تنفيذه مع الذكرى السنوية الأولى لقرار الرئيس ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران. لكن بولتون، وهو ثالث شخص يتسلم منصب مستشار الأمن القومي بعد مايكل فلين وهربرت ماكماستر، اختار إصدار بيان باسم البيت الأبيض كي يبعث بـ«رسالة واضحة لا لبس فيها إلى النظام الإيراني: سنردّ بلا هوادة على أي هجوم ضدّ مصالح الولايات المتحدة أو حلفائنا... سواء تمّ شنّه بالوكالة أو من جانب (الحرس الثوري) أو من القوات النظامية الإيرانية».
وانضم وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان ووزير الخارجية مايك بومبيو إلى التحذير من «تهديد جاد من قوات النظام الإيراني» بعد رصد «تصعيد» من طرف طهران وحلفائها في المنطقة.
سلسلة ضغوط
وجاء نشر الأسطول بعد سلسلة من الضغوط مارستها إدارة الرئيس ترمب على طهران، شملت:
- الانسحاب من الاتفاق النووي مقابل بقاء الدول الأوروبية وروسيا والصين فيه.
- وضع قائمة من 12 طلباً تضمنت شروط أميركا على إيران لـ«تغيير سلوكها» في الشرق الأوسط.
- حظر استيراد النفط الإيراني، ثم «تصفير صادرات النفط» في بداية هذا الشهر بوقف الاستثناءات التي كانت ممنوحة لثماني دول؛ بينها الصين والهند وتركيا.
- تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني تنظيماً إرهابياً.
- ممارسة ضغوط وعقوبات على شبكات إيرانية لها علاقة بنفوذ إيران في الشرق الأوسط.
أين تنتشر أميركا؟
- لأميركا وحلفائها نحو 2500 جندي أميركي وفرنسي وبريطاني وقواعد عسكرية ثابتة ومتحركة شرق نهر الفرات وفي قاعدة التنف شمال شرقي سوريا.
- 5200 جندي وعنصر من «الوحدات الخاصة» في العراق.
- 14 ألف جندي ضمن التحالف في أفغانستان.
- قواعد عسكرية برية وبحرية في الخليج وتركيا والبحر المتوسط.
استهدافات سابقة
- تتهم واشنطن طهران و«وكلاءها» بالمسؤولية عن مقتل 600 أميركي بين 2003 و2011.
- في مايو (أيار) الماضي قصفت قوات التحالف بقيادة أميركا قافلة تابعة لإيران كانت متجهة إلى قاعدة التنف شرق سوريا.
- تتهم واشنطن تنظيمات تدعمها طهران بالمسؤولية عن استهداف القنصلية الأميركية في البصرة جنوب العراق في سبتمبر (أيلول) الماضي.
- أسر «الحرس الثوري» 10 جنود أميركيين في الخليج في 2016.
- تتهم واشنطن الإيرانيين باستخدام طائرات «درون» لاستهداف قطع بحرية أميركية في الخليج ودول مجاورة لليمن.
مصادر التهديد الإيراني
- تضم سوريا نحو 60 ألف عنصر سوري وغير سوري مدعومين من إيران، ينتشر بعضهم على الطرف الغربي من نهر الفرات، فيما تقيم قوات التحالف الدولي بقيادة أميركا شرق النهر. وتسيطر تنظيمات إيران على مدن البوكمال والميادين ودير الزور غرب النهر.
- سحبت إيران من قواتها جنوب سوريا على بعد 85 كيلومتراً من خط الفصل مع إسرائيل بوساطة روسية، لكنها لا تزال موجودة في وسط سوريا وشمالها الشرقي والغربي. وشنت إسرائيل غارات عدة على مواقع إيرانية في سوريا.
- أفيد في الأيام الماضية بتعزيز إيران سيطرتها على مناطق غرب الفرات وفي مدينة البوكمال وسط أنباء عن فتح معبر الحدود بين العراق وسوريا. كما أنها عززت وجودها على البحر المتوسط بحصولها على إدارة مرفأ اللاذقية قرب القاعدة الروسية في اللاذقية وقبالة انتشار البحرية الأميركية في المتوسط.
- تعتقد واشنطن أنها قطعت خط إمداد طهران - بغداد - دمشق - بيروت، لدى سيطرتها على منطقة التنف.
- أعلنت واشنطن بقاءها شرق سوريا وتفاوض الأوروبيين لتعزيز وجودها. أحد الأسباب المعلنة هو «تقليص نفوذ إيران» والضغط عليها للانسحاب من سوريا.
- تنتشر في العراق تنظيمات تدعهما إيران، إضافة إلى وجود متعدد الجوانب لإيران في العراق.
- تقيم إيران علاقات تحالف مع حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة، حيث شهدت الفترة الأخيرة تصعيداً انتهى بتجديد مصري للتهدئة.
- لوحت إيران خصوصاً في الفترة الأخيرة بعد قرار «تصفير صادرات النفط الإيراني» بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه 18.5 مليون برميل نفط يومياً.
- تدعم إيران الحوثيين في اليمن بالعتاد وصواريخ باليستية وطائرات «درون».
- تقدم الدعم العسكري والمالي لـ«حزب الله».
لا تزال هناك أسئلة بشأن نوعية المعلومات التي حركت قرار واشنطن، ومدى أهميتها، وكيف تختلف «تهديدات إيران ووكلائها» ضد «أميركا وحلفائها» عن المخاوف المعتادة بشأن الأنشطة العسكرية الإيرانية في المنطقة، لكن لا شك في أن خطوة ترمب تزيد الضغوط على إيران من قبل إدارة تضم بولتون وبومبيو المعروفين بالتشدد ضد «سلوك إيران»، مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية الأميركية العام المقبل.