واشنطن تحاصر النظام الفنزويلي وعينها على كوبا

هافانا تعتبر استمرار نظام مادورو «مسألة حيوية»

فنزويليون يحيون ذكرى ضحايا العنف في المظاهرات في كراكاس أمس (رويترز)
فنزويليون يحيون ذكرى ضحايا العنف في المظاهرات في كراكاس أمس (رويترز)
TT

واشنطن تحاصر النظام الفنزويلي وعينها على كوبا

فنزويليون يحيون ذكرى ضحايا العنف في المظاهرات في كراكاس أمس (رويترز)
فنزويليون يحيون ذكرى ضحايا العنف في المظاهرات في كراكاس أمس (رويترز)

هل أصبحت فنزويلا كوبا الجديدة في الحرب الباردة المستعرة بين الولايات المتحدة وروسيا؟ وهل معركة إسقاط نظام نيكولاس مادورو أو الدفاع عنه مجرّد واجهة لصراع أميركي - روسي متجدد حول مواقع النفوذ؟ كل الدلائل التي حملتها تطورات الأزمة الفنزويلية منذ مطلع العام الجاري، وبخاصة في الأيام الأخيرة مع اقترابها من اندلاع حرب أهلية يصعب جداً التكهّن بمآلها، تشير إلى ذلك، فيما يرتفع منسوب التوتّر بين موسكو وواشنطن على وقع الاتهامات المتبادلة والتهديدات والتدخّل في الشؤون الوطنية وتدبير المكائد مع القيادات العسكرية.
إنها نسخة جديدة من خصومة مألوفة لدى القوّتين العظميين في إطار الحرب الباردة، وضعت العالم على شفا حرب نووية مطلع الستينات من القرن الماضي. الحكومة الروسية تدعم نظام الرئيس نيكولاس مادورو وتمدّه بالمساعدة لوقف الانهيار الاقتصادي الذي تسببت فيه سوء إدارته، والإدارة الأميركية تدعم الرئيس المكلّف خوان غوايدو في مسعاه لإزاحة مادورو وتضيّق الخناق على النظام بمقاطعة النفط الفنزويلي والتلويح بالتدخّل العسكري المباشر. في غضون ذلك، يرزح الفنزويليّون تحت وطأة أسوأ أزمة إنسانية شهدتها القارة الأميركية في العصر الحديث.
ليس مستغرباً أن تكون أبلغ تعابير القلق الأميركي من الوجود الروسي في أميركا اللاتينية هي التي تتردّد على لسان مستشار الأمن القومي جون بولتون، أحد صقور الإدارة الأميركية، الذي أكّد أن كل الخيارات بما فيها العسكرية، مطروحة لإسقاط نظام مادورو، معتبراً أنه السبيل الوحيد لإخراج الروس من أميركا اللاتينية.
فنزويلا، في قاموس بولتون السياسي المستمدّ من «عقيدة مونرو» التي تقول إن «أميركا للأميركيين» وإن أي تدخّل خارجي في شؤونها يستدعي ردّة فعل من الولايات المتحدة، تُشكّل إلى جانب كوبا ونيكاراغوا «ترويكا الطغيان» في أميركا اللاتينية وقاعدة التمدّد الروسي الجديد الذي يستند إلى 20 ألف كوبي يعملون تحت غطاء المساعدة التقنية بأمرة موسكو. وفي حسابات بولتون أن سقوط نظام مادورو في فنزويلا سيؤدي حتماً إلى سقوط النظام الكوبي، الذي عادت واشنطن لمحاصرته بنفس العقوبات الاقتصادية والإجراءات التي كانت تستخدمها في عزّ الحرب الباردة.
لكن ثمّة من يرى أن الإدارة الأميركية الحالية تبالغ في تظهير «خطر» التمدد الروسي في الحديقة الخلفية لواشنطن، وأن وسائل الإعلام الروسيّة تضخّم الدور العسكري لموسكو في كاراكاس من باب محاولة استعادة صورة القوة العظمى القادرة على منافسة الولايات المتحدة في عقر دارها. ويذكّر أصحاب هذه النظرية بأن المحور الأساسي الذي تدور حوله سياسة بوتين الخارجية هو استعادة الهيبة التي فقدتها موسكو مع انهيار الاتحاد السوفياتي، وأن مائة جندي روسي وطائرتين ليست سوى عملية استعراضية تصبّ في هذا الهدف، وفزّاعة يحاول مادورو استخدامها لتخويف المعارضة.
الخطوة الأخيرة التي أقدمت عليها «مجموعة ليما» نهاية الأسبوع الماضي بمباركة من واشنطن، عندما دعت كوبا إلى المشاركة في حل الأزمة الفنزويلية، أظهرت بوضوح الدور الحاسم الذي تلعبه هافانا في هذا الصراع الذي ليس نظام مادورو أكثر من رأس حربته. فالنظام الفنزويلي هو، منذ عهد تشافيز، الشريان الاقتصادي الحيوي للنظام الكوبي الذي يعيش إحدى أصعب الأزمات منذ انتصار الثورة. والشعار الذي تدير تحته واشنطن هذه الأزمة هو «أوّلاً فنزويلا، ثم كوبا»، بعد أن جيّرتها لصقور المنفى الكوبي بين صفوف الجمهوريين في ميامي.
وكان جون بولتون واضحاً في تهديداته، عندما قال إن «زوايا مثلّث الطغيان، كاراكاس وهافانا وماناغوا، يجب أن تسقط جميعها»، لكن النظام الكوبي يحمل في جعبته خبرة ستة عقود من الصمود في وجه الضغوط والحصارات، ولا بد من التذكير هنا بأن وصول هوغو تشافيز إلى الحكم في العام ١٩٩٩ تزامن مع نهاية الأزمة الخانقة التي عاشتها كوبا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، عندما انخفض إجمالي ناتجها المحلّي بنسبة ٣٥٪ حيث كانت مبادلاتها التجارية مقصورة ثلاثة أرباعها على التعامل مع موسكو.
وعندما بدأت الولايات المتحدة تشديد العقوبات الاقتصادية لخنق النظام الكوبي، أطلقت هافانا مجموعة من الإصلاحات والتدابير التقشّفية ساعدتها على تجاوز الانهيار الاقتصادي، لكنها قوّضت ركائز المساواة الاجتماعية التي كانت مفخرة الثورة، ولم يتحسّن الوضع إلّا مع قيام الثورة البوليفارية في فنزويلا.
عند وفاة هوغو تشافيز في العام ٢٠١٣، كانت المبادلات التجارية بين البلدين تشكّل ٤٤٪ من إجمالي التجارة الخارجية الكوبية، وكان عدد الخبراء الكوبيين في فنزويلا يزيد عن ٤٠ ألفاً. ومع مجيء مادورو إلى الحكم، استمرّت العلاقة المميّزة بين البلدين، لكن تراجع حجم المبادلات التجارية إلى النصف بسبب من الأزمة الداخلية في فنزويلا التي بقيت الشريك الاقتصادي الأول بالنسبة لكوبا.
كل ذلك يجعل من بقاء نظام مادورو مسألة حيوية بالنسبة لكوبا، التي سبق أن واجهت انتكاسات في علاقاتها مع كاراكاس عندما تعرّض تشافيز لانقلاب عسكري عام ٢٠٠٢، أو في العام ٢٠١٥ عندما فازت المعارضة بالانتخابات العامة. لكن الأزمة التي ستواجه النظام الكوبي في حال سقوط مادورو هذه المرة تنذر بعواقب وخيمة قد لا يتمكّن من الصمود أمام وطأتها، ولا يشكّ أحد في هافانا اليوم أن كوبا هي الهدف الحقيقي للإدارة الأميركية في الأزمة الفنزويلية.
الصقور الجمهوريّون في واشنطن يعدّون لمجموعة جديدة من العقوبات الاقتصادية ضد كوبا، وثمّة من يلوّح بإعادتها إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب التي كانت إدارة باراك أوباما قد أسقطتها منها. الكوبيّون من جهتهم يؤكدون أن اقتصادهم اليوم أقدر على مواجهة تداعيات تغيير جذري في العلاقة مع فنزويلا، وأن العقود الستة المنصرمة حصّنت النظام وأعطته مناعة في وجه الصدمات. لكن الرياح التي تهبّ هذه المرة عاتية أكثر من أي وقت مضى قد تدفع سفينة الثورة إلى الجنوح بعد ستين عاماً من التحدّي على مرمى حجر من السواحل الأميركية.



البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.