طهران تتمسك بتخصيب اليورانيوم وروحاني يحذّر من الخلافات

أوروبا تأسف لإنهاء إعفاءات تتعلق بصادرات النفط والاتفاق النووي

طهران تتمسك بتخصيب اليورانيوم وروحاني يحذّر من الخلافات
TT

طهران تتمسك بتخصيب اليورانيوم وروحاني يحذّر من الخلافات

طهران تتمسك بتخصيب اليورانيوم وروحاني يحذّر من الخلافات

تمسكت طهران أمس بتخصيب اليورانيوم وإنتاج الماء الثقيل وصادرات النفط، ردا على تحرك الإدارة الأميركية بتعديل إعفاءات ضمن الاتفاق النووي، في إطار حملة مكثفة تستهدف وقف برنامج طهران للصواريخ الباليستية والحد من نفوذها بالمنطقة. وقال رئيس البرلمان علي لاريجاني إن طهران ستواصل تخصيب اليورانيوم وإنتاج الماء الثقيل بغض النظر عن تقييد شحنها إلى الخارج. وبدوره، حذر الرئيس حسن روحاني من تحول الضغوط الأميركية إلى مواجهة داخلية بين الإيرانيين، فيما تأسفت فرنسا وألمانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي في بيان مشترك على قرارات واشنطن الأخيرة بتقييد تجارة النفط مع إيران، وحصر تمديد الإعفاءات المتصلة بالاتفاق النووي. وقال رئيس البرلمان علي لاريجاني أمس: «بموجب (الاتفاق النووي) يمكن لإيران إنتاج المياه الثقيلة وهذا لا يعد انتهاكا للاتفاق. ومن ثم سنواصل نشاطنا في التخصيب». وقال مخاطبا أطراف الاتفاق: «سنقوم بتخصيب اليورانيوم سواء تشترونه أو لا».
وتحركت الولايات المتحدة أول من أمس لإجبار إيران على الكف عن إنتاج يورانيوم منخفض التخصيب وتوسيع محطتها الوحيدة للطاقة النووية في بوشهر، بينما جدد وزير الخارجية مايك بومبيو إعفاءات تسمح للصين وبريطانيا بمواصلة تصميم وبناء قلب جديد لمفاعل أراك سيجعل من إنتاج البلوتونيوم أمرا صعبا. كما ستتمكن روسيا من مواصلة إمداد وقود اليورانيوم لمفاعل بوشهر الوحيد.
وقالت الخارجية الأميركية إن إعفاء شمل عقوبات تسمح بتعديل البنية التحتية في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم «لضمان أن المرفق لم يعد يُستخدم لتخصيب اليورانيوم». كما سيُسمح لفرنسا بمواصلة برنامج تدريبي متعلق بالأمان النووي للمدنيين.
ولكن وزارة الخارجية قالت إن الإعفاءات لن تمنح إلا لمدة 90 يوما فقط وهي فترة أقصر مما كان سارية من قبل.
وبموجب الاتفاق النووي الذي وُقع عام 2015 مع الدول الست الكبرى وافقت إيران على تحويل المنشآت النووية في أراك وفوردو يحول دون إنتاج مواد انشطارية لاستخدامها في أسلحة نووية.
وتضمنت الإجراءات التي أعلنتها واشنطن وقف الإعفاء من العقوبات الذي سمح لإيران بتخزين أكثر من 300 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب بمنشأة نطنز النووية الرئيسية بموجب الاتفاق النووي. ويجيز الاتفاق النووي المبرم بين طهران والدول الكبرى، الذي تم التوصّل إليه في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، لطهران، الإبقاء على 300 كلغ من اليورانيوم المخصّب بنسبة 3.67 في المائة، وهي نسبة أدنى بكثير مما يتطلّبه بناء الأسلحة النووية. وبموجب الاتفاق يُسمح لطهران ببيع اليورانيوم المخصّب بنسبة تفوق السقف المحدد في الأسواق الدولية مقابل حصولها على اليورانيوم الطبيعي.
ولوح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بفرض عقوبات على أي جهة تشارك في مبادلة اليورانيوم المخصّب باليورانيوم الطبيعي، كما تلك المشاركة بتخزين الماء الثقيل الإيراني الذي يتخطّى المعدّلات المسموح بها. وقالت مورغان أورتاجوس المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، في بيان، إن هذا الإجراء يهدف إلى إجبار إيران على وقف إنتاجها من اليورانيوم منخفض التخصيب، وهو مطلب رفضته إيران مرارا. وأضافت: «يجب أن توقف إيران كل أنشطتها ذات الحساسية المتعلقة بالانتشار (النووي) بما في ذلك تخصيب اليورانيوم. ولن نقبل بأي إجراء يدعم استمرار هذا التخصيب».
وبحسب أورتاجوس فبإمكان الولايات المتحدة تطبيق عقوبات ابتداء من أمس لمنع أي دعم لإيران لتوسيع محطة بوشهر للطاقة النووية وهي الوحيدة من نوعها في هذا البلد. وقالت إن واشنطن لن تمدد كذلك إعفاءات سمحت لإيران بشحن مخزون المياه الثقيلة الذي تنتجه بمنشأة أراك إلى سلطنة عمان بما يزيد على 300 طن المحددة بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015. وقبل وصول ترمب كان الكونغرس الأميركي أقر تشريعا في مايو (أيار) 2016 يمنع إدارة الرئيس السابق باراك أوباما من شراء المياه الثقيلة من إيران.
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، أعرب رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو عن مخاوفه من تجاوز طهران عتبة 130 طنا من مخزون الماء الثقيل، خلافا لنص الاتفاق النووي، ما أجبر طهران على شحن نحو 11 طنا إلى عمان وهو ما أثار مخاوف بشأن مصداقية طهران التي قالت إن مخزونها «تجاوز في حدود المخزون المتفق عليه بمقدار 900 كيلوغرام».
في المقابل، انتقد حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا أمس قرارات واشنطن الأخيرة بتقييد تجارة النفط مع إيران، وحصر تمديد الإعفاءات على المشروعات المتصلة بمنع الانتشار النووي. وأفادت «رويترز» نقلا عن الخارجية البريطانية في بيان مشترك مع وزارتي الخارجية الألمانية والفرنسية والاتحاد الأوروبي بأنه «نتابع بأسف وقلق قرار الولايات المتحدة عدم تمديد الإعفاءات المرتبطة بالتجارة في النفط مع إيران». وقال البيان: «ونتابع بقلق أيضا قرار الولايات المتحدة عدم التجديد الكامل للإعفاءات المتصلة بمنع الانتشار النووي». وأعلنت الولايات المتحدة قبل أسبوع إنهاء إعفاءات منحتها لدول تشتري النفط الإيراني، مسرعة في تنفيذ خطة تصفير النفط الإيراني. كما اتخذت إدارة ترمب خطوة غير مسبوقة بتصنيف قوات «الحرس الثوري» منظمة إرهابية أجنبية.
بدوره، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس من الخلافات الداخلية متهما الولايات المتحدة بالسعي وراء إثارة الخلافات والانقسام بين الإيرانيين.
وقال روحاني في خطاب بمناسبة يوم المعلم إن «الولايات المتحدة تريد تركيع الجمهورية الإسلامية عبر بث الخلافات والانقسام لكي نتحارب ونفتعل قضايا ضد بعضنا». وأضاف: «من المؤسف أن البعض لا يؤمن أننا في حرب سياسية واقتصادية ونفسية ضد الولايات المتحدة ولكن يجب علينا جمعيا أن نؤمن بذلك».
وقال في خطاب متلفز إنّ «أميركا ستتخلى عن هذه اللعبة فقط حين تدرك أنها لا تستطيع تحقيق شيء. ليس أمامنا سبيل إلا المقاومة والاتحاد».
ورأى الرئيس الإيراني أن أمام بلاده طريقين لمواجهة الضغوط الأميركية المتزايدة وهي زيادة الموارد الإيرانية من العملة الصعبة وتقليل النفقات بالعملات الخارجية (الاستيراد).
وتضرر الاقتصاد الإيراني بشدة منذ إعادة فرض العقوبات الأميركية، إذ ارتفعت معدلات التضخم وانخفضت قيمة العملة الوطنية فيما باتت أسعار الواردات باهظة الثمن.
وقال روحاني إن بلاده ستزيد بيع النفط وزيادة المنتجات وصادراتها النفطية ضد المؤامرة الأميركية لمنع بيع النفط الإيراني.
أتى ذلك بعد أيام على تأكيد روحاني امتلاك بلاده ست طرق لتصدير النفط زعم أن الإدارة الأميركية لا تعلم بها.
وأوضح روحاني أن «عائدات البلاد من صادرات السلع غير النفطية بلغت نحو 43 مليار دولار خلال العام الماضي والمقدار نفسه تقريبا من صادرات النفط». بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف أن «أميركا تسعى لخفض صادراتنا من السلع النفطية وغير النفطية لذا علينا التصدي لمحاولاتها منع تصدير نفطنا من خلال زيادة صادرات البلاد».
وأعلن البيت الأبيض الأسبوع الماضي إنهاء كل الإعفاءات التي كانت واشنطن منحتها لثماني دول لشراء النفط الإيراني بينها الصين وتركيا والهند، ما يؤثر على أبرز مصادر طهران للحصول على العملات الأجنبية.
وقال روحاني إن الإدارة الأميركية اتخذت قرار الانسحاب الأحادي من الاتفاق النووي بعد ستة أشهر من المباحثات الأوروبية. مشيرا إلى أنها «لم تتمكن من مواجهة أوروبا وروسيا والصين».
وأقر روحاني أن الشركات اختارت التعاون مع واشنطن على طهران للحفاظ على مصالحها على الرغم من عدم مسايرة الحكومات.



«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
TT

«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

وافقت إيران على تشديد الرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال، بعدما سرعت على نحو كبير تخصيب اليورانيوم بما يقترب من الدرجة المطلوبة لصناعة أسلحة.

وذكر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقرير سري لدول الأعضاء، أن إيران «وافقت على طلب الوكالة بزيادة وتيرة وكثافة تدابير الرقابة في منشأة فوردو لتخصيب الوقود، وتسهيل تطبيق هذا النهج الرقابي».

والأسبوع الماضي، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران ضاعفت وتيرة تخصيبها إلى نقاء يصل إلى 60 في المائة في منشأة فوردو، وهو مستوى قريب من 90 في المائة المطلوب لصنع الأسلحة النووية، ما اعتبرته القوى الغربية تصعيداً خطيراً في الخلاف مع إيران بشأن برنامجها النووي.

وأعلنت الوكالة أنها ستناقش الحاجة إلى إجراءات وقائية أكثر صرامة، مثل زيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي واحدة من منشأتين تصلان إلى هذا المستوى العالي من التخصيب.

وجاء في التقرير السري الموجه إلى الدول الأعضاء: «وافقت إيران على طلب الوكالة زيادة وتيرة وشدة تنفيذ إجراءات الضمانات في منشأة فوردو، وتساهم في تنفيذ هذا النهج المعزز لضمانات السلامة».

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن لفوردو الآن إنتاج أكثر من 34 كيلوغراماً شهرياً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مقارنة بـ5 إلى 7 كيلوغرامات كانت تنتجها مجتمعة في فوردو ومنشأة أخرى في نطنز فوق الأرض.

ووفقاً لمعايير الوكالة، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي نظرياً، إذا تم تخصيبها أكثر، لصنع قنبلة نووية. إيران تمتلك بالفعل أكثر من أربعة أضعاف هذه الكمية، بالإضافة إلى ما يكفي لصنع المزيد من الأسلحة عند مستويات تخصيب أقل.

وتؤكد القوى الغربية أنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران إلى هذا المستوى، حيث لم تقم أي دولة أخرى بذلك دون إنتاج أسلحة نووية. فيما تنفي إيران هذه الادعاءات، مؤكدة أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية بحتة.