الشيف هالة فهمي: حصلت على شهادة الجودة في الطهي من حماتي

الشيف هالة فهمي: حصلت على شهادة الجودة في الطهي من حماتي
TT

الشيف هالة فهمي: حصلت على شهادة الجودة في الطهي من حماتي

الشيف هالة فهمي: حصلت على شهادة الجودة في الطهي من حماتي

نصحت الشيف هالة فهمي جمهورها بعدم الإسراف في تناول الطعام كثير الدسم، أو «المسبِّك»، وذهبت إلى أنها تكثف من استخدام العسل الأسود في مكونات بعض الوجبات لمواجهة الأنيميا لدى الأطفال والأمهات.
وكشفت هالة، التي تقدم برنامج «سفرة وطبلية» على فضائية مصرية خاصة، خلال حديثها إلى «الشرق الأوسط» عن أنها نالت شهادة الجودة في الطهي من حماتها، وتطرقت إلى تقديم الطعام الصحي، وقالت إنه يمكن استبدال الدجاج الكرسبي المقرمش بالوجبات الجاهزة لأفراد الأسرة، بخطوات سهلة وسريعة، وبمكونات أكثر فائدة.
وتمنت الشيف المصرية أن تقدم لمتابعيها الأطباق العراقية، وانتهت إلى أن برامج الطهي يمكن أن تسهم في التقريب بين الشعوب... وإلى نص الحوار:
> حدثينا عن تجربتك مع تعلم فن الطهي؟
- لم يكن لدي أي خبرة في هذا المجال إطلاقاً، فقد كنت أهتم فقط بتفوقي الدراسي، إلى أن تزوجت وبعد مرور أسبوع، قررت أن أطهو «محشي» لزوجي على الطريقة المصرية، فإذا بي اكتشف إنني حصلت على ما يشبه «المهلبية»، ولأنني لا أعترف بالفشل فقد قررت أن أتعلم وأصبح خبيرة في الطهي، ومن هنا قرأت مجموعة كبيرة من الكتب المتخصصة في فنونه ومطابخه حول العالم، كما نلت بعض الكورسات، وإذا بي أتحول لأمهر طاهية في العائلة، وحصلت على شهادة الجودة من حماتي، حين طلبت مني أن أقوم بالطهي في الولائم العائلية، خصوصاً أول أيام رمضان.
> وكيف عرفتِ طريقك إلى تقديم برامج الطهي على الفضائيات؟
- بمرور الوقت اكتسبت خبرة كبيرة، حيث أطبق ما أحصل عليه من معلومات ووصفات في مطبخي، ثم تابعت برنامج الشيف أسامة السيد، ومدرسته الهادئة في تقديم الأكلات، إلى أن جاءت لي الفرصة لتقديم برامج من أشهرها «البلدي يُوكل» و«بيت العيلة»، والآن أقدم برنامجي الحالي «سفرة وطبلية» على قناة «صدى البلد».
> ما سبب اهتمامك بالوصفات القديمة في المطبخ المصري؟
- عندما بدأت اكتشف مدى انصراف الجيل الجديد من مختلف الأعمار عن طعام أمهاتنا إلى الوجبات السريعة، خشيت عليها من الاندثار، واتجهت إلى إحياء التراث الغذائي العربي، مع مواكبة العصر الحديث من خلال برنامجي.
> وكيف نجحتِ في تحقيق هذه المعادلة الصعبة؟
- بحثتُ عن الأشياء التي تجعله ينصرف عنها واستبعدتها، مثل الدسم، و«التسبيك»، والمكونات الثقيلة على المعدة، أو طول مدة طهيه، دون مساس بمذاقه، بالإضافة إلى الاستعانة ببعض التوابل والتتبيلة المميزة.
> وكيف يمكن الإقلال من السعرات الحرارية في الأطباق التقليدية؟
- ينبغي الحرص على إزالة طبقة الدهون المتكونة على سطح الطعام، كما أنه من المهم استبدال مكونات أسهل في الهضم بالمكونات التقليدية.
> طبق سريع يمكن أن يجذب الجميع بعيداً عن الوجبات الجاهزة؟
- من الممكن تقديم الدجاج الكرسبي المقرمش لأفراد الأسرة بخطوات سهلة وسريعة، وبمكونات أكثر فائدة مما يقدم جاهزاً في المطاعم.
> هل تساهم برامج الطهي في التقريب بين الشعوب؟
- بالتأكيد نعم، والدليل أن جمهوري في كل البلاد العربية، يؤكد لي أن برنامجي يساهم في تعريفه بالمطبخ المصري، لا سيما الأنواع القديمة، وكثيراً ما أتلقى اتصالات تليفونية ورسائل تقول: كنا نتشوق لوصفات مصرية فعرفناها من خلال برنامجك.
> وماذا عن تجربتك في طهي الأطباق الخليجية أو العالمية؟
- اعتدتُ أن أجذب المشاهدين إلى أطباق أرى أنها لذيذة وذات قيمة غذائية مرتفعة من خلال المطبخ الأوروبي أو الآسيوي أو الأميركي بمحاولة تمصيرها، عن طريق حذف وإضافة بعض المكونات أو التوابل، وفي الوقت نفسه أقدم أكلات عربية، مثل الكبسة بأنواعها، كما عملت على التجديد فيها مثل تقديمها بالمعكرونة بدلاً من الأرز.
> ما الطبق الذي لا تملين من طهيه؟
- طبق الكشري، واشتهرت به، حتى أطلق البعض على طريقة تقديمي له «كشري الست أم نور»، نسبة لابني الكبير.
> البعض يقول إنك تتميزين بخبرة واسعة في إعداد المعجنات والمخبوزات... هل ممكن التعرف على إعدادها بأعلى قيمة غذائية وبأقل زيادة للوزن؟
- بإضافة حبة البركة والسمسم والكراوية المطحونين، للمساعدة على الهضم، وبالتالي الإقلال من تأثيرها على الوزن، كما أن هذه المكونات تكسبها مذاقاً أجمل وفوائد أكثر، لا سيما عند إضافة البيض واللبن إليها.
> لماذا تكثرين من استخدام بعض المكونات غير المعتادة في الوصفات المختلفة مثل العسل الأسود؟
- لاحظت أن ارتفاع نسبة الأنيميا لدي الأطفال والأمهات في تزايد مستمر لدى الشعوب المختلفة، حتى بالنسبة للأسر شديدة الثراء، بسبب الاتجاه للوجبات السريعة، من هنا جاء اهتمامي بالعسل الأسود، ومن استخداماته مسح سطح العجينة به، فبجانب الإعلاء من قيمتها الغذائية يمنحها ذلك لوناً وشكلاً ومذاقا محببين، أيضاً استخدم بعض الخضراوات بشكل غير مألوف على المطبخ العربي، مثل السبانخ.
> هل تؤثر الحالة المزاجية للطباخ على جودة الطعام؟
- نعم. وهو يدخل في إطار ما نطلق عليه في مصر «النفَس»، وهو ليس ما يُضاف من توابل وبهارات وحسن الصنعة، إنما الحالة المزاجية أثناء الطهي، فإذا كانت جيدة فستنعكس طاقتك الإيجابية في الطهي، فيظهر ذلك في صورة طعام شهي، أو العكس يضع فيه طاقة سلبية فيكون مذاقه سيئاً.
> هل سبق أن تعرضت لموقف محرج على الهواء؟
- نعم، حدثت عدة مرات، وكانت الأخيرة من فترة قصيرة، حين طلبت سيدة خطبة ابنتي لابنها على الهواء، وحاولت إقناعي قائلة إن نجلها يعمل طياراً، ودخلت في نوبة ضحك متواصل، وطلبت فاصلاً.
> ما مطبخ البلد الذي تودين تقديمه لجمهورك؟
- المطبخ العراقي، وسأتجه إليه قريباً.
> ما طقوسك قبل القيام بعملية الطهي؟
- تبادل الحديث مع فريق العمل والإفطار معه في أجواء أسرية. أما أثناء الطهي فأتعامل تلقائياً مع الأواني وأدوات المطبخ، وكأنها بشر، مما يثير ضحك من حولي.
> ما النصيحة التي تودين تقديمها إلى متابعيك؟
- لا تسرف في تخزين الطعام في غير موسمه، لأن الله خلق لكل موسم ما يناسبه من الخضراوات والفواكه، وبما يتفق مع حرارة الطقس والفوائد التي يمكن أن يحصل عليها، بجانب ذلك أشير إلى أن السمن البلدي أكثر فائدة من الدهون الأخرى على عكس الاعتقاد الشائع، بشرط عدم الإسراف في استخدامه، أو الإكثار من الطعام «المسبِّك».



«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.