كوشنر يعرض ملامح خطته للسلام... ورفض فلسطيني لـ«الإملاء الفوقي»

وعد بنقاش قبل طرحها وانتقد التمسك بحل الدولتين

كوشنر
كوشنر
TT

كوشنر يعرض ملامح خطته للسلام... ورفض فلسطيني لـ«الإملاء الفوقي»

كوشنر
كوشنر

تعهد كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر بمناقشة خطته للسلام في الشرق الأوسط مع قادة المنطقة قبل طرحها بعد شهر رمضان، مؤكداً أنها ستكون «نقطة انطلاق جيدة» لمعالجة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وشدد على أن الخطة «ليست محاولة لفرض إرادتنا على المنطقة».
وأضاف كوشنر خلال لقاء نظمه «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، مساء أول من أمس، أن الرئيس دونالد ترمب كلفه بمحاولة إيجاد حل بين الجانبين، قائلاً إن ما سيتم طرحه «سيكون إطاراً واقعياً وقابلاً للتنفيذ، وسيؤدي إلى تلبية مصالح الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني».
وأشار إلى أنه لا يقف أمام تسمية خطته المقترحة، سواء كانت اقتراحاً أو خطة عمل أو رؤية، لكنه أكد على أنها تحتوي على شقين سياسي واقتصادي. وأضاف أنه تم تأجيل تقديم مشروعه لأسباب متنوعة على مدار الأشهر الـ18 الماضية، مؤكداً أنها تتناول قضية أساسية مثل وضع مدينة القدس التي اعترف ترمب بها عاصمة لإسرائيل، «كجزء من رؤيته الواقعية للأمور، مثلما كان الدافع وراء اعترافه بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة».
وأوضح أن «الرئيس ناقش مع إدارته انعكاسات تلك القرارات وصعوبتها وما يمكن أن تثيره من اعتراضات ومشاعر معينة، لكنه اعتبر أن القرارات الصعبة ضرورية وأن الوقت كفيل بتحويل ما جرى إلى واقع». وأضاف أن «الشق الاقتصادي يهدف إلى مساعدة الفلسطينيين على تقوية اقتصادهم»، موجها النقد إلى القيادة الفلسطينية «لعدم عملهم وبذلهم الجهود الكافية طوال السنوات والعقود الماضية لتأمين مصالح الفلسطينيين».
وقال كوشنر الذي يعمل على خطته مع مبعوث الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، إن الاقتراح «ليس محاولة لفرض إرادة الولايات المتحدة على المنطقة». لكنه انتقد انطلاق الجهود السابقة للسلام من التمسك بحل الدولتين، واصفاً إياها بأنها «كانت فاشلة ولم تؤد إلى تقدم».
ولم يوضح وضع الضفة الغربية، عندما سأله مدير اللقاء روبرت ساتلوف عما إذا كان يحكى عن إمكانية قيام إسرائيل بضم مستوطنات الضفة الغربية إلى سيادتها. وأضاف أن «الناس في الطرفين يريدون العيش بسلام وتربية أطفالهم بجو آمن»، مؤكداً أن هدف ترمب «كان منذ تسلمه مقاليد الحكم هو محاولة حل أقدم صراع في المنطقة».
وحدد أولويات إدارة ترمب في المنطقة بأربع هي التصدي لخطر تنظيم داعش، والتأكد من عدم تجديد الجماعات الإرهابية لقوتها ونشر أفكارها، والتصدي لإيران ووقف زعزعتها للاستقرار في المنطقة، وأخيراً ضمان حماية إسرائيل وتعزيز أمنها.
وشدد على أن «أمن إسرائيل أساسي لأميركا لأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وهي حليف وشريك عسكري وسياسي واقتصادي رئيسي للولايات المتحدة». وأكد أنه حتى الآن لم يعرض تفاصيل خطته على زعماء المنطقة، لكنه قال إنه سيجري «مشاورات ولقاءات مكثفة مع القيادات العربية المعنية عندما يحين أوان كشفها».
في المقابل، اتهم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أمس، الإدارة الأميركية بفرض سياسة الإملاءات على الفلسطينيين فيما يتعلق بحل الصراع مع إسرائيل. وقال في بيان عقب لقائه وفداً أميركياً يضم شخصيات أكاديمية وسياسية وثقافية في رام الله، إن «إطلاق صفة الصفقة بدلاً من المعاهدة يدل بوضوح على نية الإملاءات وليس الاتفاق عبر المفاوضات».
وأضاف أن «الصفقة قد تعني موافقة طرف على بيع ممتلكاته نتيجة إفلاس، أي أنها تحمل في طياتها طرفا رابحا وآخر خاسر، وهو اصطلاح يستخدم في عالم العقارات وألعاب الترفيه التلفزيونية، في حين تعني معاهدة السلام اتفاقاً بين طرفين أو أكثر، ينتج عنها معادلة ربح لجميع الأطراف، ويطلق على استسلام الأطراف التي تهزم في الحروب صكاً».
وأكد أن «البحث عن حلول خارج إطار القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام، إلى جانب دولة إسرائيل على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967. وحل قضايا الوضع النهائي كافة وعلى رأسها قضيتا اللاجئين والأسرى، استناداً لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة ليس سوى مطاردة للسراب والعيش في الأوهام».
واعتبر عريقات أن جميع قرارات الإدارة الأميركية بشأن القدس واللاجئين والاستيطان والحدود والضم للأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان العربي السوري المحتل، وغيرها من القرارات «باطلة ولاغية، ومخالفات فاضحة للقانون الدولي والشرعية الدولية، ولن تخلق حقاً ولن تنشئ التزاماً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».