البرلمان الأوروبي قد يصاب بالشلل مع زيادة عدد مقاعد الأحزاب الشعبوية

دعم ألماني ـ نمساوي لتولي مانفرد فيبر رئاسة المفوضية عن كتلة حزب الشعب الأوروبي

دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي يحاضر في جامعة وارسو حول «الاتحاد الأوروبي والآمال والمسؤوليات» تحضيراً للانتخابات الأوروبية القادمة (إ.ب.أ)
دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي يحاضر في جامعة وارسو حول «الاتحاد الأوروبي والآمال والمسؤوليات» تحضيراً للانتخابات الأوروبية القادمة (إ.ب.أ)
TT

البرلمان الأوروبي قد يصاب بالشلل مع زيادة عدد مقاعد الأحزاب الشعبوية

دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي يحاضر في جامعة وارسو حول «الاتحاد الأوروبي والآمال والمسؤوليات» تحضيراً للانتخابات الأوروبية القادمة (إ.ب.أ)
دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي يحاضر في جامعة وارسو حول «الاتحاد الأوروبي والآمال والمسؤوليات» تحضيراً للانتخابات الأوروبية القادمة (إ.ب.أ)

يخشى الكثيرون من أن البرلمان الأوروبي، الذي سيطر عليه تحالف واسع من يسار الوسط ويمين الوسط خلال معظم فترات تاريخه الذي استمر على مدار أربعين عاما، يمكن أن يصاب بالشلل بعد الانتخابات القادمة في نهاية الشهر الجاري جراء الموجة الجديدة من التطرف السياسي اليميني للأحزاب الشعبوية. وكان قد تنبأ ستيف بانون المستشار الاستراتيجي السابق للرئيس الأميركي دونالد ترمب سابقا بأن انتخابات البرلمان الأوروبي في أواخر مايو (أيار) الجاري سوف تحدث «زلزالا» حيث ستستحوذ الأحزاب المتشككة في الاتحاد الأوروبي على دفة الأمور. وسوف يكون البرلمان الجديد أداة محورية في تعيين الأعضاء المقبلين في المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، قبل أن يضطلع بدوره المعتاد في دراسة المبادرات الجديدة والتصويت على القضايا المهمة مثل موازنة الكتلة الأوروبية. ولهذا فهي تثير حالة من القلق والترقب في بروكسل عن طريق التعهد بإعادة بناء الاتحاد الأوروبي على صورتها الخاصة؛ من حزب الرابطة الحاكم في إيطاليا إلى التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان في فرنسا مرورا بحزب فيدس الذي ينتمي إليه رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان. وصرح نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني، خلال فعالية أقيمت مؤخرا ودعا خلالها الأحزاب الشعبوية الأخرى لتوحيد صفوفها مع حزب الرابطة اليميني المتطرف أنه «بالنسبة للكثيرين، فإن أوروبا تمثل كابوسا وليس حلما». وأضاف، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية في تحقيقها حول الانتخابات الأوروبية القادمة، «نحن نعمل من أجل حلم أوروبي جديد، والهدف هو أن نصبح أول وأهم وأكبر مجموعة من حيث العدد في البرلمان الأوروبي». ومن بين الأحزاب التي انضمت إلى البرنامج الانتخابي لحزب الرابطة الإيطالي كل من حزب الحرية الحاكم في النمسا، والتجمع الوطني في فرنسا، وحزب البديل من أجل ألمانيا، وحزب الشعب الدنماركي، وحزب الفنلنديين.
وتنبأت لوبان زعيمة حزب التجمع الوطني في فرنسا في فبراير (شباط) الماضي بأن البرلمان سوف «ينقلب رأسا على عقب» عن طريق صعود الأحزاب المؤيدة للسيادة الوطنية التي ترى أن الدول الأوروبية منفردة لا بد أن تكون لها سلطات أكبر مقابل سلطات أقل لبروكسل.
وخلال استطلاع للرأي أجري في 18 أبريل (نيسان) الماضي لصالح البرلمان الأوروبي، تبين أن الكتل اليمينية الرئيسية الثلاث، وهي تكتل المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، وتكتل أوروبا الأوطان والحرية، وتكتل أوروبا الحرية والديمقراطية المباشرة، تحظى بنسبة تأييد تبلغ 23 في المائة في الأصوات، بفارق محدود عن النسبة التي تحظى بها في الوقت الحالي وتبلغ عشرين في المائة.
غير أن هذه النسبة تجعلهم متأخرين بفارق سبعة مقاعد للوصول إلى رقم الـ180 مقعدا التي من المتوقع أن يحصل عليها حزب الشعب الأوروبي الذي ينتمي لتيار يمين الوسط من بين إجمالي عدد مقاعد يبلغ 751 مقعدا، وإن كانت هذه النسبة تجعلهم متفوقين بشكل كبير عن الاشتراكيين والديمقراطيين الذين ينتمون لتيار يسار الوسط. وترجع أسباب الزيادة في معدلات التأييد جزئيا كذلك إلى الدفعة المتوقعة قصيرة المدى في شعبية الأحزاب البريطانية المتشككة في الاتحاد الأوروبي، بعد أن حصلت لندن على مهلة حتى أواخر أكتوبر (تشرين الأول) للخروج من الاتحاد الأوروبي. ومع الزيادة المتوقعة في معدلات تأييد الأحزاب اليسارية المتطرفة مثل حركة الزعيم الفرنسي الراديكالي جان لوك ميلينشون، من الممكن أن تحصل الأحزاب المتشككة في الاتحاد الأوروبي على قرابة ثلث إجمالي مقاعد البرلمان الأوروبي، حسبما يقول المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. دعا رئيس حكومة ولاية بافاريا الألمانية، ماركوس زودر، والمستشار النمساوي، زباستيان كورتز، بوضوح إلى تولي السياسي الألماني المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، مانفرد فيبر، منصب رئيس المفوضية الأوروبية حال فوز كتلة «حزب الشعب الأوروبي» في انتخابات البرلمان. وقال كورتز، الذي يتزعم حزب الشعب النمساوي: «ندعم تماما مرشحنا الأبرز، وسأكون سعيدا ليس فقط إذا فاز مانفرد فيبر في الانتخابات، بل أيضا عندما يصبح الرئيس المقبل للمفوضية الأوروبية». تجدر الإشارة إلى أن رئيس المفوضية الحالي، جان كلود يونكر، كان المرشح الأبرز لكتلة «حزب الشعب الأوروبي» في الانتخابات التي جرت عام 2014.
وترى سوزي دينيسون من المجلس الأوروبي أن الخطورة سوف تكون حقيقية إذا ما استطاع اليسار واليمين أن يتعاونا سويا. وقالت دينيسون في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية «من المهم أن نأخذ في الاعتبار أنهما يشكلان مجموعة غير متجانسة». وأوضحت أنه حتى فيما يتعلق بملف الهجرة، فإن حزب الرابطة الإيطالي يريد أن يتحمل الاتحاد الأوروبي مزيدا من المهاجرين عن كاهل روما، وهو بذلك يختلف مع حزب فيدس المجري المناهض للهجرة. وترتبط زيادة الشعبوية إلى حد كبير بالتدفق القياسي في اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا خلال عامي 2015 و2016. وصرح رئيس الوزراء المجري أوربان، وهو مؤيد قوي للبرنامج الانتخابي المناهض للهجرة، الشهر الماضي قائلا إن انتخابات مايو (أيار) سوف «تحدد مستقبل الحضارة الأوروبية».
وتنبأ أوربان بأن الانقسامات السياسية التقليدية بين اليسار واليمين سوف تفسح المجال أمام الانقسام بين مؤيدي الهجرة ومعارضيها. وذكر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أنه على خلاف عناوين الصحف الرئيسية، فإن انتخابات 2019 «لن تكون بمثابة استفتاء على الهجرة». وأوضحت المؤسسة البحثية أن الهجرة ليست قضية حاسمة بالنسبة لكثير من الناخبين، مشيرة إلى البيانات التي جمعتها مؤسسة استطلاعات الرأي «يوغوف» في 14 من بين دول الاتحاد الأوروبي الـ28. وكشف استطلاع الرأي أن الخطر الأكبر بالنسبة لمعظم الأوروبيين هو التطرف الإسلامي الذي لا يتم الخلط بينه وبين قضية الهجرة، وسوف يكون على الأرجح هو العامل المحرك للناخبين من تيار يمين الوسط أكثر من الناخبين الذين ينتمون إلى التيارات المتطرفة. وبعكس الخطاب الشعبوي، يخشى الكثيرون في واقع الأمر من أن «القومية سوف تدمر الاتحاد الأوروبي»، حسبما يرى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، في حين تتقدم قضايا الاقتصاد والتغير المناخي وتهديدات روسيا على مشكلة الهجرة في دول معينة.
وفي الوقت ذاته، فإن بروكسل سوف تراقب عن كثب نسبة أخرى غير معدلات التأييد ألا وهي معدل إقبال الناخبين على التصويت حيث إن نسب المشاركة في انتخابات البرلمان الأوروبي عادة ما تكون ضعيفة. وأظهرت استطلاعات الراي التي أجراها المجلس الأوروبي ومؤسسة «يوغوف» أن 43 في المائة فقط ممن شملتهم الاستطلاعات أكدوا أنهم سوف يدلون بأصواتهم في انتخابات مايو. وتقول ناتالي براك وهي أستاذ زائر بالكلية الأوروبية: «إنها قضية مهمة حيث إنها تتعلق بشرعية البرلمان الأوروبي». وأوضحت قائلة إن انخفاض نسبة المشاركة عن أربعين في المائة سوف تبعث بـ«إشارة مهمة» مفادها أن جهود زيادة الاهتمام بالانتخابات باءت بالفشل. والأمر المثير للدهشة أن الأحزاب المتشككة في الاتحاد الأوروبي ربما تلعب دورا مهما في التصدي لهذه المشكلة. وترى براك أنه «بدون المتشككين في الاتحاد الأوروبي، أعتقد أن معدل الإقبال سوف يكون أقل كثيرا في بعض الدول»، مضيفة: «إنهم يحشدون الناس ويضطرون الأحزاب الأخرى إلى التحدث بشأن أوروبا في الانتخابات بدلا من القضايا الوطنية». وخلصت قائلة: «إنها أحد الأفضال التي يستحق المتشككون في الاتحاد الأوروبي والشعبويون أن تنسب إليهم».

نصف اليمينيين المتطرفين لديهم ميول للعنف
> ذكرت السلطات الألمانية أن نحو 50 في المائة من اليمينيين المتطرفين في ألمانيا لديهم استعداد للعنف. وذكرت وزارة الداخلية الألمانية ردا على طلب إحاطة من الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر أن عدد اليمينيين المتطرفين بلغ 24 ألف فرد عام 2017. وأوضحت السلطات أن 12700 فرد منهم لديهم ميول للعنف. وجاء في الرد، الذي حصلت عليه وكالة الأنباء الألمانية، أن هناك أفرادا بين اليمينيين أصحاب الميول العنيفة على صلة باستخدام الأسلحة. وبحسب البيانات، يستخدم اليمينيون المتطرفون الإنترنت للتواصل سويا عبر شبكات تواصل اجتماعي وخدمات الرسائل النصية القصيرة.
وقال خبير الشؤون الداخلية في الحزب، كونستانتين كوله، في تصريحات لصحيفة «نويه أوسنابروكر تسايتونج» الألمانية الصادرة أمس الجمعة إنه من الضروري وضع «خطة جديدة لمواجهة التطرف عبر الإنترنت».



أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.