أنقرة تتحدث عن «مرونة» واشنطن في شأن «المنطقة الأمنية»

TT

أنقرة تتحدث عن «مرونة» واشنطن في شأن «المنطقة الأمنية»

قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن بلاده بدأت ترى بعضاً من المرونة في موقف الولايات المتحدة إزاء «المنطقة الأمنية» المقترحة في شمال شرقي سوريا، واصفاً المباحثات التي أجراها مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري والوفد المرافق له، الأربعاء، بأنها «كانت مفيدة وإيجابية».
وذكر أكار أنهم ناقشوا مع المسؤولين الأميركيين جميع وجهات نظر ومواقف وعروض وطلبات تركيا، و«سعدت جداً برؤية جيفري ووفده، التي تقترب من وجهات نظرنا، وأرى أنه سيقترب بعضنا من بعض في القضايا الثنائية، وفي مقدمتها (المنطقة الأمنية) بسوريا، من خلال اللقاءات المقبلة».
وأكد وزير الدفاع التركي، في مقابلة تلفزيونية على هامش المعرض الدولي للصناعات الدفاعية «آيدف 14» في إسطنبول، أمس (الجمعة)، أن تركيا لا تقبل أن يكون هناك ما سماه «تهديداً إرهابياً» ضدها وضد شعبها وحدودها، في منطقة شرق الفرات بسوريا، وتعمل على اتخاذ جميع التدابير اللازمة في هذا الصدد.
وقال: «مطلبنا من صديقتنا وحليفتنا وشريكنا الاستراتيجي، الولايات المتحدة، في هذا السياق، هو سحب (وحدات حماية الشعب الكردية)، التي لا فرق بينها وبين (حزب العمال الكردستاني) الذي يصنفه البلد (تنظيماً إرهابياً)، من المنطقة، وجمع الأسلحة منه، ونقله على بعد 30 إلى 40 كيلومتراً على الأقل نحو الجنوب عن حدودنا».
ولفت أكار إلى أن واشنطن كان لها موقف حيال هذا الموضوع منذ البداية، و«بدأنا نرى بعضاً من المرونة في هذا الموقف، وبالتالي نرحب باقترابهم من وجهة نظرنا».
وأضاف: «إلى جانب ذلك، أبلغنا أصدقاءنا، والسيد جيفري مرة أخرى، بأننا ضيعنا وقتاً كثيراً، ولذلك فإن هذا الأمر منح (الإرهابيين) إمكانات وفرصاً تشكل خطراً على أمن بلدنا وأمتنا وشعبنا، فضلاً عن ضرورة التخلص من هذا الأمر في أقرب وقت».
كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال أول من أمس، في تعليق على مباحثات جيفري والوفد الأميركي في تركيا، إن بلاده والولايات المتحدة يقتربان من الاتفاق على المنطقة الأمنية في شمال شرقي سوريا.
من جانبها، وصفت نائبة المتحدث باسم السفارة الأميركية في أنقرة، رايجان ستوكس، لقاءات جيفري، مع المسؤولين الأتراك، بـ«الإيجابية والبناءة». وقالت، في بيان حول المباحثات، إن الجانبين الأميركي والتركي يواصلان إحراز تقدم في معالجة المخاوف المشتركة بشأن سوريا.
ولفتت أن جيفري التقى في أنقرة، الأربعاء، وزير الدفاع والمتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، ونائب وزير الخارجية سادات أونال. وتناولت اللقاءات مجموعة من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، أهمها المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا، وإرساء الاستقرار والأمن في شمال سوريا، بالتزامن مع سحب الولايات المتحدة لقواتها، وقرار مجلس الأمن رقم 2254 بشأن الحرب السورية، وهزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي. وقالت ستوكس إن جيفري سيواصل محادثاته مع المسؤولين الأتراك في المستقبل القريب.
كان جيفري ووفد أميركي ضمّ نائب مساعد وزير الخارجية، جويل رايبورن، أجرى مباحثات في أنقرة وإسطنبول مع المسؤولين الأتراك حول الملف السوري وموضوعات أخرى تهم الجانبين.
وكشف موقع «المونيتور» الأميركي، أن واشنطن طلبت من تركيا تسلم عفرين التي سيطرت عليها من أيدي «وحدات حماية الشعب الكردية» بعملية عسكرية بمشاركة فصائل موالية من الجيش السوري الحر، مشيراً إلى أن القائد العام لتحالف «قوات سوريا الديمقراطية» الذي تشكل «الوحدات الكردية» عموده الفقري، مظلوم كوباني، التقى جيفري قبل أسبوعين في شمال سوريا، وطرح عليه هذا الاقتراح.
ونصّ الاقتراح على إدراج رمزي لجنود أتراك في شرق الفرات، لمراقبة «المنطقة الأمنية» ‏المزمع إنشاؤها في شمال سوريا، بشرط خروج الجيش التركي من عفرين. وأشار الموقع إلى أن قائد «قسد» تعهد للمبعوث الأميركي بدراسة الموضوع، في حال انسحاب الجيش التركي والفصائل الموالية له من ‏عفرين.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها المتمركزة في مناطق عملية «درع الفرات» بسوريا، قصفت مواقع لـ«وحدات حماية الشعب الكردية» في مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي.
وقالت الوزارة، عبر «تويتر»، إن القصف جاء رداً على «هجمات استفزازية» قامت بها عناصر قوات الحماية ضد القوات التركية المتمركزة في مناطق درع الفرات، وجاء الرد التركي عبر المدفعية والدبابات المتمركزة في مناطق درع الفرات. واستهدفت «الوحدات الكردية»، الأربعاء، حاجز الشط بمحيط مدينة أعزاز شمال حلب، ما أدى إلى مقتل جندي تركي وإصابة 4 آخرين، إلى جانب عناصر من الفصائل الموالية لتركيا، وردت القوات التركية والفصائل المتمركزة في مناطق «غصن الزيتون ودرع الفرات» باستهداف معاقل «الوحدات الشعبية» في مطار منغ ومرعناز وتل رفعت، محققة إصابات مباشرة أدت إلى مقتل وإصابة عدد من العناصر وتدمير آليات وعربات عسكرية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».