شركات التكنولوجيا... قلب «وول ستريت» النابض

فقدت 100 مليار دولار في جلسة واحدة ثم دفعت «ستاندارد آند بورز» لأعلى افتتاح على الإطلاق

TT

شركات التكنولوجيا... قلب «وول ستريت» النابض

في برهان واضح على مقامها الرفيع في أسواق الأسهم العالمية، وعلى أنها المحرك الأكثر أهمية في الأسواق، فقدت شركات التكنولوجيا في «وول ستريت» نحو 100 مليار دولار من قيمتها السوقية في جلسة واحدة مساء أول من أمس الثلاثاء بسبب القلق حول نتائج الأعمال... لكن المؤشرات عادت إلى الارتفاع مع افتتاح جلسة أمس، حيث فتح مؤشر «ستاندارد آند بوزر» الأميركي عند أعلى مستوى على الإطلاق أمس، عقب إعلان شركة «آبل» عن نتائج جيدة.
وزاد مؤشر «ستاندارد آند بورز 500» أمس بمقدار 6.50 نقطة أو 0.22 في المائة، إلى 2952.33 نقطة. وهي صورة مغايرة تماماً لما حدث مساء الثلاثاء، حين قادت الخسائر شركة «ألفابت» المالكة لـ«غوغل»، والتي سجلت ثاني أكبر تراجع في العام بنسبة 7.5 في المائة، بعد تراجع إيراداتها بشكل فاق التوقعات، مما كبد مجموعة «FAANG» التي تضم كبرى شركات التكنولوجيا والإنترنت في العالم، أضخم خسائر في ليلة واحدة.
وتضم «FAANG»، أسهم «فيسبوك» و«أمازون» و«آبل» و«نتفليكس» و«ألفابت»، وسجلت جميعها تراجعاً في جلسة أول من أمس في «وول ستريت»، وجاء نصيب الأسد في التراجع لشركة «ألفابت»، التي فقدت 69 مليار دولار من قيمتها السوقية. تليها شركة «آبل»، التي تراجعت بنسبة 1.9 في المائة، لتفقد 19 مليار دولار. رغم عدم الإعلان عن نتائج الأعمال قبل إغلاق السوق.
يذكر أن آخر مرة فقدت فيها مجموعة «FAANG» التكنولوجية، قيماً كبيرة اقتربت من 100 مليار دولار، كانت في يناير (كانون الثاني) الماضي بسبب توقعات «آبل» المتشائمة حول مبيعات «آيفون». وهبطت أسهم «أمازون» بنسبة 0.6 في المائة، مما أدى إلى فقدان نحو 6 مليارات دولار من قيمتها السوقية، بينما أدى انخفاض سهم «فيسبوك» بنسبة 0.7 في المائة إلى خسارة 4 مليارات دولار، وانخفض سهم «نتفليكس» فاقداً نحو 600 مليون دولار.
ولم تخسر مجموعة شركات التكنولوجيا من قبل 100 مليار دولار قبل عام 2018. وتجاوزت قيمة التداولات لشركتي «آبل» و«أمازون» تريليون دولار خلال العام الماضي.
ووفقاً لبيانات من «بلومبرغ»، فإن تدفقات المستثمرين في أسهم مجموعة «FAANG» التكنولوجية، ترتفع في السنوات الأخيرة، نظراً لمراهنتهم على صناعة التكنولوجية وما تمثله لمستقبل الدول والحكومات، وسط توقعات بترجمة ذلك إلى قيادة قطاع التكنولوجيا معدلات النمو الاقتصادي للدول.
وارتفعت أسهم شركة «آبل» بنسبة 28 في المائة هذا العام، بينما ارتفع مؤشر تتبع الشركات التكنولوجية الأربع الأخرى («ألفابت» و«أمازون» و«نتفليكس» و«فيسبوك») بنسبة 32 في المائة، متجاوزاً مؤشر «ستاندارد آند بورز 500».
وتصل القيمة السوقية لشركة «ألفابت» حالياً إلى 828 مليار دولار، رغم خسارة أول من أمس، التي جاءت مدعومة بإعلانها تأثر أرباحها للأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وذلك بعد فرض غرامة ثقيلة عليها في الاتحاد الأوروبي لمخالفتها قوانين الاحتكار.
وأشارت الشركة الأميركية العملاقة للتكنولوجيا، مساء الاثنين الماضي، إلى أن أرباحها في الربع الأول انخفضت 29 في المائة إلى 6.7 مليار دولار، أو 9.50 دولار للسهم، مقارنة مع 9.40 مليار دولار أو 13.33 دولار للسهم قبل عام. وكان متوسط تقديرات المحللين أن تربح الشركة 7.3 مليار دولار أو 10.48 دولار للسهم.
وشكلت غرامة المفوضية الأوروبية في نهاية مارس (آذار) الماضي، التي بلغت 1.7 مليار دولار، ضربة قوية لأرباح الشركة. ومع استبعاد الغرامة، تكون الشركة قد ربحت 11.90 دولار للسهم، ليفوق تقديرات المحللين بأن تبلغ أرباحها المعدلة 10.61 دولار للسهم.
وأظهرت «ألفابت» أيضاً ازدياد الخسائر في «الرهانات الأخرى» للشركة؛ ومن بينها مشروع «وايمو» للسيارة ذاتية القيادة، و«فيرلي» لعلوم الحياة، و«وينغ» لخدمات التوصيل عبر طائرات «درون». وسجّلت «الرهانات الأخرى» خسائر بقيمة 858 مليون دولار، مقابل خسائر بلغت 571 مليوناً العام الماضي، بينما ارتفعت العائدات بشكل متواضع إلى 170 مليون دولار.
ولفتت بورات إلى أن «ألفابت» تشهد نمواً في الحوسبة السحابية للشركات، وهي سوق تتنافس فيها مع «أمازون» و«مايكروسوفت»... وغيرهما. لكن «غوغل» لا تزال تواجه ضغوطاً في جميع أنحاء العالم من جانب المشرّعين، لا سيما في أوروبا، وسط تحقيقات متعددة حول هيمنة متصفحها للبحث على الإنترنت، وشركة إعلاناتها، ونظام «آندرويد».



ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)

يُرجئ دونالد ترمب فرض التعريفات الجمركية خلال يومه الأول ويراهن بشكل كبير على أن إجراءاته التنفيذية يمكن أن تخفض أسعار الطاقة وتروض التضخم. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت أوامره ستكون كافية لتحريك الاقتصاد الأميركي كما وعد.

فقد قال ترمب في خطاب تنصيبه إن «أزمة التضخم ناجمة عن الإفراط في الإنفاق الهائل»، كما أشار إلى أن زيادة إنتاج النفط ستؤدي إلى خفض الأسعار.

وتهدف الأوامر التي يصدرها يوم الاثنين، بما في ذلك أمر مرتبط بألاسكا، إلى تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. كما أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة على أمل إطلاق المزيد من إنتاج الكهرباء في إطار المنافسة مع الصين لبناء تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على مراكز البيانات التي تستخدم كميات هائلة من الطاقة.

ويعتزم ترمب التوقيع على مذكرة رئاسية تسعى إلى اتباع نهج حكومي واسع النطاق لخفض التضخم.

كل هذه التفاصيل وفقاً لمسؤول قادم من البيت الأبيض أصر على عدم الكشف عن هويته أثناء توضيحه لخطط ترمب خلال مكالمة مع الصحافيين، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وقال المسؤول إن الإدارة الجديدة، في أول يوم له في منصبه، ستنهي ما يسميه ترمب بشكل غير صحيح «تفويضاً» للسيارات الكهربائية. على الرغم من عدم وجود تفويض من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته لفرض شراء السيارات الكهربائية، فإن سياساته سعت إلى تشجيع الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية وشركات السيارات على التحول من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية.

هدّد ترمب، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، بفرض رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا ودول أخرى. ولكن يبدو أنه يتراجع حتى الآن عن فرض ضرائب أعلى على الواردات. وأشار المسؤول إلى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يقول إن ترمب سيوقع فقط على مذكرة تطلب من الوكالات الفيدرالية دراسة القضايا التجارية.

ومع ذلك، تعهد ترمب في خطاب تنصيبه بأن التعريفات الجمركية قادمة، وقال إن الدول الأجنبية ستدفع العقوبات التجارية، على الرغم من أن هذه الضرائب يدفعها المستوردون المحليون حالياً وغالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين.

لقد كان قرار التوقف ودراسة التعريفات الجمركية إشارة إلى الحكومة الكندية بأنه يجب أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات تقريباً بشأن اتجاه التجارة مع الولايات المتحدة.

«ربما يكون قد اتخذ قراراً بتعليق التهديد بالتعريفات الجمركية نوعاً ما على قائمة كاملة من الدول. سننتظر ونرى»، وفق ما قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلانك. أضاف: «لقد كان السيد ترمب في ولايته السابقة غير قابل للتنبؤ، لذا فإن مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون لأي سيناريو».

وبشكل عام، يواجه الرئيس الجمهوري مجموعة من التحديات في تحقيق طموحاته في خفض الأسعار. فقد نجح بايدن في خفض معدل التضخم على مدار عامين، إلا أنه سيغادر منصبه مع استمرار نمو الأسعار الذي فاق نمو الأجور على مدار السنوات الأربع الماضية.

ومن بين الدوافع الكبيرة للتضخم استمرار نقص المساكن، كما أن إنتاج النفط الأميركي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية، حيث يواجه المنتجون حالة من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي هذا العام.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من الناحية الفنية الهيئة الحكومية المكلفة الحفاظ على التضخم عند هدف سنوي يبلغ 2 في المائة تقريباً. وتتمثل أدواته المعتادة في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإقراض البنوك لبعضها البعض، بالإضافة إلى مشتريات السندات والاتصالات العامة.

وقال ترمب إن إنتاج الموارد الطبيعية هو المفتاح لخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، سواء في المضخة أو في فواتير الخدمات العامة.

تتخلل أسعار الطاقة كل جزء من الاقتصاد، لذا فإن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. وقد اشتكى ترمب، الذي تعهد باستعادة «هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة»، من أن إدارة بايدن حدّت من إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

ومع ذلك، ووفقاً للأوزان الترجيحية لمؤشر أسعار المستهلك، فإن الإنفاق على الطاقة يمثل في المتوسط 6 في المائة فقط من النفقات، أي أقل بكثير من الغذاء (13 في المائة) أو المأوى (37 في المائة).

عاد التضخم، الذي كان خامداً لعقود، إلى الظهور من جديد في أوائل عام 2021 مع تعافي الاقتصاد بقوة غير متوقعة من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19. طغت الطفرة في طلبات العملاء على سلاسل التوريد في أميركا، ما تسبب في حدوث تأخيرات ونقص وارتفاع الأسعار. وكافحت مصانع رقائق الحاسوب والأثاث وغيرها من المنتجات في جميع أنحاء العالم للانتعاش.

وقد سارع المشرعون الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في إغاثة إدارة بايدن من الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار، على الرغم من أن التضخم كان ظاهرة عالمية تشير إلى عوامل تتجاوز السياسة الأميركية. وازداد التضخم سوءاً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

ورداً على ذلك، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. انخفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022. لكن التضخم ارتفع منذ سبتمبر (أيلول) إلى معدل سنوي بلغ 2.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).

من المحتمل أن تحتاج العديد من الخطوات التي يتخذها ترمب إلى موافقة الكونغرس. تنتهي أجزاء من تخفيضاته الضريبية لعام 2017 بعد هذا العام، ويعتزم ترمب تمديدها وتوسيعها بتكلفة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات. ويرى ترمب أن التخلص من الدعم المالي للطاقة المتجددة في عهد بايدن هو وسيلة محتملة لتمويل تخفيضاته الضريبية.