مسيرات احتجاجية في عيد العمال... وبابا الفاتيكان يعتبر البطالة «مأساة عالمية»

الشرطة تمنع العمال في إسطنبول من الوصول إلى ميدان «تقسيم»

الشرطة تعتقل أحد المحتجين لدى وصولهم  إلى ميدان تقسيم بوسط إسطنبول (رويترز)
الشرطة تعتقل أحد المحتجين لدى وصولهم إلى ميدان تقسيم بوسط إسطنبول (رويترز)
TT

مسيرات احتجاجية في عيد العمال... وبابا الفاتيكان يعتبر البطالة «مأساة عالمية»

الشرطة تعتقل أحد المحتجين لدى وصولهم  إلى ميدان تقسيم بوسط إسطنبول (رويترز)
الشرطة تعتقل أحد المحتجين لدى وصولهم إلى ميدان تقسيم بوسط إسطنبول (رويترز)

نظمت النقابات العمالية في معظم دول العالم مظاهرات ومسيرات في الذكرى السنوية لعيد العمال التي حلت أمس. بعض الاحتجاجات تحولت إلى مواجهات مع قوات الأمن، كما حدث في تركيا، واتخذت قوات الشرطة في فرنسا احتياطاتها تحسباً لاندلاع أعمال الشغب بسبب ما يقوم به أصحاب السترات الصفراء كل سبت. كما نظمت مسيرات لعدة مجموعات يمينية وأحزاب، واحتجاجات مضادة في جنوب شرقي ألمانيا على وجه الخصوص. وفي مدينة كيمنيتس شارك رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي، ألكسندر غاولاند، في المظاهرة الرئيسية التي نظمت في المدينة.
وأكد بابا الفاتيكان فرنسيس مجدداً على أهمية العمل للإنسان، وأنه يتعين توزيع فرص العمل على نحو عادل. وذكر البابا في المناسبة أنه من دون توفير فرص العمل فإنه لن يمكن تحقيق الكرامة للجميع. ووصف بابا الفاتيكان البطالة بأنها «مأساة عالمية». ودعا خلال خطاب له في ميدان القديس بطرس في روما إلى الصلاة من أجل الذين فقدوا عملهم ولم يتمكنوا من العثور على عمل جديد. تجدر الإشارة إلى أن الكنيسة الكاثوليكية تُحيي ذكرى القديس «يوسف النجار» في الأول من مايو (أيار) الموافق لليوم العالمي للعمال.
ووضعت شرطة باريس، أمس (الأربعاء)، في حالة تأهب قصوى؛ للحيلولة دون وقوع أعمال عنف في المظاهرات التقليدية التي تنظمها النقابات العمالية بالمدينة، بمناسبة عيد العمال.
وحذر وزير الداخلية، كريستوف كاستانر من أن ألفي ناشط متطرف ربما يحاولون «نشر العنف وإشاعة الاضطراب» وربما ينضمون إلى متظاهرين متطرفين من حركة السترات الصفراء. وتم صدور أوامر بإغلاق الشركات على طول طريق المسيرة التي تنظمها النقابة العمالية الرئيسية بمنطقة «ليفت بنك» بالمدينة. يذكر أن عيد العمال شهد العام الماضي اشتباكات بين 1200 من المتظاهرين الملثمين وشرطة مكافحة الشغب. وأصبحت الاشتباكات أيضاً من الملامح الدائمة لمظاهرات «السترات الصفراء» الأسبوعية في باريس ومدن أخرى، ومن المتوقع أن تخرج الحركة التي ليس لها قيادة إلى حد كبير إلى الشوارع مرة أخرى في عيد العمال أيضاً. وفي ألمانيا دعت مجموعات يسارية متطرفة إلى الخروج في مظاهرات في برلين وهامبورغ تحت شعار «معاً ضد الاستغلال إلى الهجوم الثوري». ويقف وراء هذه المظاهرة منظمة «البناء الأحمر»، التي تصنفها هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) على أنها منظمة تتبنى العنف.
ودعا الاتحاد العام للنقابات العمالية في ألمانيا إلى المطالبة بوضع حد أدنى للأجور على مستوى أوروبا. وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية، دعا راينر هوفمان، رئيس الاتحاد العام للنقابات العمالية، العمال في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي إلى إظهار قوتهم في انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في وقت لاحق من الشهر الحالي. وأضاف هوفمان في المقابلة، أن «أوروبا تدعم السلام وتحقيق المزيد من الرخاء». وتابع القيادي العمالي: «في العصر الرقمي لن يكون العمل على المستوى الوطني، وإنما على المستوى الأوروبي والعالمي». يذكر أن العمال الألمان يتظاهرون في يوم أول مايو من كل عام للمطالبة بتحسين ظروف العمل والأجور.
في سياق متصل، احتفل عمال تركيا بالمناسبة، أمس، على وقع أزمة اقتصادية حادة تشهدها بلادهم، أبرز مظاهرها انهيار العملة وارتفاع التضخم إلى مستوى الـ20 في المائة ومعدل البطالة إلى 14.6 في المائة وتزايد حاد في حالات إفلاس الشركات. ونظم اتحادات ونقابات العمال مسيرات حاشدة في مختلف المدن والميادين، وسط تدابير أمنية مشددة، في حين واصلت الحكومة منع إقامة الاحتفالات في ميدان تقسيم في وسط إسطنبول الذي شهد في هذه المناسبة عام 1977 إطلاق نار على العمال المحتفلين؛ ما أدى إلى مقتل عدد منهم.
ولم تخل الاحتفالات من مواجهات بين الشرطة ومجموعات من العمال الذين حاولوا الوصول إلى ميدان تقسيم والاحتفال بداخله، وأوقفت قوات الشرطة عدداً منهم. وكانت السلطات التركية رفضت طلبات قدمت لها قبل أسبوع من اتحادات عمالية ونقابية مختلفة للاحتفال في الميدان لما يحمله من رمزية بالنسبة لهم. وأعلن اتحاد نقابات موظفي الدولة، أنه سيواصل مقاومته من أجل الحصول على حقوق العمال؛ وذلك في بيان ألقاه عضو به بعد وضعه إكليلاً من الزهور عند النصب التذكاري بميدان تقسيم رفقة عدد محدود جداً من الأشخاص سمحت لهم الشرطة بالدخول.
كما دخل ممثلون لاتحاد النقابات الشعبية الميدان وهم يحملون في أيديهم محافظ نقود خاوية قاموا بوضعها تحت النصب التذكاري الذي يتوسطهم وهم يرددون وسط تدابير أمنية مشددة: «الموظفون يزدادون فقراً كل يوم... ومحافظهم خاوية باستمرار». وتوجه أعضاء في نقابتي الخدمات الصحية والموظفين المدنيين إلى ميدان تقسيم؛ وبعد وقوفهم دقيقة حداداً على أرواح ضحايا عام 1977 تحدث أحدهم لعدد من الصحافيين مؤكداً أهمية هذه المناسبة بالنسبة لعمال تركيا، للمطالبة بحقوقهم المغتصبة. وردد أعضاء النقابتين هتافات، مثل: «نحن العمال سننتصر لأننا على حق». ودخل عدد من أعضاء نقابة عمال الإنشاءات والبناء الميدان وهم يحملون لافتات كتب عليها: «سنضع حداً للاستغلال وجرائم العمل». ورفع بعض أعضاء إحدى المبادرات النسائية لافتة كتب عليها «نحن السيدات الجامعيات في تمرد؛ سنقوم بتخليص الجامعات من سطوة الشرطة».
ونظراً لمنع السلطات التركية احتفال العمال في ميدان تقسيم؛ قرر الكثير من النقابات الاحتفال بهذه المناسبة في ميادين أخرى مثل ميدان بكيركوي، الذي تدفق عليه عشرات الآلاف من أعضاء اتحادات ونقابات العمال.
وفي ميدان بشيكتاش القريب من منطقة تقسيم احتشد أعضاء حزب استقلال الشعب؛ وعند توجههم إلى ميدان تقسيم القريب منهم تصدت لهم قوات الشرطة وقامت بتوقيف عدد كبير منهم. وبلغ عدد من تم توقيفهم نحو 100 شخص. وشاركت النقابات الصحافية التي أكدت في لافتاتها أن «الصحافة ليست جريمة».
وأقيمت احتفالات مهرجانية في ميدان أناضولو في العاصمة أنقرة وسط تدابير أمنية مشددة، ورفع المشاركون في الاحتفالات مطالب بتحسين أحوال العمال والموظفين.
وتعود بداية الاحتفال بعيد العمال في تركيا إلى عام 1911 في عهد الدولة العثمانية، وأول مدينة شهدت الاحتفالات بعيد العمال هي مدينة سالونيك، وهي مدينة متطورة من ناحية المنظمات العمالية، وبدأت إسطنبول الاحتفال بعيد العمال في عام 1912 وتم اعتماد الأول من مايو عيداً للعمال بشكل قانوني في تركيا في عام 1923 مع إعلان الجمهورية.
وبعد هذا التاريخ أصدرت تركيا قانوناً أطلق عليه «قانون تقرير السكون»، في عام 1925، حيث تم حظر الاحتفالات بعيد العمال، واستمر هذا القانون ساري المفعول حتى سنوات طويلة، وفي عام 1976 تم الاحتفال بهذا اليوم للمرة الأولى برعاية «اتحاد نقابات العمال الثورية في تركيا» وألغيت الاحتفالات بعد الأحداث الدامية عام 1977، عندما تعرض محتفلون لإطلاق نار من مبانٍ مجاورة. وفي عام 2009، صدر قانون أعلن بموجبه أول مايو من كل عام عيداً رسمياً في البلاد مرة أخرى، وأصبح عطلة رسمية أيضاً. في سياق متصل، شهدت مدينة شانلي أورفا جنوب البلاد حادث سير لقي فيه 5 أشخاص حتفهم، وأصيب 4 آخرون أثناء توجه مجموعات من أعضاء إحدى النقابات التجارية إلى أحد الميادين للاحتفال بعيد العمال.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».