بيدرسن يتحدث عن «تفاؤل حذر» في اختراق سياسي بسوريا

TT

بيدرسن يتحدث عن «تفاؤل حذر» في اختراق سياسي بسوريا

عبّر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن عن «تفاؤل» بإمكان التوصل إلى اتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية التي طال انتظارها كي تباشر عملها الصيف المقبل. وتحدث عن تفعيل المجموعة المصغرة التي تتألف من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة العربية السعودية، والأردن، ومصر ستجتمع الجمعة في جنيف.
وقال رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بعدما قدم إحاطة في جلسة علنية لمجلس الأمن، إن تفاؤله يستند إلى الحوار «المكثف» و«الجيد للغاية» الذي أجراه مع الحكومة السورية والمعارضة، وكذلك على «التقدم الملموس» في وضع النظام الداخلي للجنة وتكوينها من 150 عضواً. وقال لأعضاء المجلس: إن هناك حاجة إلى حذف ستة أسماء لا توافُق حولها من قائمة المجتمع المدني التي تضم 50 عضواً، علماً بأن هناك قائمة حكومية مؤلفة من 50 عضواً وقائمة للمعارضة من 50 عضواً أيضاً. وعبّر عن اعتقاده أنه يمكن التوصل إلى اتفاق بمساومة «قليلة للغاية» و«حسن النية». وقال: إن اجتماع اللجنة الدستورية «يمكن أن يكون علامة أولى على حركة حقيقية»، وأن «يساعد على إطلاق عملية سياسية أوسع - نحو انتخابات بإشراف الأمم المتحدة»، آملاً في إنهاء الحرب الأهلية المتواصلة منذ ثماني سنوات.
وواجهت الجهود لتشكيل اللجنة الدستورية اعتراضات شديدة من الحكومة السورية على القائمة التي تمثل الخبراء والمستقلين وزعماء القبائل والنساء. وقال بيدرسن: إن هناك أولوية أخرى تتمثل في الحاجة إلى تسريع وتوسيع إطلاق المعتقلين والمختطفين، وكشف مصير الآلاف من الأشخاص المفقودين، مضيفاً أنه يتعين على الحكومة والمعارضة «الابتعاد عن إطار عمل التبادل واحد مقابل واحد» وإطلاق عدد أكبر من هؤلاء، معتبراً أن «التقدم الملموس في هذا الملف الإنساني الرئيسي سيرسل إشارة إيجابية للسوريين»، فضلاً عن أنه «سيكون إجراءً مهماً لبناء الثقة». ولاحظ أنه في حين أن أي تسوية سياسية يجب أن تكون بملكية سورية وقيادة سورية، فإن النزاع «جرى تدويله بشكل كبير»، وأن نتائج التسوية «يجب أن تتمتع بالدعم والشرعية الدوليين». وأكد أنه يريد استخدام الاتفاق على اللجنة الدستورية من أجل «رؤية تعاون دولي حيوي وواسع النطاق». ورأى أنه يجب إيجاد «منتدى مشترك» لدعم التقدم السياسي بين السوريين، مضيفاً: «أنا حالياً أجري مناقشة مع نفسي ومع مختلف الفاعلين الدوليين حول هذا الموضوع (...) ما أحتاج إليه هو مجموعة ملتزمة تجتمع وتدعم جميع جهود إعادة إطلاق العملية السياسية في جنيف».
وإذ أشار إلى أن ممثلين عن الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن سيجتمعون الجمعة في جنيف في محاولة لتفعيل المجموعة الصغيرة حول سوريا، قال بيدرسن: «لا أزال مقتنعاً بأن اللاعبين الدوليين الرئيسيين يتفقون على أكثر من الظاهر» من الأمور، مضيفاً أن «الجميع يدركون الحاجة إلى التعاون الدولي في سوريا». وأكد أنه سيواصل استخدام مساعيه الحميدة لمساعدة اللاعبين الرئيسيين ذوي النفوذ من أجل الانضمام إلى محادثات واحدة ناشطة، لتقديم دعم مشترك لعملية بقيادة سورية وملكية سورية بإشراف الأمم المتحدة. وسيعقد اجتماع آخر لهذه المجموعة في مايو (أيار) المقبل، حيث يستضيف بيدرسن، مرة أخرى في جنيف، أعضاء عملية آستانة.
وذكر بيدرسن أعضاء مجلس الأمن بـ«المعاناة الرهيبة للسوريين والمستقبل غير المؤكد للملايين» منهم، قائلاً: «أعتقد أن معظمهم سيحكمون على العملية السياسية بقدرتها على تقديم تحسينات على أرض الواقع ومراعاة حاجات وأولويات كل السوريين، الرجال والنساء». وعبّر عن نيته تعزيز التواصل مع اللاجئين السوريين والمجتمع المدني والمنظمات النسائية والجهات السورية الفاعلة الأخرى؛ إذ أضاف: «يواصل المجلس الاستشاري للمرأة تذكيرنا بالشواغل الأمنية والاقتصادية وحقوق الإنسان الخاصة بالنساء السوريات، النساء اللواتي يجلبن خبرات ووجهات نظر متنوعة إلى الطاولة ويشتركن في الحق في أن يكون لهن صوت على الطاولة». وتطرق إلى زياراته المكوكية إلى المنطقة في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) حين اجتمع مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق ومع قيادة لجنة المفاوضات السورية في الرياض وجنيف، حيث أكد في هذه الاجتماعات على «أهمية العمل على مجموعة كاملة من المواضيع الواردة في القرار 2254»، مع التشديد على «الحاجة إلى إحداث فرق ملموس في حياة السوريين». وكشف عن أنه أثار بشكل خاص مع الحكومة السورية والمعارضة «الحاجة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة في شأن إطلاق المعتقلين والمختطفين وتوضيح مصير المفقودين؛ لأن «التقدم الملموس في هذا الملف الإنساني الرئيسي سيرسل إشارة إيجابية للسوريين. وسيكون تدبيراً مهماً لبناء الثقة».
وعبّر عن القلق حيال الوضع في إدلب. بيد أنه رحب بتأكيد التزامهم تنفيذ مذكرة إدلب بشكل كامل.
وبالنظر إلى تدويل الصراع السوري، شدد المبعوث الأممي على أهمية احترام واستعادة سيادة سوريا لاستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها. وقال: «اسمحوا لي أن أكرر التأكيد على أن موقف الأمم المتحدة من الجولان السوري المحتل، تحدده قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة بشأن هذه المسألة»، مضيفاً أن «التهديد الخارجي يمثل تهديدات حقيقية للسلم والأمن الدوليين». وأشار إلى أن «خمسة جيوش دولية تعمل عبر الأراضي والمجال الجوي السوري، في حالة توتر أو حتى في نزاع؛ مما يزيد من مخاطر التصعيد. يجب احتواء هذه المخاطر وإزالتها في النهاية».
ورحب القائم بالأعمال الأميركي لدى الأمم المتحدة جوناثان كوهين باجتماع الجمعة في جنيف، قائلاً: إن عملية آستانة فشلت لأن الرئيس السوري بشار الأسد «يبدو مصمماً على الحرب» بينما يتضور الناس جوعاً ويمنع قوافل المساعدات عن الوصول إليهم. وقالت المندوبة البريطانية كارين بيرس: إن هناك تقارير تفيد بأن القوات الحكومية ألقيت صباح الثلاثاء براميل متفجرة في شمال حماة لأول مرة منذ سبعة أشهر، معتبرة ذلك دليلاً على أن الرئيس السوري ليس جاداً في شأن السلام. وقالت: إن «هذا (سلاح) عشوائي. واستخدام الأسلحة العشوائية أمر غير مقبول». وكررت أن بريطانيا وأوروبا لن تفكرا في مساعدة سوريا على إعادة البناء من دون تسوية سياسية ذات مصداقية.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.