معارك طرابلس تتسبب في نزوح قرابة 42 ألف ليبي

مطالب أممية بتوفير ممر آمن لإخراج العالقين

TT

معارك طرابلس تتسبب في نزوح قرابة 42 ألف ليبي

في حين تحاصر نيران الحرب آلاف الأشخاص داخل منازلهم الواقعة بالمحيط الجنوبي للعاصمة الليبية طرابلس، ترتفع مطالب محلية وأممية بضرورة توفير ممر آمن لإخراجهم، وتجنيب المواطنين والصغار ويلات القصف العشوائي.
وقالت فرق الإجلاء والدعم في مناطق وادي الربيع وخلة الفرجاني وقصر بن غشير، أمس، إنها أجلت، أمس، مئات الأسر، بعد توفير ممرات آمنة لهم، لكن «لا تزال هناك مئات العائلات العالقة في مناطق الاشتباكات، ولم نتمكن من إخراجهم». ولذلك ناشدت فرق الإجلاء والدعم سكان تلك المناطق أخذ الحيطة والحذر، والابتعاد عن شرفات المنازل، أو الوجود في الشوارع، حفاظاً على حياتهم، وطالبتهم بالإبقاء على التواصل معهم لإجلائهم، ريثما يتوفر ممر آمن.
وأحصت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة نزوح قرابة 42 ألف شخص منذ اندلاع المعارك في الرابع من أبريل (نيسان)، وحتى ظهر أمس، لافتة إلى أن آلاف الأشخاص «لا يزالون عالقين في الضواحي الجنوبية من المدينة، وحياتهم معرضة للخطر». وعلى مدار اليومين الماضيين، دعت الأمم المتحدة إلى توفير ممر آمن من أجل إدخال المساعدات الإنسانية إلى طرابلس، بينما قالت ميشيل باشيليت المفوضة السامية لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، في بيان، مساء أول من أمس: «يجب السماح بممر آمن بشكل عاجل داخل طرابلس، بهدف إدخال المساعدات إلى الليبيين، والسماح للمدنيين بمغادرة مناطق الاشتباكات»، وعبّرت عن قلقها من تصاعد الهجمات في المناطق السكنية.
كما حذرت المفوضة من أن تزايد الغارات الجوية والقصف العنيف على الأحياء السكنية «يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الإصابات بين المدنيين، وتدمير البنية التحتية المدنية، والنزوح المستمر»، داعيةً جميع الأطراف إلى الاحترام الكامل للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
في السياق ذاته، دعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا جميع الأطراف إلى القيام بـ«التزاماتها الإنسانية والقانونية من خلال تجنب ارتكاب أي خروقات، أو انتهاكات ضد المدنيين، وعدم استهداف المناطق السكنية».
وطالبت في بيانها، مساء أول من أمس، المتقاتلين بـ«عدم التحصن بالمناطق والأحياء السكنية المكتظة بالسكان المدنيين، أو استخدام الأهداف والمرافق المدنية، كالمطارات والمراكز الصحية لأغراض عسكرية، وذلك طبقاً لما نصّ عليه القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان».
وأكدت اللجنة أن «أطراف النزاع تتحمل المسؤولية القانونية والإنسانية الكاملة، إزاء ضمان تأمين ممرات إنسانية آمنة لإجلاء المدنيين العالقين بمناطق النزاع، وتأمين فرق الإسعاف والطوارئ، وطواقم الهلال الأحمر الليبي»، محذرةً من مغبة الاستمرار في استخدام القصف العشوائي بالأسلحة الصاروخية خلال المواجهات المسلحة، ومؤكدةً أن استهداف المدنيين والمناطق السكنية والأهداف المدنية «يشكل جريمة حرب مكتملة الأركان»، بموجب ما نص عليه القانون الدولي الإنساني. وانتهت اللجنة إلى أنه «يتوجب على جميع أطراف النزاع المسلح معاملة أسرى الحرب بطريقة إنسانية في جميع الأحوال، وحمايتهم من كل أعمال العنف والترهيب».
من جانبها، باشرت «لجنة الأزمة والطوارئ بالمجلس المحلي العجيلات»، أمس، توزيع مساعدات عينية على 23 أسرة نازحة جراء الاشتباكات في طرابلس. وقالت اللجنة إنها ستكمل توزيع المساعدات التي تسلمتها من المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين، على بقية الأسر النازحة البالغ عددها 250 أسرة نازحة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».