إيران وتركيا ترفضان تحرك ترمب لتصنيف «الإخوان» منظمة إرهابية

برلمانيون مصريون يرحبون ويترقبون «تنفيذاً عملياً»

TT

إيران وتركيا ترفضان تحرك ترمب لتصنيف «الإخوان» منظمة إرهابية

وجّهت تركيا وإيران، أمس الأربعاء، انتقادات شديدة للولايات المتحدة على خلفية سعي الرئيس دونالد ترمب إلى تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية. وأعلنت أنقرة رفضها الخطوة الأميركية التي أكدها البيت الأبيض أول من أمس، معتبرة أن من شأنها تعزيز «معاداة الإسلام» في الغرب وحول العالم، فيما اتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف واشنطن بدعم الإرهاب في المنطقة، مؤكداً أن طهران تعارض إدراج «الإخوان» على اللائحة الأميركية لـ«المنظمات الإرهابية».
وقال ظريف في تصريحات صحافية على هامش انعقاد منتدى في الدوحة، أمس، إن «الولايات المتحدة تدعم أكبر مصدر للإرهاب في منطقتنا وهو إسرائيل»، معتبراً أن واشنطن «ليست في موقع يسمح لها بمحاولة وضع آخرين في خانة الإرهاب»، بحسب ما أوردت وكالة «رويترز». وردّاً على سؤال حول قضية جماعة «الإخوان»، قال ظريف: «نحن نرفض أي محاولة من قبل الولايات المتحدة في هذا الاتجاه».
وقالت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض يوم الثلاثاء: «تباحث الرئيس (ترمب) مع فريقه للأمن القومي وقادة المنطقة الذين يشاطرونه القلق (من تنظيم الإخوان)، ويجري درس الأمر طبقاً للمسار الداخلي» المتبع. وأشارت «رويترز» إلى أن إدراج «الإخوان» على اللائحة الأميركية يتيح فرض عقوبات على من يقيم علاقات مع الجماعة المصنفة إرهابية في عدد من الدول العربية.
ويأتي إعلان البيت الأبيض بعد ثلاثة أسابيع من زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لواشنطن. وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» التي كانت قد كشفت المعلومات عن سعي ترمب إلى تصنيف «الإخوان»، تواجه مبادرة الرئيس الأميركي اعتراضات شديدة خاصة داخل «البنتاغون».
وكانت جماعة «الإخوان» أصدرت أول من أمس بياناً أوردته «رويترز» قالت فيه إنها ستواصل «العمل السلمي» بغض النظر عن تحركات إدارة الرئيس ترمب لتصنيفها جماعة إرهابية.
ولم تعلّق مصر رسمياً على المسعى الأميركي ضد «الإخوان»، لكن برلمانيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أبدوا ترحيباً مصحوباً بترقب لآلية تنفيذ إدارة ترمب للخطوة وتحويلها إلى «إجراءات عملية» بحق الجماعة.
وصنّفت السلطات المصرية «الإخوان» كيانا إرهابيا منذ ديسمبر (كانون الأول) 2013. وكان ذلك في أعقاب عملية استهدفت بسيارة مفخخة مديرية أمن الدقهلية (دلتا مصر) وأسفرت عن مقتل 16 شخصاً. وأصدرت مصر أيضاً في عام 2015 قانون «تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين»، والذي طال عدداً كبيراً من رموز الجماعة وقادتها.
وأشار عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان وزير الخارجية السابق، محمد العرابي، إلى أن مستوى المناقشات بشأن تصنيف «الإخوان» جماعة إرهابية يعتبر في مرحلة متقدمة بطرحه ضمن جدول أعمال الإدارة الأميركية، وكذلك «إذا ما قُورن بتوقف الأمر سابقاً عند حدود مطالبات من الأطراف العربية». ومع ذلك قال العرابي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك ما يمكن اعتباره «ضغوطاً قد تواجهها إدارة ترمب سواء كان ذلك من أطراف ودول غربية تمنح بعض عناصر الإخوان لجوءاً سياسياً، وكذلك بعض الدول العربية التي تضم برلماناتها أو حكوماتها أعضاء بالجماعة أو أحزاباً على صلة بها».
وبشأن ردود الفعل التركية والإيرانية الرافضة للإجراء، قلل العرابي من حدود تأثير تحفظات طهران وقال إنها «ذات صلة بإثبات الموقف بعد تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية؛ لكن وعلى الجانب الآخر فإن رفض أنقرة للتصنيف سيأخذ مساحة من النقاش في الإدارة الأميركية في ظل تدخل الأولى في ملفات إقليمية مثل السودان وليبيا». وخفضت القاهرة وأنقرة علاقاتهما الدبلوماسية منذ عام 2013 بسبب موقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، المناهض لـ«ثورة 30 يونيو (حزيران)» التي أطاحت حكم الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، بعد احتجاجات شعبية واسعة ضد استمراره في الحكم، وإطلاقه تصريحات اعتبرتها مصر عدائية.
واعتبر اللواء صلاح عقيل، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، أن «المسعى الأميركي يحتاج إلى الانتقال من مرحلة المناقشات إلى التنفيذ العملي»، مشيراً إلى أن ممارسات الجماعة والكيانات المرتبطة بها في داخل مصر وخارجها «أظهرت صلتهم بالعمليات الإرهابية» خلال السنوات الماضية. وقال عقيل: «لا شك أن تطورات المرحلة المقبلة ستفرض على إدارات غربية عدة أن تتخذ مثل هذه الخطوة، في ظل استمرار عناصر الجماعة في دعم وتنفيذ العمليات الإرهابية».
وفي أنقرة، أفيد بأن اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية الحاكم ناقشت في اجتماع برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، القرار الأميركي المحتمل ضد «الإخوان». وقال المتحدث باسم الحزب عمر تشيليك في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع الذي استمر حتى ساعة متقدمة ليل الثلاثاء - الأربعاء، إن القرار الأميركي المحتمل «سيشكل ضربة كبيرة لمطالب التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط، وسيؤدي إلى تقديم الدعم الكامل للعناصر غير الديمقراطية، وهذا أيضاً يعتبر أكبر دعم يمكن تقديمه للدعاية لتنظيم (داعش) الإرهابي».
وأضاف أن هذه الخطوة ستكون لها نتائج «تعزز معاداة الإسلام» في أوروبا وأميركا، وتقوّي موقف اليمين المتطرف حول العالم، محذراً من أن «غلق سبل المشاركة» أمام من وصفهم بـ«الديمقراطيين» من شأنه «المساعدة في ظهور عدد من التنظيمات الإرهابية بشكل خفي».
وتابع أن القرار ستكون له نتائجه بالنسبة لأميركا والشرق الأوسط وأوروبا، قائلاً إنه «باستثناء مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، لم يخرج أي محلل سياسي بالولايات المتحدة أو مسؤول أمني رفيع المستوى؛ ليؤكد صحة تصنيف كهذا. بل على العكس من ذلك، جميعهم يقولون إن هذا القرار خطأ واضح، فجميع الخبراء الأمنيين يقولون إن هذا القرار الذي يقف وراءه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومستشاره للأمن القومي جون بولتون، ستكون له عواقب وخيمة».
ويعد الرئيس رجب طيب إردوغان داعما قوياً لـ«الإخوان» وتستضيف بلاده قيادات الجماعة الهاربين إليها ومنحتهم تسهيلات كبيرة في الإقامة وإطلاق منصات إعلامية للهجوم على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وحكومته.
وتوقع مراقبون أن يؤدي تبني الحكومة الأميركية لقرار تصنيف «الإخوان» منظمة إرهابية، بشكل رسمي، إلى رفع حدة التوتر في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، وزيادة الضغوط الداخلية على إردوغان، الذي تتهمه المعارضة في بلاده بدعم الجماعات والتنظيمات الإرهابية والتدخل في شؤون دول ذات أهمية كبيرة بالنسبة لتركيا، كما أنه يقلص مساحة حركته على الساحتين الإقليمية والدولية.
واعتبر مراقبون أن إسراع حزب إردوغان إلى إعلان رفض القرار الأميركي المنتظر يعكس حجم المخاوف من اتهام تركيا بدعم الإرهاب وتعرضها للعقوبات، لا سيما في ظل وجود كثير من ملفات التوتر الأخرى في العلاقات مع واشنطن في مقدمتها صفقة الصواريخ الروسية «إس - 400» والوضع في شمال شرقي سوريا، والاتهامات الموجهة إلى تركيا بانتهاك حقوق الإنسان. وسيجبر القرار الأميركي المنتظر تركيا على وضع «الإخوان» على قوائم الإرهاب، ويفرض عليها تفكيك الجمعيات الاجتماعية، والخيرية، والمنابر الإعلامية وحظر أنشطتها الدعوية والتربوية.
وأجرى مستشار الرئيس التركي المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين اتصالا هاتفيا، ليل الثلاثاء - الأربعاء، مع مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، قالت مصادر الرئاسة التركية إنه ناقش آخر التطورات بخصوص صفقة منظومة الدفاع الروسية «إس - 400»، وتسليم تركيا مقاتلات «إف - 35» الأميركية، إضافة إلى جدول زيارة محتملة للرئيس الأميركي دونالد ترمب لتركيا، بموجب دعوة وجهها إليه إردوغان نهاية العام الماضي، رحب بها ترمب دون تحديد موعد. كما تم بحث التطورات على الساحة الليبية.
ولم تستبعد المصادر أن يكون قد تم التطرق إلى الإجراءات الأميركية الخاصة بإعلان الولايات المتحدة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية.


مقالات ذات صلة

ترمب «شخصية العام» لمجلة «تايم»: 72 يوماً من الغضب

الولايات المتحدة​ احتفل ترمب باختياره «شخصية العام» من قِبل مجلة «تايم» بقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك يوم 12 ديسمبر الحالي (أ.ب)

ترمب «شخصية العام» لمجلة «تايم»: 72 يوماً من الغضب

احتفى ترمب باختياره «شخصية العام» من مجلة «تايم»، وقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك على بُعد بضعة مبانٍ من المحكمة التي أدانته قبل 6 أشهر فقط.

علي بردى (واشنطن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجلة «تايم» تختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب «شخصية عام 2024»... (أ.ب)

ترمب: أدعم حل الدولتين لكن «هناك بدائل أخرى»

أجرى رئيس أميركا المنتخب، دونالد ترمب، حواراً مع مجلة «تايم» التي اختارته «شخصية عام 2024» وأكد أن «مشكلة الشرق الأوسط» أسهل في التعامل من «المشكلة الأوكرانية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال فعالية شخصية العام لمجلة تايم في بورصة نيويورك، 12 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ترمب رداً على سؤال عن احتمالات الحرب مع إيران: «أي شيء يمكن أن يحدث»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ردا على سؤال في مقابلة مع مجلة «تايم» حول احتمالات الحرب مع إيران، إن «أي شيء يمكن أن يحدث».rnrn

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».