تصاميم وتطويرات حديثة في ميدان المنازل الذكية

لوحة تحكم رقمية واحدة لإدارة الأجهزة ووصل بعضها ببعض

تصاميم وتطويرات حديثة في ميدان المنازل الذكية
TT

تصاميم وتطويرات حديثة في ميدان المنازل الذكية

تصاميم وتطويرات حديثة في ميدان المنازل الذكية

يعج مستودع في حي تشيلسي بمانهاتن في نيويورك بالعمل والنشاط الصناعي الحديث، حيث انكب الكثير من العمال الشباب على العمل على أدوات وآليات عادية، فضلا عن طابعات ثلاثية الأبعاد التي تتقدم منتجات نموذجية. هنا، يقع مقر شركة «كويركي» الجديدة الناشئة التي تتولى معالجة وتحليل 4000 فكرة إنتاجية جديدة أسبوعيا، لتختار منها في النهاية ثلاثة أفكار فائزة، وتتولى بعدها تنفيذها إنتاجيا، ابتداء من التصاميم الأولى إلى تسويقها عبر شركة «هوم ديبو»، فضلا عن طريق مواقع على الشبكة، بما فيها «أمازون».
غالبية منتجات «كويركي» (Quirky) التي تباع كثيرا هي من النوع الابتكاري الذي يتميز بخاصيات محددة. وواحدة من الأفكار الأربعة التي ترد إلى الشركة، تتعلق بالمنتجات المنزلية التي يمكنها التواصل مع الهاتف الذكي، أو شبكة «واي - فاي» المنزلية. وكلها تقع في إطار منظور المنزل الذكي، ومبدأ «إنترنت الأشياء»، الذي طالما جرى الترويج له.

* تحكم في المنازل الذكية
هذا المنظور موجود منذ سنوات، لكن واقعه ظل مراوغا، لأن «(إنترنت الأشياء) ما يزال في قبضة اللصوص والقراصنة، والأشخاص الذين اعتمدوه أولا، فضلا عن الأغنياء»، وفقا لبن كوفمان مؤسس «كويركي» ورئيسها التنفيذي، البالغ من العمر 27 سنة.
لكن «كويركي» شأنها شأن الشركات الأخرى، هي على وشك أن تتغير، فهي ستقود مجهودا طموحا لتسريع الالتزام بمنتجات المنزل الذكي. وهي لهذا الغرض ستؤسس لشركة مستقلة تسمى «وينك» التي ستتمحور تقنيتها الرئيسة على برمجيات تشابه نظم التشغيل المفتوحة لربط أجهزة المنزل الأوتوماتيكية كافة معا برباط محكم.
تطبيق شركة «وينك» للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية سيوفر للمستهلكين لوحة تحكم رقمية واحدة لإدارة أجهزة المنزل الذكية ووصلها بعضها ببعض. فعن طريق عمليات مسح قليلة على سبيل المثال، يمكن إضاءة وإطفاء أنوار المطبخ، وغرفة الطعام، وتوقيت غلق باب الدار وفتحه أتوماتيكيا. وكانت الشركة قد عملت خلال العام الماضي مع مجموعة من المنتجين لتشجيعهم على اعتماد هذه التقنية. وتنوي 15 شركة تقديم 60 منتجا مدعوما بتقنية «وينك». والشركات هذه تراوح بين العملاقة منها، مثل «جنرال إلكتريك»، و«هانيويل»، و«فيليبس»، والصغيرة والناشئة منها من أمثال «راشيو». ومن أمثلة المنتجات التي تستخدم بهذه التقنية مصابيح الإضاءة، وكاميرات الفيديو، وأبواب مرائب السيارات، ومسخنات المياه، ومرشات الحدائق.
وباتت منتجات المنزل تتواصل الآن فيما بينها، أو تفشل، عبر أساليب متنافرة. «لكن (وينك) تحاول ملء هذه الفجوة» كما يقول بيل أندرسون مدير التسويق في شركة «رهييم» الكبيرة المنتجة لسخانات ومراجل المياه، التي هي واحدة من شركاء «وينك».

* ربط الأجهزة المنزلية
و«كويركي» ليست وحدها التي تحاول ربط الأجهزة بعضها بعض في أعمال المنازل الذكية، التي شرعت تبرز أخيرا. إذ تقوم الكثير من الشركات بمعالجة هذا التحدي عن طريق الأجهزة والعتاد بشكل رئيس من أمثال «ريفولف»، و«سمارت ثنغس»، و«إنستيون». وكانت «أبل» قد قدمت مدخلا لبرمجيات خلال الشهر الماضي، طارحة تقنية «هوم كت» لكتابة التطبيقات بنظام تشغيل «آي أو إس» في «أبل» التي من شأنها التحكم في منتجات المنزل الذكي وإدارتها.
وتقول «نيست لابس» صانعة الضوابط الحرارية الرقمية التي تعد اختراقا تقنيا، إنها ستسمح قريبا للمطورين بكتابة التطبيقات التي تتيح لضوابطها الحرارية، وأجهزة التنبيه من الدخان، والتواصل مع الأجهزة المنزلية الأخرى. لكن أسلوب «كويركي» و«وينك» قد أعجب شركة «هوم ديبو» وإقناعها باختيار «وينك» كشريكتها التقنية، وبذلك تقوم «هوم ديبو» حاليا ببيع 600 منتج مختلف للمنازل الذكية، أي ستة أضعاف ما كانت تبيعه قبل سنتين.
«فقد رغبنا في شريك يمكنه جعل كل هذه المنتجات تعمل معا»، كما يقول جيف إبشتين، نائب رئيس «هوم ديبو» للمنتجات المنزلية الأوتوماتيكية، في حديث لـ«نيويورك تايمز»: «فصراحة، فإن «كويركي»، و«وينك» هما الوحيدتان القادرتان على القيام بذلك، حتى الآن على الأقل».
وأضاف: «علب التعبئة والتغليف لمنتجات (وينك) ستحمل أحد شعارين، واحد يقول: (جاهز بتطبيق وينك)، بمعنى أن المنتجات هنا يمكنها التواصل مع موجه للإشارات (راوتر) للإنترنت المنزلي، والثاني يقول: (قابل للتطابق مع تطبيق وينك) بمعنى أن المنتوج يتطلب وجود نقطة، أو محور رئيس كمترجم».
والمحور هذا عبارة عن آلة بحجم غلاف الكتاب يمكنها معالجة الاتصالات اللاسلكية، بما فيها «بلوتوث»، و«زغ بي»، و«زد - وايف»، و«واي - فاي» المعتمد قياسيا بشكل مفتوح للإنترنت، والسبب هو أن الكثير من أجهزة المنزل الذكية الموجودة حاليا في الأسواق لم تستخدم «واي - فاي» بعد.



مصاعد فضائية لرحلات جماعية إلى القمر

رسم تخيلي للمصعد القمري
رسم تخيلي للمصعد القمري
TT

مصاعد فضائية لرحلات جماعية إلى القمر

رسم تخيلي للمصعد القمري
رسم تخيلي للمصعد القمري

حتى مع انخفاض أسعار رحلات الفضاء بشكل كبير في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين المقبلة، فإن التكاليف البيئية والمالية المترتبة على استخدام الصواريخ المعبأة بوقود كيميائي للإفلات من جاذبية الأرض، كانت سبباً في إعاقة التوسع البشري إلى القمر وما بعده. كما كان هناك أيضاً غضب واسع النطاق من أن استكشاف الفضاء أصبح حكراً على الأغنياء، ما أدى إلى الرغبة في إضفاء «الطابع الديمقراطي» على الوصول إلى الفضاء.

مصاعد فضائية

كان الحلم، منذ قرون، أن نبني مصعداً فضائياً لنقلنا من الأرض إلى الفضاء من دون استخدام الصواريخ. ولكن كيف يمكن بناؤه، وأين؟ كانت التحديات الهندسية، جنباً إلى جنب مع العقبات السياسية، بالغة الضخامة. وكانت الإجابة تتلخص في قلب الفكرة وبناء خط واصل من سطح القمر إلى مدار الأرض... كل ما عليك فعله هو أن تنتقل من الأرض إلى نهاية الخط الواصل ثم القفز إلى ترام يعمل بالطاقة الشمسية والتحرك على طول المسار إلى القمر.

لكن تظل هناك حاجة إلى الصواريخ للوصول إلى النهاية المتدلية للخط الواصل، ولكن بما أن تلك الصواريخ لن تضطر إلى الإفلات تماماً من جاذبية الأرض، فانها ستحتاج إلى وقود أقل بكثير.

وكتب روان هوب في مجلة «نيو ساينتست» العلمية، وعلى عكس التصميمات التقليدية للمصاعد الفضائية، أن الخط الذي تسير عليه لم يكن بحاجة إلى ثقل موازن عملاق، يكون الضغط على الكابل أقل بكثير، وتكون المواد اللازمة لجعل هذا الأمر حقيقة متاحة، وأصبحت الفكرة قابلة للتطبيق بحلول عام 2040.

بمجرد بنائه، يصبح من الممكن نقل البشر والبضائع من الأرض بواسطة الصواريخ إلى الخط الواصل ثم إلى القمر، مع خفض إجمالي كمية الوقود اللازمة لنقل شيء ما من عالمنا إلى القمر الطبيعي بمقدار الثلثين. وأدى انخفاض الأسعار الناجم عن ذلك إلى تغيير جذري فيما يمكن القيام به في الفضاء ومن يمكنه أن يذهب من البشر.

خط قمري

يتم تصميم قاعدة أول خط قمري واصل بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، على الجانب القريب من القمر، حيث يجري إنشاء العديد من القواعد القمرية في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين للاستفادة من الضوء شبه الثابت في القطب الجنوبي والاحتياطيات الكبيرة من المياه المتجمدة في فوهة «شاكلتون».

على عكس قواعد القمر، التي ترتبط بالشركات الخاصة والدول على الأرض، يعد المصعد مورداً مشتركاً. وقد تم بناؤه بموجب قوانين وضعتها المنظمات غير الحكومية مثل مؤسسة «من أجل كل أنواع القمر» For All Moonkind ومؤسسة «القمر المفتوح» Open Lunar Foundation، والمنظمات المناظرة في المناطق المساهمة الرئيسية (الهند، واليابان، والصين، والاتحاد الأوروبي).

إن الخط الواصل يتصل بالقمر عبر نقطة «لاغرانج» القمرية «إل 1». هذه هي المناطق في الفضاء حيث تتوازن الجاذبية للقمر والأرض، ولا تكون هناك حاجة إلى الوقود للحفاظ على موضع الجسم.

في الواقع، فإن هذه النقطة هي عبارة مواقف سيارات في الفضاء، ومن ثمّ فهي مواقع مفيدة للغاية للمستودعات والموانئي الفضائية. الخط الواصل - أو السلم القمري Lunar Ladder، أو الممشى القمري MoonWalk، أو «عصا الجبن» Cheese Stick، كما كان يُطلق عليه بشكل مختلف - تم بناؤه في وقت واحد من مستودع فضائي في «إل 1» والقاعدة على سطح القمر. وتم اختيار البوليمر الاصطناعي فائق القوة «إم 5» كمادة، لتسليم آلاف الأطنان منه إلى «إل 1» للبناء.

كل ما عليك فعله هو الانتقال من الأرض إلى نهاية الخط الواصل والقفز إلى الترام الشمسي والتحرك على طوله إلى القمر.

تطورات المصعد القمري التاريخية

أثار هذا المشروع عدة تطورات مفيدة. كانت الصواريخ الكيميائية، التي توفر قوة دفع كافية للخروج من سطح كوكب، لا تزال قيد الاستخدام للوصول إلى مدار الأرض المنخفض، ولكن بعد ذلك، انضمت المحركات الأيونية إلى المصعد، ثم استُخدمت بعد ذلك للتحرك في جميع أرجاء النظام الشمسي. تولد هذه المحركات قوة دفع عن طريق تسريع الذرات المشحونة كهربائياً عبر حقل كهربائي، وكانت تعمل بالطاقة الشمسية، ولقد سمح هذا باستكشاف الكون الواسع على نحو أقل تكلفة وأكثر عمقاً.

يرجع أول اقتراح للمصاعد الفضائية إلى عام 1895، في تجربة فكرية ابتكرها رائد الفضاء الروسي «كونستانتين تسيولكوفسكي». كتب تسيولكوفسكي في عام 1911 يقول: «الأرض مهد الإنسانية، ولكن البشرية لا يمكن أن تبقى في المهد إلى الأبد». وقد أجري أول اختبار لهذه التكنولوجيا عام 2018، مع ظهور مشروع «STARS - Me»: القمر الاصطناعي الآلي المستقل المربوط بالفضاء - المصعد المصغر».

حدث هذا بجوار محطة الفضاء الدولية، باستخدام تصميم من قبل الباحثين في جامعة شيزوكا في اليابان. ويتكون من قمرين اصطناعيين صغيرين متصلين بكابل طوله 11 متراً مع زاحف يتنقل بينهما.

في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين، عندما تبدأ بعثات «أرتميس» إلى القمر، سيتم بناء محطة «البوابة الفضائية» في المدار القمري، وأصبح هذا حجر انطلاق لمستودع «إل 1».

إن الخط الواصل يلعب دوراً محورياً في إضفاء الطابع الديمقراطي على الفضاء، إذ يصبح الذهاب إلى القمر للعمل أو قضاء وقت الفراغ شيئاً يمكن لأي شخص تقريباً فعله إذا أراد. ويتبع ذلك تحقيق اختراقات علمية من إنشاء قاعدة أبحاث في «إل 1»، ويتم نقل العمليات المدمرة - مثل التعدين - خارج كوكب الأرض. فقد تم نقل جزء كبير من البنية الأساسية الصناعية الملوثة للأرض - لا سيما منشآت الخوادم التي تدعم الطلب على الكومبيوترات - إلى القمر، حيث يمكن استخدامها بكفاءة أكبر بواسطة الطاقة الشمسية.