السيسي يعتبر المشاركة في تعديلات الدستور «إسكاتاً لانتقادات خارجية»

TT

السيسي يعتبر المشاركة في تعديلات الدستور «إسكاتاً لانتقادات خارجية»

رأى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشاركة مواطنيه في الاستفتاء، الذي أجري على تعديل دستور البلاد، ودخل حيز التنفيذ قبل نحو أسبوع، أسكت انتقادات «خارجية» بشأن التعديلات، التي تضمنت مواد عدة، من بينها ما يسمح بتمديد ولاية السيسي الحالية لعامين إضافيين وحتى عام 2024، وكذلك الترشح لفترة ثالثة مدتها 6 سنوات.
وخاطب السيسي خلال كلمته في احتفالية عيد العمال، التي أقيمت بمحافظة الإسكندرية أمس، المصريين الذين شاركوا في الاستفتاء، معبراً عن امتنانه لهم، وقال: «ما فعلتموه جبر خاطري وخاطر مصر».
وأعلنت «الهيئة الوطنية للانتخابات» في مصر، الأربعاء الماضي، إقرار التعديلات على دستور البلاد بموافقة 88 في المائة، ممن أدلوا بأصواتهم (23 مليون ناخب)، من أصل أكثر من 61 مليون مواطن، كان يحق لهم التصويت، وبنسبة مشاركة 44 في المائة، وقالت إن «إجمالي من صوّت بـ(لا) بلغ قرابة 3 ملايين ناخب، أي بنسبة 11.17 في المائة»،
وتعليق الرئيس المصري بشأن تعديل الدستور هو الأول من نوعه من حيث العلانية، إذ التزمت مؤسسة الرئاسة بعدم التطرق للأمر أثناء طرحه كفكرة من قبل مقربين من الرئيس، أو أثناء مناقشته في البرلمان، واكتفى السيسي بعد إعلان النتائج ببث تغريدة، عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر»، متوجهاً بـ«تحية تقدير واعتزاز للشعب المصري العظيم، الذي أبهر العالم باصطفافه الوطني، ووعيه القومي».
وارتجل الرئيس المصري في بداية كلمته الرسمية حديثه بشأن الاستفتاء على الدستور، وقال إنه «لا يوجد أحد مخلّد في مكانه غير البلد وأهلها، وإن مشاركتكم (المصريين) في أي انتخابات كفيلة بتحقيق ما تريدون، ومن تريدونه في مكاني (رئيساً)، انزلوا له وسيأتي».
واستدرك قائلاً: «ماذا كانت تعني التجربة الخاصة بالاستفتاء؟... الدنيا كلها كانت تتحدث عنها، بغض النظر عن الرضا أو عدم الرضا... وليس هناك شيء في المطلق، ولا يوجد هناك إجماع كامل على أي شيء. نقبل من قال نعم أو لا... والأصح أن الناس تشارك وتقول رأيها، وتفرض إرادتها، ولا أحد يستطيع أبداً أن يغير ذلك».
وتابع السيسي موضحاً: «كان هناك كلام كثير قبل هذا الموضوع (الاستفتاء)»، وتساءل: «لكن لماذا سكتوا بمجرد أن نزل الناس (للإدلاء بأصواتهم)؟».
وتناول السيسي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وقال إن «قرارات زيادة الحد الأدنى للأجور ليست جنياً لثمار الإصلاح الاقتصادي... ما زال الوقت مبكراً».
وكان السيسي يقصد القرارات، التي أعلنها نهاية مارس (آذار) الماضي بزيادة الحد الأدنى لأجور العاملين في الدولة، من 1200 جنيه إلى ألفي جنيه (الدولار الأميركي يساوي 17.15 جنيه). وقال مخاطباً العمال إن «المنافسة لا تنتهي، والعالم كله يتحرك وينافس بعضه لكي يحقق لشعبه الخير، ولا تتصوروا أن ما تحقق خلال الإجراءات التي أعلنت الفترة الماضية يعني قطف ثمار الإصلاح، بل هو إشارة إلى أن المصريين عندما يتحملون إجراءات قاسية، بكل ما تعنيه هذه الكلمة، كان ذلك هو المسار الذي نجحنا فيه».
ومنذ إعلان مصر تحرير سعر صرف العملة عام 2016، ارتفعت معدلات التضخم بشكل غير مسبوق، لكنها عاودت التراجع أخيراً، كما ألغت الحكومة الدعم جزئياً عن المحروقات، فيما تواصل تنفيذ إجراءات تهدف لتقديم خدمات غير مدعومة في قطاعي الكهرباء والغاز الطبيعي.
وأشار السيسي إلى أن «ما تحقق سابقاً بفضل المصريين، ووعيهم وصبرهم وتحملهم وعملهم، سيكون خطوة من ألف خطوة»، معتبراً أن «مصر عانت خلال السنوات الماضية من تحديات جسيمة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية»، ولفت إلى أنه «لا سبيل للتغلب على تلك التحديات إلا بالعمل الجاد والمستمر، والصبر على النتائج. ولولا برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل، الذي تحمله شعب مصر، لما كان من الممكن أبداً وضع حلول جذرية لمشكلات الاقتصاد المصري المزمنة التي تراكمت وتفاقمت عبر سنوات وعقود طويلة دون حلول حقيقية».
ولفت الرئيس إلى «ما تقوم به الدولة من إجراءات لإصلاح القطاع العام، وتزويده بمعدات جديدة من أحدث ما يكون». وقال مطمئناً عمال القطاع العام: «لقد اطلعت على الأوضاع في القطاع العام، ولا أحد سيضيع، ونجاح مصانع قطاع الأعمال سيؤدي إلى نجاح مصر واقتصادها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.