رئيس الوزراء العراقي يبحث ملفات اقتصادية في ألمانيا وسياسية في فرنسا

TT

رئيس الوزراء العراقي يبحث ملفات اقتصادية في ألمانيا وسياسية في فرنسا

في إطار جولة أوروبية تشمل ألمانيا وفرنسا، أجرى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، في برلين، أمس، سلسلة مباحثات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تكللت بتوقيع عقد تنفيذ خريطة تطوير قطاع الكهرباء، بالتعاون مع شركة «سيمنز» الألمانية، كما أفاد بذلك مكتب رئيس الوزراء.
ويضم الوفد المرافق لعبد المهدي، وزراء الخارجية والتجارة والكهرباء والإعمار والإسكان والبلديات وأمينة بغداد ومستشار الأمن الوطني وعدداً من المسؤولين والمستشارين.
وتشير توقعات المراقبين المحليين إلى أن الزيارة ستركز على الجوانب الاقتصادية والخدمية، وتطوير قطاع الكهرباء الذي سيكون أحد أبرز التحديات التي تواجهها حكومة عبد المهدي، مع حلول فصل الصيف. ولا يستبعد آخرون أن تتناول مباحثات عبد المهدي الأوروبية موقف العراق من العقوبات الأميركية على إيران.
وكان عبد المهدي أكد قبيل سفره إلى ألمانيا، أن الزيارة تستهدف «توقيع اتفاقات مهمة في عدة مجالات، من بينها الطاقة». وخلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده عبد المهدي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين أمس، أكد أن «من بين هذه الاتفاقات التوقيع على اتفاق من 4 محاور مع شركة (سيمنز) بقيمة 14 مليار دولار لتنفيذ مشروعات كبيرة في مجال الكهرباء»، مؤكداً أن الشركات الألمانية «لها فرص كبيرة في خريطة الطاقة».
وفي الجانب السياسي قال عبد المهدي: «لقد تباحثنا في أوضاع المنطقة والتعقيدات الموجودة فيها، ودور العراق المهم».
ولفت انتباه المراقبين حديث عبد المهدي مع المستشارة الألمانية عن العلاقة بين بغداد وإقليم كردستان، حيث اعتبر أن «العلاقات بين أربيل وبغداد ممتازة، لكن هذا لا يعني حل جميع المشكلات الموروثة والتاريخية المعقدة حول النفط والمناطق المتنازع عليها، وكيفية توزيع الموارد في العراق الاتحادي». وأوضح أن «رئيس الجمهورية ووزراء وزارات مهمة ومسؤولين من إقليم كردستان يحتلون مواقع مهمة في الحكومة، إضافة إلى الكتلة البرلمانية الكبيرة التي تمارس نشاطها بكل مؤسساتية وحرية».
بدوره، يرى مصدر مقرب من الحكومة العراقية، أن «الجانب الاقتصادي سيكون هو الحاكم في مباحثات عبد المهدي في ألمانيا، وفي فرنسا سيكون للجانب السياسي الدور الأكبر».
وذكر المصدر، الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن «ألمانيا هددت في وقت سابق العراق بعدم التعاون معه، في حال لم يبد الجدية اللازمة في مسألة إبرام عقود الطاقة الكهربائية مع شركة (سيمنز)». ويرى المصدر أن «رئيس الوزراء يعتقد أن مصيره السياسي مرهون بملف الكهرباء، وهذا الملف يشكل الضاغط الأساس الذي يتحرك بموجبه، لذلك شهدنا الإعلان عن سلسلة تفاهمات مهمة في ألمانيا تتعلق بملف الطاقة».
وتوقع المصدر أن «تتناول مباحثات عادل عبد المهدي في باريس الجوانب السياسية، ومنها ملف المقاتلين في صفوف (داعش) الذين يحملون الجنسية الفرنسية، وما زالوا في السجون العراقية».
ويتفق أستاذ العلوم السياسية في «جامعة النهرين»، ياسين البكري، على الأولوية الاقتصادية في زيارة عبد المهدي، ويرى أن «الزيارة حتى لو لم تحقق سوى عقد الكهرباء مع (سيمنز) لكانت ناجحة، لأن هذا الملف يمس حياة البلاد والمواطنين بشكل مباشر، وقد كان مصدراً للمعاناة طوال السنوات الماضية». وتوقع البكري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «يشمل الجانب السياسي محاولة العراق شرح موقفه، ووجهة نظره من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، فبرلين وباريس من أهم العواصم الأوروبية المعنية بهذا الملف الشائك».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».