الاحتجاجات الشعبية تتسع رفضاً للمس برواتب الموظفين

الاتحاد العمالي يعلن الإضراب ثلاثة أيام

TT

الاحتجاجات الشعبية تتسع رفضاً للمس برواتب الموظفين

نفذ العسكريون المتقاعدون، صباح أمس، اعتصامات في عدد من المناطق، وأقفلوا مداخل العاصمة بيروت، احتجاجاً على التوجه لتخفيض حقوقهم المالية، فيما أعلن الاتحاد العمالي العام عن إضراب عام أيام الخميس والجمعة والسبت، على أن ينفذ الحزب الشيوعي اليوم مظاهرة في يوم عيد العمال رفضاً لخفض الرواتب وزيادة الضرائب. وتأتي هذه التحركات في موازاة انطلاق جلسات الحكومة لمناقشة موازنة عام 2019 التي تتضمن بعض بنودها إجراءات تقشفية تطال الموظفين. وعمد العسكريون في تحركهم الذي انطلق من وسط بيروت إلى إقفال مداخل مصرف لبنان ووزارة المالية ومرفأ بيروت.
وتفقد رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، المعتصمين عند مدخل المرفأ، وأكد «دعم كل تحرك يطالب برفع الظلم عن الطبقة العاملة في القطاع العام أو القطاع الخاص، عبر تخفيض الأجور والتقديمات، أو عبر ضرائب جديدة تفرض»، مشيراً إلى أنه «يؤيد كل تحركاتهم التي ترفع الصوت عالياً في وجه المس بمكتسباتهم وحقوقهم».
وتحدث باسم المعتصمين رئيس الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى العميد المتقاعد مارون خريش، فقال: «الاعتصام مستمر إلى أن تصدر إشارة واضحة إيجابية بإلغاء جميع المواد التي تتعلق بتخفيض رواتبنا أو تعويضاتنا أو التقديمات الاجتماعية عن مجلس الوزراء»، وأضاف: «نبعث برسالة إلى مجلس الوزراء، وإلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وإلى الوزراء الذين يمثلون كتلهم، بأننا إذا تبلغنا بأنهم أخذوا قراراً بتخفيض رواتبنا، فلن نقبل بذلك، وسنبقى في الشارع، مع خطوات تصعيدية قد تكون مؤلمة».
ومن جهته، قال العميد المتقاعد جورج نادر: «إقفالنا مرفأ بيروت ومدخل مصرف لبنان هو رسالة تحذيرية. وفي حال لم يسحب موضوع حسم رواتب العسكريين من التداول في الموازنة، فلن تنعقد جلسة لمجلس النواب»، مضيفاً: «أغلقنا مصرف لبنان بسبب هندساته المالية، ومرفأ بيروت لأنه أكبر مزراب للهدر، وأهدافنا المقبلة ستبقى سرية، وتعلن في حينه». وبدوره، أكد الناطق باسم الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى، العميد سامي رماح: «لسنا الفئة الوحيدة المهدورة حقوقها، بل كل الشعب اللبناني مهدورة حقوقه»، وأوضح أن «هناك 3 طرق لاستعادة قيام الدولة، هي: رفع السرية المصرفية، وإلغاء الحصانات عن كل المسؤولين، وإقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة. فليذهبوا إلى مزاريب الهدر في الكهرباء و(أوجيرو) والأملاك البحرية والنهرية والمرفأ»، مؤكداً أن «هناك الكثير من الأموال ليغطوا بها عجز الدولة، بدلاً من جيوب الفقراء والعسكريين».
وانضم عضو تكتل «التيار الوطني الحر»، النائب العميد المتقاعد شامل روكز، إلى المعتصمين، وقال: «الموازنة مرفوضة من البداية، لأنها قائمة على حقوق القطاع العام والعسكريين، ونأمل أن توضع اليوم خلال جلسة مجلس الوزراء النقاط على الحروف»، وسأل: «هل يكافأ العسكري الذي دافع عن لبنان، وفدى الوطن بدمه، ووقف بوجه إسرائيل، بهذه الطريقة؟»، وأضاف: «أناشد رئيس الجمهورية ميشال عون (بي العسكر)، ومجلس الوزراء، أن يضعوا يدهم على الموضوع، وأن يكونوا منصفين مع العسكريين».
وفي موازاة ذلك، أعلن الاتحاد العمالي العام، بعد اجتماع طارئ له عقده أمس، الإضراب العام والإقفال أيام الخميس والجمعة والسبت المقبلة. وقال في بيان له: «بعد الاطلاع على طروحات لخفض رواتب العاملين في القطاع العام، كحل لتغطية الفساد الذي تسبب بإفقار البلاد والعباد، فإن الاتحاد يعلن رفضه المطلق المساس بالرواتب والتقديمات الخاصة بالعاملين في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة، والإدارات العامة كافة، تحت أي اسم أو ظرف أو ذريعة. فإننا نكرر دعوة الحكومة إلى المباشرة في سياسة الإصلاح، ووقف الهدر والصفقات والهندسات، بدلاً من هضم الحقوق، ومد اليد على رواتب العاملين». وأعلن أيضاً رفضه المساس بفوائد ديون الضمان المتوجبة في ذمة الدولة اللبنانية، الأمر الذي يهدد تعويضات العمال.
كذلك، دعا الحزب الشيوعي اللبناني، إثر اجتماع لمكتبه السياسي، للتظاهر اليوم (الأربعاء)، مؤكداً أن «الجذور العميقة للمقاربة الاقتصادية التي يقوم عليها مشروع موازنة عام 2019 تتجاهل التصويب على من تسبب بالأزمة، ومن استفاد من تفاقمها، ومن يجب بالتالي أن يتحمل نتائج معالجتها».
ومن جهتها، أعلنت لجنة الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية في بيان «الإضراب التحذيري الشامل والأخير يوم الأربعاء، في الثامن من الشهر الحالي، والمفتوح ابتداء من الخامس عشر منه، وذلك في جميع فروع الجامعة وكلياتها، بالتزامن مع الاعتصامات المكثفة، ومقاطعة الامتحانات، بما فيها وضع الأسئلة والمراقبة وتصحيح المسابقات، واستمرار الإضراب إلى حين رفع الملف من مجلس الجامعة إلى وزير التربية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».