صندوق النقد يستثني السعودية والإمارات ومصر من توقعات متشائمة في 2019

أكد أن المنطقة يظللها «عدم اليقين» داعياً إلى تسريع وتيرة الإصلاحات

جهاد أزعور خلال مؤتمر لإطلاق تقرير «آفاق الاقتصاد الإقليمي 2019» في دبي أمس (الشرق الأوسط)
جهاد أزعور خلال مؤتمر لإطلاق تقرير «آفاق الاقتصاد الإقليمي 2019» في دبي أمس (الشرق الأوسط)
TT

صندوق النقد يستثني السعودية والإمارات ومصر من توقعات متشائمة في 2019

جهاد أزعور خلال مؤتمر لإطلاق تقرير «آفاق الاقتصاد الإقليمي 2019» في دبي أمس (الشرق الأوسط)
جهاد أزعور خلال مؤتمر لإطلاق تقرير «آفاق الاقتصاد الإقليمي 2019» في دبي أمس (الشرق الأوسط)

استثنى صندوق النقد الدولي دولاً خليجية، على رأسها السعودية والإمارات، إضافة إلى مصر، من توقعاته الاقتصادية المنخفضة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال العام الجاري 2019؛ حيث أكد أن هذه الدول ستشهد نمواً خلال العام الجاري، فيما حذر من تضخم إيراني قياسي، إضافة إلى المخاطر التي تواجهها الجزائر نتيجة الإصلاحات.
وقال الصندوق في تقرير حول آفاق الاقتصاد الإقليمي في المنطقة، التي تضم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان وأفغانستان، إن التوقعات بالنسبة للدول الواقعة في هذه المنطقة تظلّلها درجات عالية من عدم اليقين، مدفوعة بالاضطرابات والنمو الاقتصادي المحدود.
وأوضح أن عدم اليقين هذا قد يزيد مخاوف المستثمرين بشأن وجود مخاطر في المنطقة برمّتها، مما قد يؤدي إلى هروب أموال، ووضع أسعار الصرف تحت الضغوط.
وتوقع صندوق النقد أن تشهد البلدان المُصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، نمواً اقتصادياً بنسبة 0.4 في المائة خلال عام 2019، مقارنة مع 0.6 في المائة خلال العام الماضي، مفسراً هذا التراجع بشكل رئيسي إلى الانكماش الحاد الذي يشهده النشاط الاقتصادي في إيران، بعد تجديد العقوبات المفروضة عليها.
وقال الصندوق في تقرير «آفاق الاقتصاد الإقليمي 2019»: «على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي، فمن المتوقع ألا يطرأ تغيير كبير، ليستقر عند نحو 2 في المائة»، وأكد أن تدابير خفض إنتاج النفط، واستمرار سياسات ضبط الإنفاق العام، في دول مثل البحرين وعُمان والإمارات، من شأنها أن تساهم في ترجمة هذه التوقعات على أرض الواقع، في الوقت الذي يتوقع أن يفوق نمو الاقتصاد السعودي التوقعات في 2019.
وحول البلدان المستوردة للنفط، توقع التقرير أن تسجل نمواً بنسبة 3.6 في المائة خلال عام 2019 - انخفاضاً من 4.2 في المائة خلال عام 2018 - مع توقعات بأن ترتفع هذه النسبة إلى 4.2 في المائة، خلال الفترة بين 2020 و2023.
ووفقاً لنتائج التقرير، فإن هناك تبايناً كبيراً في توقعات النمو بين اقتصادات المنطقة؛ حيث تواصل مصر تسجيل نمو اقتصادي قوي، في حين من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الباكستاني تباطؤاً حاداً. فيما توقع أن تتراجع اقتصادات الدول المصدرة للنفط خارج مجلس التعاون الخليجي، بنسبة 1.7 في المائة، بعدما انكمشت بنسبة 1.1 في المائة في 2018، بسبب التطورات في إيران، وفقاً لتقرير الصندوق.
وبشكل عام، توقّع الصندوق أن يبلغ متوسط النمو في المنطقة كلّها 1.3 في المائة هذا العام، مقارنة بنحو 1.4 في المائة السنة الماضية، على أن يعود ليقفز إلى 3.2 في 2020.
وأكد التقرير أن الظروف الاقتصادية العالمية غير المواتية، والتوترات الجيوسياسية تلقي بظلالها على توقعات النمو في دول المنطقة، كما أن تحديات السوق المالية العالمية التي تتسم بعدم الاتزان والاستقرار تشكل مصدر قلق، خصوصاً بالنسبة لمستوردي النفط الذين سيشهدون قريباً استحقاق التزامات مالية ضخمة بالعملة الأجنبية.
وقد أظهر التقرير ازدياد المخاوف المالية في جميع دول المنطقة؛ حيث ينجم عن ارتفاع حجم الدين العام، فرض مزيد من القيود على الدول، ضمن جهودها الرامية إلى معالجة الاحتياجات الهيكلية الملحّة. فضلاً عن ذلك، تشكل التوترات الاجتماعية مصدر قلق بشكل متزايد، مما يؤكد التحديات الصعبة التي يواجهها صنّاع السياسات التجارية، بين ضمان تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي والتصدي لتحديات النمو على الأجل المتوسط.
وكاستجابة لمثل هذه التحديات، دعا التقرير دول المنطقة إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، بهدف دعم القطاع الخاص، وتعزيز أطر الحوكمة ومواجهة الفساد، مع زيادة حجم الاستثمارات في قطاع التعليم والتكنولوجيا. وقال إنه من شأن هذه الخطوات الإيجابية أن تخلق مزيداً من فرص العمل، وتدعم جهود التنويع الاقتصادي، وتؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق نمو على الأجل المتوسط.
ويشدد التقرير على ضرورة بذل هذه الدول جهوداً أكبر لتطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودفع عجلة نموه، نظراً لأهميته الكبيرة في توفير فرص العمل في المنطقة.
وفي ضوء الأوضاع المالية غير المواتية، يدعو التقرير دول المنطقة إلى مواصلة تنفيذ سياسات ضبط الإنفاق العام، لإعادة بناء قدراتها وتعزيز مرونتها، مع ضمان أن تصب هذه الجهود في مصلحة تحقيق النمو، ومواصلة الإنفاق على شبكات الأمن الصحي والاجتماعي.
وقال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد: «تكمن في صميم جهود الإصلاحات السياسية المبذولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، الحاجة إلى تحقيق توازن مالي على أسس سليمة، وتحفيز النمو على الأجل المتوسط، مدعوماً بسلسلة من الإصلاحات الهيكلية، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تعزيز بيئة الأعمال وأطر الحوكمة، إلى جانب تحسين مرونة سوق العمل وتوسيع نطاق المنافسة في الأسواق».
وأضاف في حديث، خلال ندوة عقدت أمس في دبي: «تُعد هذه الإصلاحات ركيزة أساسية، إذا أرادت المنطقة خلق مزيد من فرص العمل، لتلبية احتياجات ملايين الكوادر الشابة المتطلعة إلى خوض غمار سوق العمل. وترجمة لهذه الجهود على أرض الواقع، لا بد أن يتم تمكين شريحة أوسع من الشركات الصغيرة والمتوسطة من الوصول إلى الخدمات المالية، خصوصاً أنها تشكل الغالبية العظمى في قطاع الأعمال، على الرغم من أنها تُعد مصدراً غير مستغل لتوليد الوظائف في المنطقة».
وقال: «لا يزال الإنفاق الاجتماعي والتدابير المتبعة في حماية المجتمعات الفقيرة والمحتاجة، وتمكينها من فرص الاستفادة من النمو الاقتصادي، ضرورة أساسية؛ بل وفي غاية الأهمية».


مقالات ذات صلة

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

كشف وزير النقل والخدمات اللوجيستية، المهندس صالح الجاسر، عن تسجيل الموانئ السعودية 231.7 نقطة إضافية على مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)

3 شركات عالمية لتنظيم المعارض تفتح مكاتبها في السعودية

قررت 3 من أكبر 10 شركات عالمية متخصصة في تنظيم المعارض، افتتاح مكاتبها في المملكة، إلى جانب توقيع 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم لدعم صناعة الفعاليات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

ما زال التضخم في السعودية الأقل ضمن مجموعة العشرين، وذلك بعد تسجيل معدل 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

أكد وزير السياحة أحمد الخطيب، أنَّ الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً لقطاع المعارض والمؤتمرات، مع مشروعات تشمل مطارات جديدة، ومنتجعات، وبنية تحتية متطورة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

الخريف: قطاع إعادة التصدير السعودي ينمو ويسجل 16.2 مليار دولار عام 2024

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، عن تسجيل بلاده صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير خلال العام الحالي.

زينب علي (الرياض)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».