الجيش الوطني الليبي يؤكد تقدمه باتجاه قلب طرابلس

السراج يستنجد بتركيا ومالطا... وحفتر يحصد تأييد شركات نفطية

مقاتلون من المجموعات الموالية للسراج خلال مواجهات مع الجيش الوطني في منطقة السبيعة جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من المجموعات الموالية للسراج خلال مواجهات مع الجيش الوطني في منطقة السبيعة جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الوطني الليبي يؤكد تقدمه باتجاه قلب طرابلس

مقاتلون من المجموعات الموالية للسراج خلال مواجهات مع الجيش الوطني في منطقة السبيعة جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من المجموعات الموالية للسراج خلال مواجهات مع الجيش الوطني في منطقة السبيعة جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الوطني الليبي، أن قواته التي أحبطت أمس هجوماً مفاجئاً على حقل الشرارة النفطي في جنوب البلاد، تقدمت أمس باتجاه العاصمة طرابلس، وسط ما وصفه بانهيار تام بمختلف محاور القتال في صفوف الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، الذي سعى في المقابل للاستنجاد بتركيا ومالطا؛ تزامناً مع إعلان شركات نفطية انشقاقها عن الحكومة وتأييدها لعملية تحرير طرابلس.
وبدا أمس أن قوات الجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر، تحقق المزيد من التقدم على الأرض في مواجهة قوات السراج، في المعارك التي احتدمت في أسبوعها الرابع على التوالي، وبخاصة في جنوب طرابلس، حيث جرت اشتباكات هي الأعنف من نوعها منذ بدء القتال في الرابع من الشهر الحالي.
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»: إن وحدات الجيش الوطني تمكنت وسط قصف جوى مكثف لليوم الثاني على التوالي، من اختراق الدفاعات المستميتة لقوات السراج في محور الجنوب خاصة في مناطق صلاح الدين والهيرة والكسارات والسبيعة وبير علاق، مشيرة إلى أن معارك طاحنة جرت أيضاً أمس في محور خلة الفرجان، بعدما بدأت عناصر من كتيبة طارق بن زياد واللواء التاسع التابعين للجيش في التقدم باتجاه العاصمة.
وأعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني، في بيان مقتضب أمس، أن «وحدات الجيش تسطر ملاحم الكرامة والعزة والاعتزاز وتدحر الإرهابيين في جميع القواطع القتالية حول طرابلس، وتتجه نحو قلب المدينة».
وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش في بيان لها أيضاً إن قواته تتقدم باتجاه قلب العاصمة وسط انهيار تام في صفوف الميليشيات الإرهابية المسلحة بمختلف محاور القتال في طرابلس، دون الإفصاح عن المزيد من لتفاصيل.
بدوره، نقل السراج، رئيس حكومة الوفاق المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، عن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، تأكيده خلال اتصال هاتفي بينهما مساء أول من أمس، أنه سيسخّر كل إمكانات بلاده لمنع ما سماه بالمؤامرة على الشعب الليبي، وأنها ستقف بكل حزم إلى جانب الليبيين وستدعم الحكومة الشرعية المتمثلة في حكومة السراج. كما نقل عنه تأكيده على أنه لا وجود لحل عسكري للأزمة الليبية، وأن المسار السياسي هو المسار الوحيد لبناء الدولة المدنية التي يتطلع إليها كل الليبيين.
بدوره، قال السراج إن القوات الموالية له تدافع بكل قوة عن العاصمة وعن خيار الشعب الليبي في الدولة المدنية، وستواصل القتال وإلى أن تنسحب القوات المعتدية وتعود من حيث أتت.
وفيما بدا أنه بمثابة تلميح إلى وجود اتفاقيات دفاع مشترك بين حكومة السراج وتركيا، قال البيان إنه «في ختام المحادثة تم التأكيد على توثيق العلاقات الثنائية وتطوير التعاون وتفعيل الاتفاقيات المشتركة بين البلدين». كما أعلن السراج أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس وزراء مالطا جوزيف موسكات، الذي أكد بدوره أنه «لا حل عسكرياً للأزمة الليبية، وأن الحل يكمن في الحوار بين الأطراف الليبية المختلفة، وفقاً لمبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا»، حسبما قال السراج في بيان ثانٍ منفصل.
في المقابل، رفضت وزارة الخارجية بالحكومة المؤقتة في شرق البلاد هذه التصريحات واعتبرتها بمثابة تهديد لأمن المنطقة، وقالت في بيان لها: إن تدخل الحكومة التركية السافر في الشأن الليبي، بدعمهم الجماعات الإرهابية والمتطرفة والمطلوبة دولياً على السلطات الشرعية، التي تحظى بتأييد شعبي كبير، لن يثني الحكومة والجيش عن استعادة العاصمة إلى حضن الوطن وتخليصها من براثن الإرهاب.
وبعدما طالبت إردوغان بالتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي الليبي، قالت: إن التاريخ القريب علمنا بأن تركيا لم تتدخل في أي قضية لدول جوارها والشرق الأوسط إلا وأدخلت الدمار إليه.
وكان اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني، قد اتهم قطر وتركيا مجدداً بدعم الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية في طرابلس، لافتاً في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس إلى أن الدوحة وأنقرة انضمتا علانية إلى المعركة ضد الجيش. وأضاف أن تركيا تنقل إرهابيين من سوريا عبر أراضيها إلى ليبيا، مشيراً إلى أن أنقرة تبنت الجناح الخاسر وهو الإخوان المسلمون بعد رفض انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.
وجاء هذا التطور في إطار المرحلة الثانية من عملية «الفتح المبين» التي دشنها حفتر لتحرير طرابلس، بعدما تصدت قوات الجيش لهجوم مضاد شنته قوات السراج في محاولة لإجبار الجيش على التقهقر من المناطق الجنوبية من العاصمة طرابلس.
وكان صلاح بادي، أحد القادة العسكريين بمدينة مصراتة المتحالفة مع السراج والذي جمد مجلس الأمن الدولي ووزارة الخزانة الأميركية العام الماضي أصوله المالية وحظر سفره لتورطه في جرائم حرب، قد زعم تقدم قواته، وقال لوكالة «رويترز»: «نحن الآن في مرحلة دفع العدو خارج المدينة».
وظهر بادي الذي يقود لواء الصمود في شريط فيديو موجهاً انتقادات إلى «المجتمع الدولي الحقير الذي ينفذ أجندة الصهيونية»، على حد تعبيره. وقال مخاطباً قواته «أنتم من يقاتل اليوم وتدافعون عن البلاد ويجب أن تكونوا قادتها يوماً، من يجلسون في الخارج ويدعون تمثيلكم هم مجرد أوباش أوصلونا لهذه المرحلة».
وكانت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني أعلنت أن قواته تتقدم بخطط محددة، ولفتت في بيان لها مساء أول من أمس إلى أنها لا تعلن عن كل المواقع التي تمت السيطرة عليها ضماناً لسير العمليات بالشكل المطلوب. واعتبرت أن «هؤلاء الإرهابيين لم يعد لديهم سوى الأكاذيب بالانتصارات الوهمية لطمأنة المغرر بهم، والذين انهاروا وانهارت معنوياتهم بسبب ضرباتنا الموجعة»، مشيرة إلى أن مطار طرابلس العالمي تحت السيطرة.
وكان الناطق باسم الجيش الوطني، أحمد المسماري، تحدث مساء أول من أمس عما وصفه بالتطور اللافت جداً في الأداء العسكري للجيش الوطني، الذي قال إنه ملتزم بقواعد الاشتباك التي تدعو للمحافظة على المدنيين والممتلكات العامة والخاصة.
وبثت أمس شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني لقطات مصورة لقصف طائرات تابعة لحكومة السراج قالت: إنها انطلقت من قاعدة الكلية الجوية بمدينة مصراتة وباستخدام البراميل المتفجرة، لمنازل في حي الكايخ بالقرب من كوبري مطار طرابلس، موضحة أن هذه الضربة أسفرت عن سقوط عدد من الجرحى من سكان ست منازل في الحي.
وبدا أمس أن ثمة انشقاقات كبيرة داخل مؤسسة النفط الليبية لموالية لحكومة السراج؛ إذ أعلنت وحدتان نفطيتان في الشرق تتبعان المؤسسة وللمرة الأولى تأييدهما لعملية تحرير العاصمة، بعد ساعات فقط من إعراب رئيس لمؤسسة مصطفى صنع الله عن انتقاده لما أسماه بعسكرة المنشآت النفطية.
والتقى المشير حفتر مساء أول من أمس بمقره في الرجمة شرق البلاد، مع رئيس لجنة إدارة شركة الخليج العربي للنفط محمد بن شتوان، حيث قال مكتب حفتر إنه طمأنه على سير العمل بحقول ومواقع شركة الخليج، كما هنأه بالانتصارات التي يحققها الجيش الوطني في مختلف المدن الليبية. كما أشادت شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز بانتصار الجيش على الظلاميين والمتطرفين، معلنة دعمها لعملية تحرير طرابلس.
على صعيد آخر، أحبط الجيش الوطني هجوماً على حقل الشرارة الذي يعتبر أكبر حقول النفط في البلاد، لكن الإنتاج لم يتأثر، بعدما تم صد المسلحين خارج الحقل، حسبما أعلنت مصادر عسكرية ومصادر من داخل الحقل. وكانت مؤسسة النفط قد أعلنت تعرض الحقل لهجوم مساء أول من أمس، حيث وقعت اشتباكات، وأدانت في بيان لها بشدة «الاشتباكات والهجوم الذي تم شنه على المحطة 186 بحقل الشرارة باستعمال قذائف آر بي جي».
من جانبها، حذرت مساعدة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، ماريا دو فالي ريبيرو، من «خطورة» الأوضاع الإنسانية في منطقة طرابلس. وقالت في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: «طالما أن هذا الوضع (العسكري) لا يزال مستمراً (...) ينبغي أن نتوقع تدهور» الوضع الإنساني. وأضافت: «حين نرى استخدام وسائل جوية وقصفاً عشوائياً لمناطق مأهولة بكثافة مثل ما حصل الأسبوع الماضي، فمن الصعب أن نكون متفائلين».



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.