قرية سودانية تريد مقاضاة قتلة ابن لها قُتل أثناء احتجازه

TT

قرية سودانية تريد مقاضاة قتلة ابن لها قُتل أثناء احتجازه

لا يخفي أصدقاء وأقارب أحمد الخير سرورهم لعزل الرئيس السوداني عمر البشير من السلطة، إلا أنهم يقولون إن العدالة لن تتحقق ما لم يدفع مسؤولو النظام القديم ثمن مقتل المدرس أحمد أثناء احتجازه لدى الشرطة.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية، في تقرير لها أمس، بأن سعد الخير، شقيق القتيل، قال من «قربة خشم»، القرية الصغيرة الواقعة في ولاية كسلا شرق البلاد، على مقربة من الحدود مع إريتريا، «نحن كأسرة الشهيد أحمد الخير سعداء بالإطاحة بالبشير ونظامه». وأضاف: «نحن على قناعة بأن البشير ونظامه مسؤولان عن مقتل أحمد».
كان الخير (36 عاماً) اعتقل في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي في قريته على يد عناصر من جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، بتهمة كونه أحد منظمي الاحتجاجات ضد البشير في المنطقة. وبعد أيام تم إبلاغ عائلته بالحضور لتسلم جثته من مشرحة محلية. وأكد مسؤول بارز في الخرطوم في فبراير (شباط) الماضي، أن الخير توفي متأثراً بجروح أصيب بها أثناء احتجازه. وقال المسؤول إن الخير «كان مصاباً بجروح في ظهره وساقيه وأجزاء أخرى من جسمه أدت إلى وفاته».
وشن رجال جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني حملة قمع دموية ضد المشاركين في الاحتجاجات التي اندلعت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بسبب قرار حكومة البشير زيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف. وانتشرت الاحتجاجات في أنحاء البلاد، وتحولت إلى مظاهرات ضد حكم البشير. وقتل العشرات في حملة القمع، بينما أصيب المئات وسجن الآلاف. وفي 11 أبريل (نيسان) الحالي، أطاح الجيش بالبشير بعد أشهر من الاحتجاجات التي قادها في البداية مدرسون وأطباء ومهندسون.
وأوضح سعد الخير (35 عاماً) أن مسؤولين كباراً في نظام البشير هم المسؤولون عن مقتل شقيقه. وأوضح: «الوحدة التي جاءت واعتقلت شقيقي كانت تعمل بالتعليمات، حتى أن القيادة ربما كانت موافقة على القيام بهذه الجريمة».
وأثار مقتل الخير غضباً ضد نظام البشير، ليس فقط في «خشم القربة»، بل كذلك في أنحاء كسلا والخرطوم، حيث نظم المحتجون تجمعات للتعبير عن تضامنهم معه. ويطالب آلاف المحتجين المعتصمين أمام مقر الجيش في الخرطوم بالاقتصاص من المسؤولين الذين كانوا وراء عمليات القتل. كما يطالبون بنقل السلطة في البلاد من المجلس العسكري إلى هيئة مدنية.
و«خشم القربة» هي قرية زراعية فيها طريق رئيسية واحدة تشق البيوت الطينية التي دهن معظمها باللون الوردي. وقال بخيت أحمد، زميل أحمد الخير في المدرسة، «كان أحمد شخصاً أميناً وفاعلاً في المجتمع». وكان الخير عضواً في «حزب المؤتمر الشعبي»، الحليف لحكومة البشير.
ودعا الحزب إلى التحقيق في جميع عمليات القتل التي حدثت في الأسابيع الأولى من الاحتجاجات. وقام النائب العام بالوكالة، الوليد سيد أحمد محمود، الأسبوع الماضي، برفع الحصانة عن عدد غير محدد من رجال جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني.
وقال بخيت أحمد: «الذين قتلوه يجب أن يقدموا لمحكمة مدنية لا نريد محكمة عسكرية». وقال صالح علي نور (55 عاماً)، وهو جار الأسرة، «نأمل أن تتحقق شعارات حرية سلام وعدالة التي هتف بها أحمد». وأضاف وهو بالكاد يحبس دموعه: «نريد لكل المجرمين أن ينالوا عقابهم».
ويطالب قادة الاحتجاجات بمحاسبة البشير ومسؤولي النظام على الجرائم التي ارتكبوها أثناء حكم البشير. وقال أمجد فريد، المتحدث باسم الحركة الاحتجاجية، «نحن لا نريد إجراءات انتقامية... ولكننا نريد إعادة بناء نظامنا القضائي لمحاسبتهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.