العثماني يشدد على «مواجهة جيوب مقاومة الإصلاح» في المغرب

TT

العثماني يشدد على «مواجهة جيوب مقاومة الإصلاح» في المغرب

عاد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، للحديث عن الصعوبات التي تواجه حكومته والإصلاحات التي تباشرها، حيث قال إن «جيوب المقاومة دائماً موجودة في كل زمان ومكان، وليس هناك أي مكان في العالم يخلو منها». وأضاف العثماني في كلمة ألقاها أمس، في الجلسة الافتتاحية للقاء الوطني لرؤساء الجماعات الترابية (البلديات)، الذي نظمته مؤسسة منتخبي العدالة والتنمية، تحت شعار «إصلاح النظام الضريبي مدخل للتنمية المحلية»، أن كل إصلاح «يضر مصالح جهات معينة أو لوبي أو أشخاص معينين، وطبيعي أن تكون هذه المقاومة».
ودعا رئيس الحكومة منتخبي حزبه إلى «التحلي بدرجة عالية من اليقظة والعمل على مواجهة تلك المقاومات وحل الإشكالات بالطرق التي تمكننا من أن ننجح ونصل إلى نتيجة وهذا هو الأهم»، كما طالبهم بـ«عدم الاكتفاء بالتشكي، وينبغي أن نقاوم ورؤوسنا مرفوعة».
وزاد العثماني محفزاً رؤساء الجماعات والجهات من أعضاء حزبه: «لسنا في موقف ضعيف وعندما نشير إلى وجود مقاومة للإصلاح ليس لأننا ضعفاء أمامها، ولكن ليعرف المواطنون كيفية اشتغالنا، وأن هناك صعوبات نواجهها»، لافتاً إلى أن تأخر بعض الأوراش والإصلاحات يكون بسبب «وجود هذه المقاومة والصعوبات».
واستدرك العثماني موضحاً: «في بعض الأحيان تكون الصعوبات موضوعية وأحياناً مفتعلة، وينبغي أن نكون واضحين، وكل واحد ينبغي أن يقبلنا كما نحن»، وذلك في رسالة واضحة إلى الجهات التي تعاكس حزبه بأنه لن يتراجع عن منطقه الإصلاحي في التدبير.
وبدا العثماني مزهواً وهو يتحدث عن نجاح الحكومة في توقيع اتفاق الحوار الاجتماعي مع النقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب، حيث أكد أن الحوار واجه صعوبات وعراقيل بعدما وجهت له اتهامات من طرف النقابات باستغلال الحوار الاجتماعي وتوظيفه سياسياً. وأضاف: «بعض النقابات قالت إننا نريد استغلال الحوار الاجتماعي سياسيا وتأجيله إلى حين اقتراب موعد الانتخابات، وتضررت العلاقة بيننا بسبب هذا الأمر، ودفعنا إلى التفكير في كيفية تجاوز هذه العقبة».
وأضاف العثماني: «كلفت وزير الداخلية بمباشرة الحوار مع النقابات لتجاوز هذه العقبة، وقام بالمهمة مشكوراً ووصلنا إلى الاتفاق باسم الحكومة بجميع مكوناتها، أحزاباً وقطاعات غير حزبية ووزراء»، معتبراً أن حدث التوقيع «نجاح بالنسبة للوطن وللمواطنين». وشدد رئيس الحكومة على أن حزبه يتعامل بمنطق الوفاء للشركاء، موضحاً أن الخلافات التي تحصل مع حلفائه «لا يمكن أن تحجب عنا أن هناك مساحات الاتفاق والالتقاء التي يمكن أن نشتغل من خلالها».
وبشأن الوضع الحكومي، أوضح العثماني: «اتفقنا داخل الحكومة على أن نشتغل كفريق واحد وغير مسموح أن نربك العمل الحكومي أو الأوراش الحكومية»، مبرزا أن أحزاب الغالبية سطرت هذا المنهج و«اتفقنا عليه وحذرنا الوزراء من جميع الحساسيات السياسية... وألا يهتموا بالإشارات السلبية التي يقوم بها البعض».
وزاد مبيناً أن أحزاب التحالف اتفقت أيضاً، على أنه خارج الحكومة «من أراد في نهاية الأسبوع أن ينظم تجمعا خطابيا، ويعبر فيه عن مواقف معينة فذاك شأنه، وبطبيعة الحال نحن أحزاب وليس حزبا واحدا فقط».
ومضى العثماني محاولاً التقليل من أهمية الخلافات التي تعيشها الغالبية، وقال: «داخل حزبنا الواحد نعاني مع بعض الأشخاص، الذين يتجاوزون الحدود في التعليقات ويتهموننا بالخيانة وما شابه ذلك. هذا تجاوز وإساءة، ولن نسمح لأحد باتهام الأشخاص والتجريح فيهم سواء داخل الحزب أو خارجه»؛ وذلك في إشارة إلى الانتقادات التي توجه له ولباقي وزراء حزبه من طرف مناضليه.
وأشار رئيس الحكومة إلى أن بلاده تعيش في محيط وصفه بـ«المضطرب»، يواجه تحديات كبيرة سواء على المستوى السياسي والأمني والاقتصادية والاجتماعي، مؤكداً أن المغرب في هذا المحيط المضطرب «يحظى بقدر كبير من الاستقرار والأمن ومن احترام المواطن والدفاع عنه». وأفاد العثماني بأن الاستقرار الذي ينعم فيه المغرب في محيطه المضطرب جاء بفضل «قيادة الملك محمد السادس أولاً، ولكن أيضاً بفضل ذكاء الشباب والشعب المغربي»، لافتاً إلى أن كل المغاربة يساهمون في هذا الوضع بشكل من الأشكال. وأضاف رئيس الحكومة: «من مسؤوليتنا أن نحافظ على هذه المكتسبات الوطنية رغم الاضطراب الكبير في المحيط»، الأمر الذي يمثل دعوة صريحة منه للمغاربة بمختلف مكوناتهم من أجل التكاتف والحفاظ على الاستقرار.
من جهته، قال عزيز رباح، رئيس مؤسسة منتخبي حزب العدالة والتنمية، إن أبرز الإنجازات التي يتعين الاعتزاز بها في تجربة حزب العدالة والتنمية في التسيير الجماعي «هي استرداد ثقة المواطن في المؤسسات المنتخبة»، معتبراً أن منتخبي الحزب في الجماعات (البلديات) التي يشرفون على تدبيرها نجحوا في جعل العلاقة بين الجماعة والمواطن «سلسة وأكثر قربا». وكشف رباح أن المؤسسة تعمل على تشكيل فريق من الخبراء والكفاءات المختصة في مختلف مجالات التدبير المحلي والجهوي، وذلك بهدف تقديم ما سماها «الفتوى التدبيرية» لرؤساء الجماعات والمجالس بمختلف المناطق من أجل تحقيق نتائج أفضل على مستوى تنفيذ المشاريع وضمان نتائجها، الأمر الذي يمثل محاولة من الحزب الذي يقود غالبية المدن الكبرى والمتوسطة، من أجل استدراك ما يمكن استدراكه قبل الانتخابات المحلية المقبلة. وأشاد رباح بنزاهة منتخبي حزب العدالة والتنمية، مؤكداً أن الجماعات التي يقودونها استطاعت أن تحقق نموا في ماليتها بفضل الحكامة التي يعتمدونها في التدبير، حيث قال إن «أغلب الجماعات التي يسيرها الحزب، تمكنت من رفع المداخل السنوية من 10 إلى 15 في المائة، في الوقت الذي سجلت بعض الجماعات 35 في المائة»، ودعا رباح إلى المزيد من العمل والاجتهاد من أجل خدمة الوطن والمواطنين.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.