متحف «البرادو» في مدريد يستضيف جياكومتي

بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لتأسيسه

جانب من المعرض
جانب من المعرض
TT

متحف «البرادو» في مدريد يستضيف جياكومتي

جانب من المعرض
جانب من المعرض

من أبرز التظاهرات التي ينظمها متحف «البرادو» في مدريد هذا العام، بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لتأسيسه، معرض حواري بين مجموعة من أهم أعمال أحد أكبر النحاتين في القرن العشرين، السويسري ألبرتو جياكومتي، وعدد من اللوحات الشهيرة لعباقرة الرسم الكلاسيكي التي تزخر بها قاعات المتحف.
قامات برونزية ممشوقة ونحيلة، ضعيفة ومجهولة، تمثل أصفى معاني الإنسانية، أمام روائع فيلاسكيز وغويا والغريكو وتيزيانو وتينتوريتو، في مواجهة حوارية كأنها تعوّض عن عدم تمكُّن العبقري السويسري من زيارة المتحف الإسباني، على غرار كبار الفنانين الطليعيين في القرن الماضي، وتحسُّره الدائم على ذلك، والاكتفاء بالتردد على القاعات التي «نزحت» إليها مجموعات «البرادو» في جنيف إبان الحرب الأهلية الإسبانية.
كان جياكومتي يكنّ إعجاباً شديداً لأساتذة الفن الكلاسيكي الذين تشكل روائعهم عماد محتويات البرادو، وتقول كارمن خيمينيز مديرة متحف كوغينهايم في نيويورك، التي كلفها المتحف الإسباني الإشراف على المعرض بوصفها مرجعاً عالمياً في الفن المعاصر: «إنها زيارة يقوم بها جياكومتي إلى المتحف بعد وفاته، حاملاً معه نخبة من أعماله المريرة، لتجري حوارات بصرية وسمعية في قدس أقداس متاحف الرسم العالمية».
ثمانية عشر تمثالاً ولوحتان، من مجموعات خاصة وعامة، تعود كلها لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية «عندما بدأ الفنان يعاني من فجوة عميقة في رؤيته للواقع، دفعته، حتى نهاية حياته، نحو سعي مهووس وراء أشكال وصور تتجاوز هذا الواقع»، كما تقول خيمينيز، التي تعتبر هذا المجهود الهائل الذي بذله جياكومتي لتمثيل الواقع بطريقة مختلفة، هو الحلقة التي تصله بالفن الكلاسيكي، وتجعل من هذا المعرض امتداداً لأعماله التي تشكل علامة فارقة في فنون القرن العشرين.
مسرى التجول في المعرض متروك لحرية الزائر ومزاجه، ومدى اطلاعه على أعمال الفنان واللوحات التي «تتحاور» معها، لكن بدايته تبدو محسومة في قاعة فيلازكيز، المعلّم الكلاسيكي بامتياز، حيث تتواجه لوحته الخالدة «الوصيفات» Las Meninas مع أربع منحوتات تشكل عملاً واحداً لجياكومتي كان قد كُلف بها في عام 1958 ضمن مشروع لم يرَ النور لمبنى المقر الرئيسي لأحد أكبر المصارف في نيويورك؛ ثلاث نساء باسقات الطول ونحيلات، إلى جانب رأس ضخم، موزعة على شكل دائري كأنها تحاكي لعبة المرايا والأحجام الشهيرة في لوحة العبقري الإشبيلي.
وأمام لوحة تيزيانو الكبيرة للإمبراطور كارلوس الخامس، شارلمان، على صهوة حصانه في مولبيرغ، تقف منحوتة «العَرَبة» الشهيرة التي تمثل امرأة نحيلة فوق محور يربط بين عجلتين ضخمتين، تحاول الحفاظ على توازنها في أتون الحرب بين الكر والفر، وبين الحركة والسكون.
كان معروفاً عن جياكومتي عدم رضاه عن أعماله عندما ينتهي منها، وانتقاده لجوانب كثيرة فيها، مما كان يحرج النقاد الذين كانوا يحتارون في مقاربة منحوتاته وتفسيرها وتحليلها. لكن مجموعة منحوتاته التي تُعرف باسم «نساء من البندقية» كانت من شواذ تلك القاعدة التي لازمته طوال حياته، فهي المفضلة لديه والأثيرة بين كل أعماله، كما كان يردد باستمرار أمام أصدقائه. وكان من الطبيعي أن توضع هذه المجموعة في القاعة المخصصة لرسام البندقية تينتوريتو في متحف البرادو، أمام لوحة «المغسل» (Il Lavatorio).
وكان جياكومتي قد نفّذ تلك المجموعة في عام 1955 كي تُعرض في العام التالي على مدخل الجناح الفرنسي في «بينال البندقية»، واستلهم الوجوه النسائية من زوجته آنيت، التي تعاونت معه في التجسيم واختيار المواد. نساء جاثمات ومسمّرات أمام «أحواض الغسيل» يحوّلن موضع وجودهن معبداً، كما قال عنها صديقه الكاتب الفرنسي الشهير جان جينيه.
ولعل المنحوتة الأغرب في الأعمال التي يضمها المعرض هي الساق الضخمة التي تبدو مُستأصَلة من جسد أسطوري، التي تتوسط القاعة المخصصة للرسام الإسباني زورباران ومجموعة لوحاته «أعمال هرقل» التي تخلّد مآسي الحروب والدمار الذي تخلفه. وفي وسط هذه المنحوتات الموزعة على ست قاعات رئيسية في البرادو تقف منحوتته البرونزية ذائعة الصيت «الرجل السائر»، أو «المشاء»، التي تذكر بتوأمها التي حطمت رقماً قياسياً عام 2008 في أحد المزادات العلنية، عندما بيعت بمبلغ 80 مليون دولار لم تعرفه منحوتة أخرى من قبل.
وتجدر الإشارة إلى أن متحف البرادو الذي يحتفل اليوم بمرور مائتي عام على تأسيسه في العاصمة الإسبانية كان قد تحول منذ مطالع القرن الماضي إلى محجة لكبار الفنانين العالميين الذين كانوا يقضون فترات في قاعاته يتعمقون في أعمال عمالقة الرسم الكلاسيكي. ومن بين الأسماء الكبيرة التي شذت عن تلك القاعدة، السويسري جياكومتي الذي يُخصص له هذا المعرض، والذي كان يعتبر الفن موضعاً للتلاقي بين الماضي والحاضر، وامتداداً لمسار إبداعي واحد لا انقطاع فيه ولا نهاية له.
شهد جياكومتي النور في الكانتون الإيطالي من سويسرا مطلع القرن الماضي، ومال إلى الرسم بشغف كبير منذ نعومة أظفاره قبل أن ينتقل إلى باريس في عام 1922 حيث أكمل إعداده كنحات، وواظب على نسخ كثير من الأعمال الشهيرة لكبار الرسامين الكلاسيكيين، كما يُستدلّ من دفاتر يومياته. وفي عام 1930 انضم إلى الحركة السوريالية وراح يبدي المتخيل على الواقع في أعماله حتى انفصاله عن الحركة عام 1934، وتركيزه على المنحوتات البشرية حتى وفاته في عام 1966.
وتتميز أعماله التي استقى معظمها من أفراد عائلته وأصدقائه، بسعيه الدؤوب إلى كشف الواقع الكامن خلف الظاهر المرئي الذي «لا يعطي سوى صورة سطحية ومشوهة عن هذا الواقع»، كما كتب يوماً لأحد أصدقائه.



عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)
الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)
TT

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)
الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)

قال الفنان السعودي عبد المحسن النمر، إن السبب الرئيسي وراء نجاح مسلسله الجديد «خريف القلب» يعود إلى مناقشته قضايا إنسانية تهم الأسر العربية.

وأعرب النمر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن سعادته بفوز زميلته الفنانة إلهام علي بجائزة أفضل فنانة في آسيا لعام 2024.

وأرجع النمر نجاح مسلسل «خريف القلب»، الذي يعرض حالياً، إلى فريق العمل القوي، بالإضافة إلى القصص الإنسانية التي يتعرَّض لها خلال سياق الأحداث. وأضاف قائلاً: «أستطيع القول إن اللغة الدرامية التي كُتب بها المسلسل، اجتذبت جميع الجماهير العربية باختلاف لهجاتهم وثقافاتهم ومواقعهم؛ بسبب مناقشته قضايا تهم الشارع العربي بطريقة مقنعة، لم نتطرَّق إليها بهذا الشكل من قبل في الدراما العربية». وفق تعبيره.

وتمنَّى الفنان السعودي أن تكون شخصيته الحقيقية مثل شخصية «راشد» التي يجسِّدها في العمل، مضيفاً: «راشد شخصية مثالية، رجل أعمال ناجح، وطيب ومحترم، والجميع يحبه، لكن مشكلته في السياق الدرامي تنبع بسبب اختلافاته مع والده (راجح) وزوجته، وهي أمور دائماً ما نراها في مجتمعاتنا العربية».

ووصف النمر زميلته الفنانة إلهام علي بطلة المسلسل بـ«الأيقونة». وأضاف: «إلهام علي فنانة نفتخر بها في السعودية، ونتشرف بوجودها في الفن السعودي والخليجي، وأنا كنت من سعداء الحظ الذين شاهدوها في بدايتها، حيث كانت انطلاقتها معي في مسلسل (ريحانة) الذي قدمته دولة الكويت، وأنا لا أستغرب تألق وإبداع إلهام نظراً لكونها من أبناء المسرح، ولذلك تبدع بسهولة على التلفزيون، وتعدّ بالنسبة لي أيقونةً فنيةً، ومن الطبيعي أن تحصل على لقب (أفضل فنانة) عن قارة آسيا، ودون شك تستحق جوائز عالمية».

النمر يستعد للمشاركة في فيلم «ساري وأميرة» الذي ينتمي للفانتازيا التاريخية (البحر الأحمر السينمائي)

وعدّ بطل «خريف القلب»، الدورة الماضية من مهرجان البحر الأحمر من «أحب الدورات إلى قلبه»، بعدما أعادته مجدداً إلى زيارة الأماكن العتيقة في جدة القديمة، مشيراً إلى أن «الدورة نجحت على المستوى الفني، وسعدتُ بمشاهدة عدد من الأفلام السينمائية السعودية المهمة على غرار (هوبال) لصديقي الفنان الكبير إبراهيم الحساوي، وأعتقد بأن الفيلم يعدّ أحد أهم الأفلام السعودية التي قُدِّمت في العام الحالي، وكنت سعيد الحظ بحضوري العرض الخاص للفيلم، ومقابلة أبطال العمل على السجادة الحمراء».

وعن مشاركته في السباق الدرامي الرمضاني لعام 2025: قال النمر: «أعمل حالياً على التحضير لمسلسل عربي خليجي مشترك في البحرين بعنوان (عابر سبيل) بمشاركة نخبة كبيرة من نجوم الفن الخليجي».

وذكر أنه يستعدُّ للمشاركة في فيلم «ساري وأميرة» الذي ينتمي للفانتازيا التاريخية، ويتعاون فيه مع الفنانة البحرينية حلا الترك: وأردف: «سيكون هذا الفيلم نقلةً في تاريخ السينما العربية، وسيظهر فيه الفنان العراقي ألكسندر علوم، وعدد من الفنانين القطريين، وهو من إنتاج (كتارا استوديوز)».