حملة حكومية لمكافحة التعدّي على شبكة الكهرباء

التوافق السياسي أسقط الحماية الحزبية للمخالفين

الوزيرة ندى البستاني خلال جولتها أمس (موقع التيار الوطني الحر)
الوزيرة ندى البستاني خلال جولتها أمس (موقع التيار الوطني الحر)
TT

حملة حكومية لمكافحة التعدّي على شبكة الكهرباء

الوزيرة ندى البستاني خلال جولتها أمس (موقع التيار الوطني الحر)
الوزيرة ندى البستاني خلال جولتها أمس (موقع التيار الوطني الحر)

بدأت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية حملة مكافحة التعدي على شبكة الكهرباء، وشاركت الوزيرة ندى البستاني، في جولة مع الفرق الفنيّة، انطلاقاً من العاصمة بيروت، بمؤازرة القوى الأمنية لمواكبة الحملة، وأعلنت البستاني خلال حملة إزالة التعديات من منطقة الحمراء، أن «هناك توافقاً سياسياً على هذه الحملة»، مشيرة إلى أن «بلدية بيروت تدعم قرار إزالة التعديات فور العثور عليها، وتسطير محضر ضبط لدى إزالة المخالفة». وقالت: «سنخفض الأسبوع المقبل أسعار رسم الاشتراك على ساعة الكهرباء بأكثر من 75 في المائة، وبإمكان المتعدّي تقديم طلب تركيب ساعة».
واعتبرت البستاني أن الحملة التي تقوم بها «ليست ضد المواطن، بل تساعد لبنان على تخفيض الهدر الفني وغير الفني عن الشبكة، لتصبح خدمتنا أفضل وستتبعها إجراءات إدارية في مؤسسة كهرباء لبنان، ونساعد المواطن أن يدفع الاشتراكات والمحاضر والغرامات».
وأثارت هذه الحملة أسئلة حول توقيت انطلاقتها في عدد من المناطق اللبنانية، وما إذا كانت ستشمل مناطق محددة، أو أنه غير مسموح لها بدخول مناطق تحظى بحمايات أمنية وسياسية، إلا أن مصدراً مقرباً من وزيرة الطاقة أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحملة انطلقت الآن بعد موافقة مجلس الوزراء على خطة الكهرباء، التي تتضمن بنداً أساسياً يقضي بإزالة كل التعديات على الشبكة»، مؤكداً أن «التعديات لا تقتصر على منطقة معينة، بل هي موجودة في كلّ المناطق، وإن بنسب متفاوتة، وثمة خطة لإزالتها جميعاً، وتنظيم محاضر ضبط بكل المخالفات».
ولم يخف المصدر المقرّب من الوزيرة ندى البستاني، أن الخطة «ستنجح بعد التوافق السياسي الذي حصل داخل مجلس الوزراء، ورفع الحمايات السياسية عن المعتدين»، مشيراً إلى أن «الحملة تشمل كلّ لبنان، وليس ثمة خطوط حمراء أمامها، ونتائجها ستكون جيدة، وستحقق ثلاثة أهداف؛ الأول أنها ستساوي بين جميع المواطنين، والثاني ستحقق زيادة في نسبة الجباية ووفراً مالياً لميزانية مؤسسة كهرباء لبنان، والثالث تحسّن مستوى التغذية، لأن التعديات تضعف الشبكة إلى حدّ كبير».
وفي اليوم الأول من هذه الحملة، بدأت عملية الاصطدام بين مواطنين مخالفين، والفرق الفنية المولجة إزالة المخالفات، وأفادت معلومات بأن «إشكالاً وقع في بلدة مجدل عنجر في منطقة البقاع، أثناء قيام فرق التفتيش التابعة لكهرباء لبنان بإزالة التعديات على الشبكة، وتنظيم محاضر بالمخالفين». وأوضحت المعلومات أن «عدداً من المواطنين أقدموا على سحب دفتر تقارير التفتيش من إحدى سيارات الفريق الفني، ما أدى إلى تدافع بينهم».
ولاقت هذه الخطوة ارتياحاً في مختلف المناطق ولدى المواطنين الملتزمين بدفع فواتير الكهرباء، وأيّد الخبير الاقتصادي الدكتور سامي نادر، هذه الخطوة، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «استمرار التعديات على الشبكة يؤدي إلى انسداد باب الإصلاح في كهرباء لبنان، وعلينا أن ندرك أن إصلاح الكهرباء هو الشرط الأول من شروط (سيدر)، وإذا لم يتحقق هذا الأمر لن تأتي أموال من (سيدر) ولا استثمارات في أي قطاع آخر»، لافتاً إلى أن «الهدر التقني وغير التقني يبلغ 40 في المائة من قيمة الإنتاج، وإذا جرت مكافحة نصف هذا الهدر في المرحلة الأولى فهذا شيء إيجابي، لأنه يخفف من أعباء سدّ عجز الكهرباء البالغ ملياري دولار سنوياً، عدا عن أنه يحقق مساواة بتوزيع الأعباء بين كلّ الناس، ويساعد الدولة على تخفيف التعريفة».
وشدد نادر على أن «نجاح هذه الحملة يحتاج إلى توافق سياسي، ويبدو أن كلّ القوى الممثلة في الحكومة باتت مقتنعة بأن قطاع الكهرباء لا يمكن أن يستمر بهذا المنحى، ولذلك باتت مجبرة على ممارسة الضغط على الجماعات المحمية من قبلها»، لافتاً إلى أن «مكونات الحكومة تدرك أن وقف التعديات على الشبكة، هو بداية إنقاذ الكهرباء والمخرج الوحيد من الكارثة، خصوصاً أن حلّ أزمة الكهرباء هو المدخل الواسع لإنقاذ الوضع الاقتصادي برمته».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».