«الجيش الوطني» يحشد لحسم معارك طرابلس... و«حكومة الوفاق» تعزز ميزانية الحرب

مصادر أميركية تتحدث عن رغبة واشنطن في الجمع مجدداً بين حفتر والسراج على طاولة المفاوضات

TT

«الجيش الوطني» يحشد لحسم معارك طرابلس... و«حكومة الوفاق» تعزز ميزانية الحرب

رغم الهدوء النسبي، الذي شهدته أمس مختلف محاور القتال في العاصمة الليبية طرابلس، بين قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي غازلته مجددا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أول من أمس، وقوات تابعة لحكومة «الوفاق»، التي يترأسها فائز السراج، فإن مصادر عسكرية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش «يسعى لكسب مزيد من الوقت لتعزيز قواته استعدادا لحسم المعارك»، بينما عززت حكومة «الوفاق» ميزانية تداعيات الحرب.
وأعلنت غرفة عمليات طرابلس، التابعة لـ«الجيش الوطني»، عن مغادرة موظفي بعثة الأمم المتحدة بالكامل من مطار معيتيقة الدولي بطرابلس إلى خارج ليبيا، فيما نشرت وكالة الأنباء الليبية الموالية للجيش صورا فوتوغرافية لعملية المغادرة.
وتحدثت مصادر أميركية دبلوماسية وعسكرية لـ«الشرق الأوسط» عن رغبة واشنطن في الجمع مجددا بين حفتر والسراج على طاولة مفاوضات، لكنها امتنعت عن تأكيد أو نفي زيارة، قالت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن وفدا أميركيا رفيع المستوى قام بها إلى مقر المشير مؤخرا في الرجمة، خارج مدينة بنغازي، الواقعة شرق ليبيا.
وقال مسؤول أميركي بوزارة الخارجية، ردا على أسئلة لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لن يتحقق السلام الدائم والاستقرار في ليبيا إلا من خلال حل سياسي»، داعيا جميع الأطراف إلى «العودة بسرعة إلى وساطة الأمم المتحدة السياسية، التي يعتمد نجاحها على وقف إطلاق النار في طرابلس وحولها».
وأوضح المسؤول، الذي اشترط عدم تعريفه، أن «الولايات المتحدة تدعم الجهود المستمرة، التي يبذلها الممثل الخاص للأمم المتحدة غسان سلامة، وبعثة دعم الأمم المتحدة في ليبيا للمساعدة في تجنب المزيد من التصعيد، ورسم طريق للأمام توفر الأمن والازدهار لجميع الليبيين»، معتبرا أن «القتال المستمر يعرض المدنيين الأبرياء للخطر، ويدمر البنية التحتية المدنية، ويعرض جهود مكافحة الإرهاب الأميركية الليبية للخطر».
وتطابقت هذه التصريحات مع تأكيد نات هيرنج، الناطق باسم قيادة القوات الأميركية العاملة في أفريقيا «أفريكوم»، لـ«الشرق الأوسط» أن الإدارة الأميركية «تعتبر أن الحل السياسي، وليس العسكري، هو الطريق إلى الأمام للمشكلة القائمة التي تواجه ليبيا... ونحن نواصل مراقبة الموقف من كثب، ونبقى في تنسيق وثيق مع وزارة الخارجية الأميركية».
وكانت تريش كانديس، المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية لشؤون شمال أفريقيا، اعتبرت في تصريحات لقناة (الحرة) الأميركية أن الهدف الأساسي، الذي ينبغي تحقيقه في ليبيا «يتمثل في القضاء على جميع المجموعات الإرهابية قصد تمكين الليبيين من توحيد صفوفهم وبناء دولة ديمقراطية».
من جانبه، ناقش السراج أمس خلال اجتماعه بطرابلس مع عمداء أربع بلديات احتياجاتها، في ظل ما وصفه بـ«الظرف الاستثنائي»، فيما عبر العمداء عن دعمهم وتأييدهم لما اتخذه السراج، الذي يعتبر نفسه القائد الأعلى للجيش الليبي، من «موقف قوي وحازم للتصدي للعدوان، الذي يستهدف طرابلس عاصمة كل الليبيين»، مشددين على أنه لا حل عسكري للأزمة الليبية، وأن ما وقع من اعتداء «يعد انقلابا على الشرعية، وعلى الاتفاق السياسي والمسار الديمقراطي».
وكان الآلاف من سكان طرابلس ومصراتة تظاهروا، مساء أول من أمس، للجمعة الثالثة على التوالي منذ بدء المعارك في الرابع من الشهر الحالي، ورفعوا في ميدان الشهداء بطرابلس شعارات ترفض استمرار الحرب، وتطالب قوات «الجيش الوطني» بالانسحاب.
كما ارتدى بعض المتظاهرين سترات صفراء، احتجاجا على ما اعتبروه دعما فرنسيا للعملية العسكرية التي أطلقها الجيش.
ميدانيا، قال مصدر عسكري بـ«الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش عزز قواته الموجودة في محور مطار طرابلس الدولي بقوات مشاة، لافتا إلى أنها قامت أمس بأسر ثلاثة أشخاص، وأن «الموقف جيد في محور عين زارة ومطار طرابلس. لكن هناك مقاومة وكر وفر في محور الهيرة، الذي ما زال هو الأصعب لأنه يعتبر خطوط مواصلات القوات الموجودة في طرابلس». وأضاف المصدر، الذي طلب عدم تعريفه: «الجيش يكسب الوقت لدفع تعزيزات أكبر في كل يوم، وقد قمنا بتعزيز مجموعتنا في المطار بمجموعة أخرى وذخائر». بدوره، أوضح مكتب الإعلام بالكتيبة «155» مشاة، التابعة لـ«الجيش الوطني»، أن مناوشات واشتباكات متقطعة جرت أول من أمس في سبعة محاور خلال معارك العاصمة طرابلس، لافتا إلى أن قوات الجيش تُحافظ على تمركزاتها في منطقة وادي الربيع وعين زارة.
من جهة أخرى، اعترفت وزارة الداخلية بحكومة السراج بوجود سفينة شحن إيرانية، مدرجة على قائمة العقوبات الأميركية والأوروبية في ميناء مصراتة، تحمل 144 حاوية. لكنها نفت في بيان، أمس، أن تكون محملة بأي مواد ممنوعة.
وكان «الجيش الوطني» قد لمح إلى أن السفينة تحمل معدات عسكرية لصالح الميليشيات المسلحة، التي تناصبه العداء في مصراتة، غرب البلاد.
إلى ذلك، قال علي العيساوي، وزير الاقتصاد بحكومة السراج، وفقا لـ«رويترز» إن حكومته جهزت ما يصل إلى ملياري دينار (1.43 مليار دولار) لتغطية تكاليف طارئة للحرب المستمرة منذ ثلاثة أسابيع للسيطرة على العاصمة، مثل علاج المصابين، وتقديم المساعدات للنازحين، وغير ذلك من نفقات الحرب الطارئة.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.