اليمين المتطرف الإسباني يهيمن على شبكات التواصل

يكثف حزب «بوكس»، الإسباني اليميني المتطرف، رسائله القومية المتشددة، في مواجهة دعاة الاستقلال في كاتالونيا، وضد الإجهاض، أو من أجل طرد الأجانب الذين لا يملكون أوراق إقامة. ويحل «بوكس» خامساً في الاستطلاعات، ويحتل الريادة في شبكات التواصل الاجتماعي، مع 33 في المائة من التفاعلات (الإعجاب والمشاركة والتعليقات) بين الحسابات الرسمية لأبرز خمسة أحزاب. وهو يتفوق بذلك على حزب «بوديموس» (نستطيع) اليساري المتشدد (24 في المائة) الناشط جداً على شبكات التواصل الاجتماعي، بحسب أداة القياس «سوشل أليفنتس».
وحصل حزب «بوكس» الشهر الماضي على أكثر من 1.1 مليون تفاعل على «تويتر»، في مقابل 886 ألف تفاعل لحزب «بوديموس»، و551 ألف تفاعل للحزب الاشتراكي، و499 ألفاً لحزب «مواطنون» الليبرالي، و419 ألفاً للحزب الشعبي المحافظ، بحسب «سوشل أليفنتس».
ويبدو أن رسائل «بوكس» أكثر جدوى، حيث يحتل الريادة مع 11 رسالة يومياً فقط كمعدل. وفي المقابل، ينشر «بوديموس» 27، وحزب «مواطنون» 50 رسالة يومياً. ويحصل ذلك مع أنه الحزب الذي يحظى بأقل عدد من المشتركين في «تويتر»، ويبلغ 240 ألفاً، مقابل 1.37 مليون لـ«بوديموس»، و705 آلاف للحزب الشعبي، و670 ألفاً للاشتراكيين، و518 ألفاً لحزب «مواطنون»، كما قال روبن دورنتي، من معهد البحوث والدراسات الكاتالوني، لوكالة الصحافة الفرنسية.
وكما حدث مع دونالد ترمب، أو مارين لوبن، يهيمن حزب «بوكس» (الصوت) على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط نقاشات حادة قبل الانتخابات التي ستجرى اليوم (الأحد) في إسبانيا، حسب معطيات اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية. وكان حزب «بوكس» قد تواصل منذ 2017 مع ستيف بانون، المستشار السابق لدونالد ترمب، وأقر بذلك مؤخراً في مقابلة مع صحيفة «البايس».
والرسائل عبر الشبكات، أو تطبيق «واتساب» المستخدم كثيراً في إسبانيا، تنفذ بشكل أفضل لأنه يتم تداولها مع المقربين. وأشارت سيلفيا مارتينيز، خبيرة الشبكات الاجتماعية بجامعة كاتالونيا المفتوحة، إلى أن «هذا عنصر أساسي لأنها (الرسائل) تحظى بمصداقية أكبر حين تأتي من محيط موضع ثقة».
وتثير أشرطة فيديو لزعيم الحزب، سانتياغو باسكال، وهو على صهوة فرس، أو يمشي تحت المطر في القرى، مدافعاً عن التقاليد الريفية، حماسة البعض، وانتقادات البعض الآخر. وكتب أحد رواد الإنترنت بإعجاب: «لقد أيقظوا المارد»، في تعليق على تسجيل فيديو يظهر فيه زعيم الحزب وهو يعلن نهاية «استبداد يساري» مفترض في إسبانيا، بعد الانتخابات التي يأمل الحزب في أن يحقق إثرها دخولاً مدوياً إلى مجلس النواب. في المقابل، انتقده آخر قائلاً: «هذه لحظة فاشية لسانتياغو باسكال»، وتساءل: «هل سنعود إلى عهد محاكم التفتيش، أيام القوميين الكاثوليك»، مضيفاً: «إنهم يثيرون الكثير من الخوف».
واختار حزب «الصوت» الذي يرتاب من وسائل الإعلام التقليدية «استراتيجية الاتصال المباشر عبر الشبكات الاجتماعية والتجمعات المتواترة جداً»، بحسب ما أوضحه باسكال، الأربعاء. وأضاف رئيس الحزب الذي لم يجرِ مقابلات إلا مع بعض وسائل الإعلام المختارة: «شكل ذلك مفتاح النجاح (...) كما حدث في أماكن أخرى من العالم».
وهذا الحزب الذي لم يحصل على أكثر من 0.2 في المائة من الأصوات في الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2016، تمنحه استطلاعات الرأي حالياً أكثر من 10 في المائة، أي نحو 30 مقعداً. لكن محللين قالوا إن نتيجته قد تكون أفضل، وذلك لأن عدد المترددين ما زال كبيراً، كما أن ناخبي الحزب لا يكشفون دائماً اختيارهم الحقيقي لمنظمي الاستطلاعات. وقال روبن دورنتي، من معهد البحوث والدراسات الكاتالوني: «ما يهمهم هو أن يتحدث الناس عنهم، ولو بسوء». وأضاف هذا الخبير في شبكات التواصل الاجتماعي والديمقراطية أن «حججهم المثيرة للجدل تلفت الانتباه، وهم يكسبون في النهاية لأن معارضيهم لن يصوتوا لهم»، في كل حال.
وتتيح وسائل التواصل الاجتماعي لـ«بوكس»، كما باقي الأحزاب، ممارسة «الاستهداف»، بحسب دورنتي، أي تحديد الناخبين غير المتحمسين، والأنصار المحتملين، ومخاطبتهم مباشرة. ويضيف المحلل: «بإمكان (بوكس) التعرف على الذين لم يصوتوا، أو المحبطين ولديهم اهتمام خاص، مثل الصيد (...) واستهداف هؤلاء الأشخاص حتى يكون لكل يورو ينفق (في الاتصال) مردوداً أفضل». وتابع، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، أن «(بوكس) يفعل ذلك بشكل جيد، ومارين لوبن فعلته في فرنسا، وكذلك حركة النجوم الخمس في إيطاليا (...) ودونالد ترمب في الولايات المتحدة».