إسرائيل: إطلاق سراج السجينين السوريين بادرة حسن نية

أحدهما ينتمي لحركة فتح والثاني تاجر مخدرات

TT

إسرائيل: إطلاق سراج السجينين السوريين بادرة حسن نية

قالت إسرائيل إن قرار إطلاق سراح معتقلين سوريين من سجونها جاء بادرة حسن نية تجاه سوريا بعد تسليمها هذا الشهر جثمان الجندي الإسرائيلي زخريا باومل، وليس ضمن اتفاق مسبق حول الأمر.
وقال مسؤول إسرائيلي إن إسرائيل ستطلق سراح أسيرين سوريين رداً على استعادة رفات باومل الذي كان مفقوداً منذ عام 1982. وكان باومل يبلغ من العمر 21 عاماً عندما شارك في الغزو الإسرائيلي للبنان وأعلن فقده إلى جانب جنديين آخرين في معركة السلطان يعقوب. وقال مسؤول إسرائيلي كبير أمس: «إسرائيل قررت خلال الأيام الماضية إطلاق سراح أسيرين في بادرة حسن نوايا، فقط بعد استعادة رفات زخاري باومل» وأضاف: «كبادرة حُسن نية».
وأكد المسؤول أن القرار اتخذ قبل أيام قليلة فقط، وليس قبل تسلم جثمان باومل أبداً. وكانت إسرائيل أعلنت في الثالث من هذا الشهر استعادة جثمان باومل بـ«مساعدة دولة ثالثة»، اتضح فيما بعد أنها روسيا. وعثر الجيش الروسي وحليفه السوري على جثمان باومل، في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، بالقرب من العاصمة السورية دمشق. وقال مسؤول إسرائيلي آنذاك، إن بلاده «لم تدفع أي ثمن» لقاء جلب الرفات، فيما أكد الجيش الإسرائيلي آنذاك، أن جلب جثمان زخريا لم يكن ضمن صفقة، وإنما بموجب عملية أطلق عليها اسم «أغنية حزينة».
وأنهت إسرائيل كل الاستعدادات لإطلاق سراح الأسيرين لكنها لم تعلن وقتاً محدداً لذلك. وصادق المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي مندلبليت بطلب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، على إطلاق سراح الأسيرين السوريين، دون الرجوع إلى الكنيست أو حتى للحكومة، مخالفاً بذلك القوانين الإسرائيلية التي تقضي بأن تمر مثل هذه القرارات عبر الحكومة ويصدر بها مرسوم.
وقال المستشار القضائي إنه في هذه الظروف الخاصة يمكن الاستغناء عن مصادقة المجلس الوزاري باعتبار أيضاً أن رئيس الدولة قد صادق هو الآخر على طلب العفو عن السجينين.
وكشفت مصادر سياسية في إسرائيل بحسب ما نشرت هيئة البث الإسرائيلية أن «السجينين السوريين اللذين تقرر الإفراج عنهما؛ هما خميس أحمد البالغ من العمر 35 عاماً من مواليد مخيم اليرموك في سوريا وهو ناشط في حركة فتح، وكان اعتقل قبل 14 سنة لدى محاولته التسلل إلى قاعدة للجيش واستهداف جنوداً فيها، أما السجين الثاني فهو زيدان طويل البالغ من العمر 57 عاماً من سكان قرية خضر في الجولان، واعتقل في يوليو (تموز) 2008 بسبب تهريبه المخدّرات، وكان من المتوقع أن يُفرج عنه في يوليو المقبل».
وجاء التأكيد في إسرائيل، تأكيداً لتصريح المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف الذي أعلن أن تسليم رفات الجندي الإسرائيلي زخريا باومل لإسرائيل الذي عثرت عليه القوات الروسية بعملية خاصة في سوريا، يجب ألا يكون خطوة أحادية، مؤكداً أن إسرائيل ستطلق عدداً من المعتقلين السوريين لديها لقاء ذلك.
وقال المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، إنه سيتم إطلاق سراح عدد من المواطنين السوريين من السجون الإسرائيلية.
وفي حديث مع قناة «آر تي» الروسية، عبر لافرينتيف عن امتنانه «للجانب السوري».
وقال المبعوث الروسي: «أؤكد لكم، لا نفعل شيئاً يضر بسوريا. ومتأكدون أن تفهم الجانب السوري صحيح وفي مكانه. ونأمل أن شعوب الدول الأخرى ستعي الأمر اليوم أو لاحقاً».
وأكد مسؤول سوري نبأ الإفراج عن السجينين السوريين، وقال إن السلطات السورية مارست ضغوطاً على موسكو لضمان الإفراج عن السجينين بعد إعادة رفات الجندي الإسرائيلي. وشكر المبعوث الخاص السوريين على «التفاهم»، لكنه أوضح أنه «تم اتخاذ قرار في الجانب الإسرائيلي، بضرورة الإفراج عن المواطنين السوريين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، خلال فترة من الوقت».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».