«الجيش الوطني» يتقدم في معارك طرابلس... والسراج يتعهد مواصلة القتال

رئيس وزراء إيطاليا يدعو إلى «وقف فوري للاعتداء» على العاصمة الليبية

TT

«الجيش الوطني» يتقدم في معارك طرابلس... والسراج يتعهد مواصلة القتال

فيما أكد فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» الليبية، أمس، أن القوات الموالية له في العاصمة طرابلس ستكمل الحرب ضد قوات «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر «حتى تنسحب وتعود من حيث أتت»، واصل الناطق باسم الجيش اللواء أحمد المسماري اتهاماته لميليشيات العاصمة بالاستعانة بالمرتزقة في المعارك الدائرة.
وأبلغ السراج رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، خلال اتصال هاتفي أمس، أن القوات الموالية لحكومة الوفاق، التي وصفها بأنها «الجيش الوطني»، «ستدافع بكل قوة عن العاصمة، وعن خيار الشعب الليبي في الدولة المدنية».
ونقل بيان وزعه مكتب السراج عن كونتي تأكيده أنه «لا حل عسكرياً للأزمة في ليبيا»، داعياً إلى «الوقف الفوري لهذا الاعتداء»، وأن تعود قوات «الجيش الوطني» إلى مواقعها السابقة التي انطلقت منها، وأعلن أن إيطاليا «ستبذل كل الجهود لإنهاء هذه الأزمة، وحقن دماء الليبيين».
كما أكد كونتي رفض إيطاليا الكامل لما وصفه بـ«الاعتداء الذي تتعرض له العاصمة»، الذي قال إنه «أعاد ليبيا إلى أجواء الحرب بعد أن كانت على أبواب الحل السياسي للأزمة».
بدوره، اعتبر فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة السراج، التي سعت أمس لحشد مظاهرات موالية لها في عدة مدن ليبية، خصوصاً بوسط العاصمة، بالزي الوطني التقليدي، أن المشير حفتر «لن يكون له أي مكان في الخريطة السياسية، أو العسكرية في المستقبل».
وتوعد أغا في كلمة وجهها مساء أول من أمس إلى مواطنيه بأن تشن القوات الموالية لحكومته خلال 3 أيام «هجوماً شاملاً... وسننتقل من مرحلة الدفاع إلى الهجوم لطرد قوات حفتر (الجيش الوطني) من المنطقة الغربية في ليبيا».
في غضون ذلك، أظهرت عدة مقاطع فيديو، بثها الناطق باسم الجيش «الوطني»، مساء أول من أمس خلال مؤتمر صحافي، عقده في مدينة بنغازي، وجود عدد من المقاتلين الأجانب في صفوف القوات التابعة لحكومة السراج في العاصمة طرابلس، فيما ظهر واضحاً شعار رئاسة الأركان، التابع لهذه الحكومة، على زي أحد المقاتلين المحليين. كما نشر عضو مجلس النواب عز الدين قويرب على صفحته على «فيسبوك» مقطع فيديو، يظهر عدداً من المقاتلين من الصم والبكم، ضمن ما يسمى كتيبة «الحركة»، وهم يحملون أسلحة على متن سيارات، تابعة لما يعرف بالمجلس العسكري لمدينة مصراتة في غرب البلاد.
ولم يحسم الجيش جنسية المقاتلين الأجانب أو عددهم. لكن بعضهم ظهر وهو يتحدث اللغتين الإنجليزية والإيطالية، مرتدياً زياً عسكرياً، وهو يعطي توجيهات لقوات السراج بإطلاق النار.
كما تحدثت وسائل إعلام محلية عن اعتقال مقاتلين يحملون الجنسية التركية، كانوا يشاركون أيضاً في القتال الذي دخل أسبوعه الرابع على التوالي، ضمن قوات السراج.
وكان المسماري قد صرح في مؤتمر صحافي، بأن هناك محاربين أجانب يقاتلون مع قوات السراج، لافتاً إلى أنه تم نقل عناصر معارضة تشادية من جنوب ليبيا إلى طرابلس، بالإضافة إلى نقل عناصر متطرفة من تركيا إلى ليبيا، مبرزاً أنه «عندما يتم اعتقال هؤلاء الأجانب تجري معاملتهم معاملة الإرهابيين، ولا تطبق عليهم معاملة الأسرى، ولا يحظون بأي مواد أو قانون يدعم الأسرى في الحروب»، لافتاً إلى أنه جرى إسقاط طائرتين للعدو قبل يومين، واحدة قرب قاعدة الجفرة، وأخرى قرب قاعدة الوطية، وأكد العثور على حطام الطائرة قرب قاعدة الوطية، وكذلك على كرسي الطائرة، وهي من طراز «ميراج1».
وكشف المسماري النقاب عن طيار يدعى بوريس ريس، يحمل جنسية الإكوادور، كان يقود الطائرة التي أسقطتها مضادات الجيش قرب قاعدة الوطية الثلاثاء الماضي، موضحاً أن الطيار يوجد حالياً في محيط منطقة العجيلات، وأكد أن الجيش يعرف مكانه والمحاولات دائرة لإخراجه من المنطقة، وأنه يتابع الموضوع استخباراتياً.
وبعدما أوضح أن قوات الجيش تتقدم بشكل فعَّال في محاور القتال جنوب طرابلس، خصوصاً في مناطق عين زارة واليرموك والهضبة، أضاف المسماري: «قواتنا باتت تسيطر على المنطقة الممتدة من ترهونة حتى قصر بن غشير».
في المقابل، قالت القوات الموالية للسراج، المشاركة في عملية «بركان الغضب»، إنها تقدمت في محور اليرموك باتجاه مواقع جديدة في منطقة قصر بن غشير، ودمرت 4 آليات عسكرية، كما سيطرت على آليتين تحملان سلاحاً مضاداً للطيران. وقالت في بيان، تلاه محمد قنونو الناطق باسمها، إنها شنت هجوماً خاطفاً في محور عين زارة، ونجحت في محاصرة عدد من عناصر الجيش، الذين سلموا أنفسهم وأسلحتهم لتتم إحالتهم إلى جهات الاختصاص.
وأضافت القوات الموالية للسراج أنها تحركت في محاور جديدة؛ هي السبيعة وسوق السبت، وسيطرت على مناطق واسعة منها، في تهديد لطرق إمداد قوات الجيش بين غريان والسبيعة من جهة، وترهونة وقصر بن غشير من جهة أخرى، مشيرة إلى أنها تمكنت من أسر 6 مسلحين بينهم ضابط برتبة عقيد. كما أعلنت عن شن 5 طلعات قتالية استهدفت تمركزات للعدو، وخطوط إمداد، وفلولاً هاربة من أرض المعركة، وقالت بهذا الخصوص: «نُؤكّد أننا لم نبدأ الحرب، لكننا من سيُحدّد زمان ومكان نهايتها».
وما زالت قوات الجيش الوطني تحاول اختراق الدفاعات الجنوبية لمدينة طرابلس، حيث قصفت في ساعة مبكرة من صباح أمس مواقع لقوات تابعة للسراج في محور المطار، كما جرت اشتباكات عنيفة، استخدم فيها الجانبان المدفعية والمدافع المضادة للطائرات في ضاحية عين زارة، إلى الجنوب من طرابلس.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.