قبل ستة أسابيع من الآن وعندما كان المدير الفني النرويجي أولي غونار سولسكاير يقود مانشستر يونايتد بشكل مؤقت وليس دائما، كان يبدو أن مباراة الديربي بين الغريمين التقليديين مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد ستكون هي العقبة الأكبر في طريق احتفاظ مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز. وربما يظل التاريخ ينظر إلى هذه المباراة بهذا الشكل، نظرا لأنها مباراة ديربي بين فريقين من نفس المدينة وأمام فريق عريق مثل مانشستر يونايتد. لكن بعد انتهاء الدفعة الكبيرة التي حصل عليها مانشستر يونايتد فور تعيين سولسكاير مديرا فنيا مؤقتا للفريق، وبعد الخسارة المهينة أمام إيفرتون برباعية دون رد يوم الأحد الماضي، بات هناك شعور بأن الفجوة قد اتسعت بشكل كبير بين مانشستر سيتي من جهة وغريمه مانشستر يونايتد من جهة أخرى.
وقد فاز مانشستر سيتي على مانشستر يونايتد بهدفين دون رد في معقله في «أولد ترافورد»، ليكون هذا هو الفوز الحادي عشر على التوالي لغوارديولا ولاعبيه في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما يعكس المستوى الكبير الذي وصل إليه الفريق. صحيح أن مانشستر يونايتد قد قاتل في هذه المباراة، على الأقل حتى اهتزاز شباكه بالهدف الأول، لكن كما قال نجم مانشستر يونايتد السابق روي كين فإن القتال واللعب حتى الرمق الأخير يجب أن تكون صفة أساسية في أي لاعب يدافع عن قميص الشياطين الحمر. لكن مانشستر يونايتد كان يعرف جيدا أنه سيعاني في تلك المباراة، وهو الأمر الذي جعل سولسكاير يدفع بثلاثة لاعبين في الخط الخلفي، بالإضافة إلى ثلاثة لاعبين آخرين في مركز خط الوسط المدافع. ولم يتهم أحد سولسكاير بالسلبية، رغم أن هدفه الأول كان هو إبطاء إيقاع المباراة من أجل الخروج بأي نتيجة إيجابية.
لقد أدى نقل اللاعبين إلى ملعب التدريب القديم «ذا كليف» إلى قدر من التغيير، لكنه ليس كافيا. وعندما بدأ سولسكاير يركز على الحديث عن التقاليد والقيم القديمة لمانشستر يونايتد، بدا الأمر وكأنه أداة رائعة وذكية للغاية من جانب المدير الفني النرويجي لإعادة لاعبي فريقه إلى الطريق الصحيح. لقد حاول سولسكاير أن يعيد الروح القديمة إلى اللاعبين وأن يذكرهم بأهمية اللعب لناد بهذه القيمة والعراقة وضرورة إعادة العلاقة القوية مع جمهور النادي، ومحاولة رأب الصدع بين الموالين للمدير الفني البرتغالي السابق للفريق جوزيه مورينيو من جهة وبين من يشاهدون ما يحدث للفريق في الوقت الحالي من جهة أخرى. لكن المشكلة الآن تكمن في أن سولسكاير قد يعتقد أن الطريقة الوحيدة لإعادة مانشستر يونايتد إلى الطريق الصحيح هي العودة إلى القيم التي كان يعتمد عليها المدير الفني الأسطوري للفريق السير أليكس فيرغسون.
لقد وصل الأمر لدرجة أن سولسكاير رفض أن يترك سيارته في المكان الذي كان مخصصا لسيارة فيرغسون داخل النادي، وهو شيء غريب في حقيقة الأمر ويعكس النظرة التي ينظر بها سولسكاير إلى فيرغسون وتعامله معه على أنه المُعلم الذي يجب أن يتبع خطواته بشكل كامل بدون أدنى تفكير أو ابتكار. وبينما يحاول سولسكاير إعادة الفريق الحالي إلى روح فريق النادي عام 1999 عندما فاز بالثلاثية التاريخية بالجمع بين لقبي الدوري والكأس المحليين ودوري أبطال أوروبا، يبدو أن الفريق قد عاد إلى أبعد من هذا التاريخ بثلاثين عاما كاملة، وبالتحديد إلى الفترة التي شهدت حالة من الفوضى بعد اعتزال مات بسبي المدرلاب الذي قاد مانشستر يونايتد ما بين عامي 1945 و1969.
وعلى الجانب الآخر، يبدو أن مانشستر سيتي قد نجح في التحرر من ماضيه، فلم يعد أحد يتحدث عن المشاكل التي كان يعاني منها الفريق في الماضي. ويتلخص الفرق بين الناديين في حقيقة أن مانشستر سيتي قد تولى تدريبه خمسة مديرين فنيين حصلوا على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه فاز بلقب الدوري خمس مرات فقط، أما مانشستر يونايتد فقد تولى تدريبه ثلاثة مديرين فنيين حصلوا على لقب الدوري لكنه فاز باللقب 20 مرة. ويوضح هذا الأمر أن مانشستر يونايتد يعتمد على مدير فني قوي وقادر على تحقيق نجاح هائل، لكن بعد رحيله يعاني النادي من فترات طويلة من التدهور والفوضى (41 عاما و26 عاما، وستة أعوام على التوالي). أما مانشستر سيتي فإنه يحقق النجاح على فترات متباعدة.
لقد كان المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا يميل إلى رفض تدريب نادي مانشستر سيتي قبل الاستحواذ عليه من قبل الشيخ منصور، لكن هذا الأمر قد يكون مفهوما على أي حال. وسواء نجح غوارديولا في أن يكون أول مدير فني يقود مانشستر سيتي للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز مرتين متتاليتين أم لا، وسواء نجح في قيادة النادي للحصول على خمس بطولات في غضون ست سنوات أم لا، فإن الشيء المؤكد هو أن مانشستر سيتي قد أصبح مختلفا تماما الآن عما كان عليه في السابق.
ومن المؤكد أن إنفاق أموال طائلة على تدعيم صفوف الفريق كان هو السبب الرئيسي في هذه الطفرة الكبيرة في المستوى - ودعونا نتجاهل الآن المخاوف بشأن مصدر هذه الأموال وما إذا كانت قد انتهكت قواعد اللعب المالي النظيف التي أقرها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أم لا – لكن هذه الأموال قد استخدمت أيضا في إصلاح البنية التحتية وكل شيء داخل النادي.
وقبل وقت طويل من وصول غوارديولا، كان مانشستر سيتي يسير بالفعل على مبادئ المدير الفني الإسباني ويخطط للتعاقد معه من أجل الإشراف على مشروع النادي. لقد نجح الفريق في الوصول إلى ما وصل إليه الآن بسبب هذا النوع من الاتساق وهذا السعي الحثيث للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز وهذا النهج الشمولي الذي يجعل كل قسم داخل النادي يسير وفق الفلسفة العامة للنادي والتي تسعى لتحقيق نفس الهدف في نهاية المطاف.
وعلى الجانب الآخر، أصبح مانشستر يونايتد يضم مزيجا من اللاعبين غير المتفاهمين مع بعضهم البعض، وأصبح يعتمد على مديرين فنيين ذوي خلفيات وفلسفات مختلفة، كما أصبحت القرارات تتخذ من قبل أشخاص لديهم خبرات قليلة في عالم كرة القدم. وبدأ النادي يعتمد على أسماء مشهورة بشكل عشوائي أملاً في العثور على «المخلص» الذي يمكنه إعادة الفريق إلى الطريق الصحيح، في الوقت الذي لا يقوم فيه النادي بأي شيء من أجل تطوير البنية التحتية. وقد يجلس سولسكاير مع لاعبيه ويحاول تحفيزهم وحثهم على تحقيق نفس الإنجازات التي حققها الفريق التاريخي للنادي في تسعينات القرن الماضي، لكن ذلك لن يلغي الحقيقة الواضحة وضوح الشمس وهي أن مانشستر يونايتد لا يخطط للأمور جيدا على المدى الطويل.
لقد أظهر مانشستر سيتي للجميع الطريق الذي يمكن أن يسير فيه أي ناد يسعى لتحقيق النجاح، وما يمكن أن يحققه الاستثمار والتخطيط الجيد، وهذا هو السبب، وللمرة الأولى منذ عام 1930. الذي يجعل مانشستر سيتي هو الأكثر قوة وهيمنة في مدينة مانشستر.
تعكس نتيجة 2 - صفر الأربعاء الفارق الكبير بين يونايتد المفتقر لجودة الأداء والشخصية وفريق سيتي الذي يضم الكثير من الشخصيات القيادية التي تتمتع بمستويات فنية مرتفعة. وقال سولسكاير عقب المباراة «لقد حددوا المعيار في آخر موسمين. ما فعله غوارديولا مع لاعبيه يعد أمرا استثنائيا ونحن نقترب منه مكانيا لذا فإننا نشعر بهذا كل يوم. «هناك اختلاف في مستوى جودة الأداء. لهذا السبب هم على القمة ونحن حيث نحن الآن. استطاعوا تحديد المستوى. لا يمكننا أن نشعر بالسعادة لوجودنا في مثل هذه الظروف. الأمر يرجع إلينا لتقليص الفارق وتجاوزهم».
ويمكن لسولسكاير أن يقول الأمر ذاته بالنسبة لليفربول، وهو الفريق الذي يمزج بين الميل الهجومي مع الشراسة عند التقدم نحو المرمى وهو المزيج الذي اشتهر به يونايتد عندما كان اللاعب النرويجي ضمن مهاجمي الفريق.
مستوى سيتي يعكس اتساع الفجوة بينه وبين يونايتد
بينما يحاول سولسكاير استعادة القيم القديمة لناديه نجح غوارديولا في تحرير فريقه من ماضيه
مستوى سيتي يعكس اتساع الفجوة بينه وبين يونايتد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة