تفاهمات الصدر والعامري تربك التحالفات في العراق

TT

تفاهمات الصدر والعامري تربك التحالفات في العراق

رغم تعثر المفاوضات التي كانت عقدتها كتلتا «سائرون» بقيادة زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر و«الفتح» بقيادة زعيم «منظمة بدر» هادي العامري في التوصل إلى صيغة تفاهم متقدمة قد تعيد بناء التحالفات من جديد، فإن مصادر عراقية مختلفة أكدت أن الأسبوع المقبل قد يشهد استكمال تشكيلة الحكومة.
وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي أعلن خلال زيارته الولايات المتحدة مطلع الشهر الحالي، أن التفاهمات بشأن التشكيلة الوزارية وصلت إلى «مراحل متقدمة» وأنها ستحسم خلال أيام. وأكدت مصادر مطلعة على تفاصيل زيارته لأربيل ولقائه مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني، أن الرجلين «حسما ما تبقى من الخلافات السياسية التي كانت لا تزال تعيق إكمال تشكيل الحكومة».
ويقود الرئيس العراقي برهم صالح من جانبه حراكاً سياسياً بهذا الاتجاه عبر لقاءات أجراها مع كبار السياسيين العراقيين، وفي مقدمهم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس «تحالف القرار» أسامة النجيفي. وركز البيانان الصادران من مكتب الرئيس بشأن الاجتماعين على «أهمية التوصل إلى توافقات بين مختلف الفرقاء من أجل إكمال التشكيلة الوزارية في أسرع وقت ممكن».
وتوقفت المفاوضات بين «الفتح» و«سائرون» اللتين كانتا قطعتا شوطاً كبيراً في التفاهمات، ما أربك الوضع السياسي فيما يتعلق بباقي التحالفات ضمن التحالفين الرئيسيين «الإصلاح والإعمار» و«البناء».
ويري مراقبون أن سبب تراجع الكتلتين عن المضي إلى المزيد من التفاهمات يعود إلى احتمال تشكيل كتلة معارضة لهما قد تفكك التحالفات القائمة، ما يؤدي إلى إرباك الوضع السياسي. ويقول القيادي في «تحالف الإصلاح والإعمار» حيدر الملا لـ«الشرق الأوسط» إن «تفاهمات الفتح وسائرون هي الأقرب إلى الواقع كونها تحالفات تعرف ما تريد وتؤمن بأنها الكتلة الأكبر وتشكل كتلتين متراصتين لعوامل عدة».
وأوضح أنه «ليس بإمكان أحد من نواب الكتلتين أن يخرج عن إرادة أي من الكتلتين، فهناك من يضبط الإيقاع داخلهما». وأضاف أن «التفاهمات بين الكتلتين واقعية رغم أن بينهما صراعات. لكن كل طرف فيهما يرى أن مرحلة عادل عبد المهدي هي مرحلة انتقالية ويريد أن يستثمرها كي يقوي نفسه».
وأعلن النائب عن «تيار الحكمة» محمود ملا طلال في تصريح صحافي أن «الاتفاق بين كتلتي الفتح وسائرون انتهى إلى تسمية قائد جهاز مكافحة الإرهاب السابق الفريق عبد الغني الأسدي لمنصب وزير الداخلية»، مشيراً إلى تأييد تياره لهذا الاختيار. وفيما يتعلق بمنصب وزير الدفاع، أكد ملا طلال أن «هناك أربعة أسماء أمام رئيس الوزراء، أبرزها صلاح الحريري».
لكن رئيس «ائتلاف الوطنية» إياد علاوي توقع «فشل» التوافقات على أساس المناصب. وقال في تغريدة، أمس، إن «جميع التوافقات التي بنيت على أساس المناصب والمكاسب فشلت وستفشل، بل وحتى المواقف التي تبنى على ذلك سرعان ما تتبدل». وأضاف أن «المحاصصة أضعفت العملية السياسية وأجهدتها، وهي الوباء الذي يهدد وجود الدولة بأكملها».
وشدد رئيس «تحالف الإصلاح والإعمار» عمار الحكيم على «ضرورة التصدي للمسؤولية». وقال في تغريدة إن «التصدي للعمل السياسي ليس ترفاً، بل هو مسؤولية وطنية سيحاسب عليها التاريخ والشعب». وأضاف: «ليس من عذر لأي طرف سياسي إن لم يكن على قدر تلك المسؤولية وبحجم الثقة التي مُنحت له».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».