دورة جديدة لمعرض أبوظبي للكتاب شعارها «المعرفة... بوابة المستقبل»

عرض 500 ألف عنوان والهند ضيف الشرف

جانب من معرض ابوظبي للكتاب
جانب من معرض ابوظبي للكتاب
TT

دورة جديدة لمعرض أبوظبي للكتاب شعارها «المعرفة... بوابة المستقبل»

جانب من معرض ابوظبي للكتاب
جانب من معرض ابوظبي للكتاب

انطلقت، أمس، فعاليات الدورة الـ29 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب تحت شعار «المعرفة... بوابة المستقبل»، ويشارك أكثر من ألف دار من 50 دولة يعرضون أكثر من 500 ألف عنوان في مختلف مجالات العلوم والمعارف والآداب وبلغات متعددة، إضافة إلى عقد فعاليات ثقافية وترفيهية وتعليمية، واستضافة مجموعة من المؤلفين والأدباء والفنانين من مختلف دول العالم، مع انطلاق أركان تفاعلية جديدة، وهي ركن النشر الرقمي، وركن القصص المصورة، وركن الترفيه. ويتضمن كل ركن من الأركان الجديدة تجارب تفاعلية تناسب مختلف الأعمار.
ويسلط ركن النشر الرقمي الضوء على أهمية التكنولوجيا والابتكار في صناعة الكتاب وتطوير خدمات وحلول النشر، حيث يمثل مركزاً لاستكشاف أحدث التوجهات في تطوير المحتوى الرقمي؛ إذ يقدم مجموعة من الخبراء عروضاً توضيحية حية وأنشطة تفاعلية وحوارات بناءة متعلقة بقطاع النشر.
وللمرة الأولى يستضيف معرض أبوظبي الدولي للكتاب عارضين من أوكرانيا، وجمهورية التشيك، وإستونيا، ومالطا، والبرتغال، كما يشارك وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري، الذي سيتحدث عن كتابه الذي صدر عام 2018 بعنوان «كل يوم إضافة»، والذي نشرته دار نشر «سايمون آند شوستر»، ويمثل جزءاً من مذكراته.
وقال سيف غباش، وكيل دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي: يعد عنوان المعرض هذا العام «المعرفة... بوابة المستقبل» العنوان الأكبر الذي تسير عليه أبوظبي لتعزز من مكانتها في قلب العالم منصةً عالميةً مفتوحةً للتبادل الثقافي والخبرات والأفكار التي من شأنها أن تترك أثراً إيجابياً على واقعنا ومحيطنا.
إن معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعود هذا العام ليكون البوابة الأكبر التي تعبر من خلالها المعرفة إلى الجميع؛ إذ يحرص الناشرون من الشرق إلى الغرب على المشاركة في واحد من أكثر معارض الكتب التزاماً بالحقوق الفكرية، وما يتعلق بها من حقوق النشر والتأليف والترجمة.
من جهته، قال عبد الله آل علي، المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب بالإنابة في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي: إن المعرض يدخل مرحلة جديدة من التطوير التي تستجيب لإمكانات جديدة في عالم صناعة الكتاب بما يساعد على تطوير فكرة القراءة نفسها والوصول إلى نموذج القارئ الفاعل باعتبار القراءة فعلاً حضارياً متقدماً ننظر إليه كقاطرة لنمو المجتمع ككل.
وتحتفي الدورة الـ29 بالهند ضيف شرف المعرض، حيث تشارك مجموعة كبيرة من دور النشر الهندية، بالإضافة إلى كتاب ومؤلفين وفنانين يشاركون في البرامج التفاعلية.
وذكرت سميتا بانت، ممثلة سفارة الهند في الإمارات، أن أكثر من 30 دار نشر هندية تشارك في هذه الدورة من معرض أبوظبي الدولي للكتاب؛ بهدف التعريف بالأدب والثقافة الهندية، مشيرة إلى أن اختيار الهند ضيف شرف الدورة الحالية من المعرض يؤكد العلاقات الراسخة والقوية بين الإمارات والهند وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، وأن وفداً هندياً يضم أكثر من 100 عضو بمن فيهم ناشرون ومؤلفون ونقاد يشاركون في المعرض، مشيرة إلى مشاركة الهند بأكبر جناح لضيف شرف على الإطلاق بمساحة ألف متر مربع.



«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»
TT

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة أو أن تُحسب دراسته، على الرغم من التفصيل والإسهاب في مادة البحث، أحدَ الإسهامات في حقل النسوية والجندر، قدر ما يكشف فيها عن الآليات الآيديولوجية العامة المتحكمة في العالمَين القديم والجديد على حد سواء، أو كما تابع المؤلف عبر أبحاثه السابقة خلال أطروحته النظرية «العالم... الحيز الدائري» الذي يشتمل على أعراف وتقاليد وحقائق متواصلة منذ عصور قديمة وحديثة مشتركة ومتداخلة، وتأتي في عداد اليقين؛ لكنها لا تعدو في النهاية أوهاماً متنقلة من حقبة إلى أخرى، وقابلة للنبذ والنقض والتجدد ضمن حَيِّزَيها التاريخي والاجتماعي، من مرحلة الصيد إلى مرحلة الرعي، ومنهما إلى العصرَين الزراعي والصناعي؛ من الكهف إلى البيت، ومن القبيلة إلى الدولة، ومن الوحشية إلى البربرية، ومنهما إلى المجهول وغبار التاريخ.

ويشترك الكتاب، الصادر حديثاً عن دار «الياسمين» بالقاهرة، مع أصداء ما تطرحه الدراسات الحديثة في بناء السلام وحقوق الإنسان والعلوم الإنسانية المتجاورة التي تنشد قطيعة معرفية مع ثقافة العصور الحداثية السابقة، وتنشئ تصوراتها الجديدة في المعرفة.

لم يكن اختيار الباحث فالح مهدي إحدى الظواهر الإنسانية، وهي «المرأة»، ورصد أدوارها في وادي الرافدين ومصر وأفريقيا في العالمَين القديم والجديد، سوى تعبير عن استكمال وتعزيز أطروحته النظرية لما يمكن أن يسمَى «التنافذ الحقوقي والسياسي والقانوني والسكاني بين العصور»، وتتبع المعطيات العامة في تأسس النظم العائلية الأبوية، والأُمّوية أو الذرية، وما ينجم عن فضائها التاريخي من قرارات حاكمة لها طابع تواصلي بين السابق واللاحق من طرائق الأحياز المكانية والزمانية والإنسانية.

إن هذه الآليات تعمل، في ما يدرسه الكتاب، بوصفها موجِّهاً في مسيرة بشرية نحو المجهول، ومبتغى الباحث هو الكشف عن هذا المجهول عبر ما سماه «بين غبار التاريخ وصورة الحاضر المتقدم».

كان الباحث فالح مهدي معنياً بالدرجة الأساسية، عبر تناول مسهب لـ«المرأة» وعلاقات القوى المؤثرة في وجودها الإنساني عبر مسار التاريخ، بأن يؤكد أن كل ما ابتكره العالم من قيم وأعراف هو من صنع هيمنة واستقطاب الآليات الآيديولوجية، وما يعنيه بشكل مباشر أن نفهم ونفسر طبيعةَ وتَشكُّلَ هذه الآيديولوجيا تاريخياً ودورها التحويلي في جميع الظواهر؛ لأنها تعيد باستمرار بناء الحيز الدائري (مفهوم الباحث كما قلت في المقدمة) ومركزة السلطة وربطها بالأرباب لتتخذ طابعاً عمودياً، ويغدو معها العالم القديم مشتركاً ومتوافقاً مع الجديد.

إن مهدي يحاول أن يستقرئ صور «غبار التاريخ» كما يراها في مرحلتَي الصيد والرعي القديمتين، ويحللها تبعاً لمسارها في العهد الحداثي الزراعي الذي أنتج النظم العائلية، وبدورها أسفرت عن استقرار الدول والإمبراطوريات والعالم الجديد.

يرصد الكتاب عبر تناول مسهب «المرأة» وعلاقات القوى المؤثرة في وجودها الإنساني عبر مسار التاريخ في ظل استقطاب آيديولوجيات زائفة أثرت عليها بأشكال شتى

ويخلص إلى أن العصر الزراعي هو جوهر الوجود الإنساني، وأن «كل المعطيات العظيمة التي رسمت مسيرة الإنسان، من دين وفلسفة وعلوم وآداب وثقافة، كانت من نتاج هذا العصر»، ولكن هذا الجوهر الوجودي نفسه قد تضافر مع المرحلة السابقة في عملية بناء النظم العائلية، وأدى إليها بواسطة البيئة وعوامل الجغرافيا، بمعنى أن ما اضطلع به الإنسان من سعي نحو ارتقائه في مرحلتَي الصيد والرعي، آتى أكله في مرحلة الزراعة اللاحقة، ومن ثم ما استُنْبِتَ في الحيز الزراعي نضج في الحيز الصناعي بمسار جديد نحو حيز آخر.

ومن الحتم أن تضطلع المعطيات العظيمة التي أشار إليها المؤلف؛ من دين وفلسفة وعلوم وآداب زراعية؛ أي التي أنتجها العالم الزراعي، بدورها الآخر نحو المجهول وتكشف عن غبارها التاريخي في العصرَين الصناعي والإلكتروني.

إن «غبار التاريخ» يبحث عن جلاء «الحيز الدائري» في تقفي البؤس الأنثوي عبر العصور، سواء أكان، في بداية القرن العشرين، عن طريق سلوك المرأة العادية المسنّة التي قالت إنه «لا أحد يندم على إعطاء وتزويج المرأة بكلب»، أم كان لدى الباحثة المتعلمة التي تصدر كتاباً باللغة الإنجليزية وتؤكد فيه على نحو علمي، كما تعتقد، أن ختان الإناث «تأكيد على هويتهن».

وفي السياق نفسه، تتراسل دلالياً العلوم والفلسفات والكهنوت والقوانين في قاسم عضوي مشترك واحد للنظر في الظواهر الإنسانية؛ لأنها من آليات إنتاج العصر الزراعي؛ إذ تغدو الفرويدية جزءاً من المركزية الأبوية، والديكارتية غير منفصلة عن إقصاء الجسد عن الفكر، كما في الكهنوت والأرسطية في مدار التسلط والطغيان... وهي الغبار والرماد اللذان ينجليان بوصفهما صوراً مشتركة بين نظام العبودية والاسترقاق القديم، وتجدده على نحو «تَسْلِيع الإنسان» في العالم الرأسمالي الحديث.

إن مسار البؤس التاريخي للمرأة هو نتيجة مترتبة، وفقاً لهذا التواصل، على ما دقّ من الرماد التاريخي بين الثقافة والطبيعة، والمكتسب والمتوارث... حتى كان ما تؤكده الفلسفة في سياق التواصل مع العصر الزراعي، وتنفيه الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا في كشف صورة الغبار في غمار نهاية العصر الصناعي.