قتلى بـ«تفجير غامض» في جسر الشغور ... واستهداف مسؤول أمني في دمشق

TT

قتلى بـ«تفجير غامض» في جسر الشغور ... واستهداف مسؤول أمني في دمشق

قُتل 15 شخصاً، غالبيتهم الساحقة من المدنيين، الأربعاء، جراء انفجار سيارة في مدينة جسر الشغور، في محافظة إدلب، في شمال غربي سوريا، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومراسل وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية: «قتل 13 مدنياً على الأقل، بالإضافة إلى شخصين مجهولي الهوية، كما أصيب نحو 30 آخرين، جراء انفجار سيارة قرب سوق شعبية في مدينة جسر الشغور، ولم يُعرف ما إذا كانت مفخخة أم تقل مواد متفجرة».
وأوضح عبد الرحمن أن بين القتلى طفلة مقاتل تركستاني، مشيراً إلى جرحى في حالات خطرة.
ويسيطر «الحزب الإسلامي التركستاني» بشكل رئيسي على المدينة، مع «هيئة تحرير الشام» («النصرة» سابقاً).
وقال المسؤول عن منظمة «الخوذ البيضاء» في منطقة جسر الشغور أحمد يازجي: «لا معلومات حتى الآن عن مصدر الانفجار»، مضيفاً: «انتشلنا مصابين أحياء، ويوجد الآن 10 مفقودين تحت الأنقاض يتم البحث عنهم». وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بانهيار مبنى، وتضرر واجهات 4 أخرى على الأقل في موقع الانفجار.
وقال أبو عمار، وهو أحد سكان الحي المستهدف: : «صوت الانفجار كان ضخماً للغاية، ولم نقدر أن نميز ما إذا كان ناتجاً عن صاروخ أم (سيارة) مفخخة».
وتتعرض المحافظة منذ فبراير (شباط) لتصعيد في القصف من قوات النظام وحلفائها.
الى ذلك، أعلنت مجموعة مجهولة تسمي نفسها كتيبة «سرايا قاسيون» مسؤوليتها عن تفجير سيارة وقع جنوب دمشق صباح الأربعاء، هو الثاني الذي يقع في العاصمة خلال عشرة أيام ضمت سلسلة تفجيرات واغتيالات حصلت في الفترة الأخيرة.
وقالت الكتيبة في بيان لها عبر قناتها الرسمية على «تلغرام» إن العملية استهدفت عادل إحسان الذي وصفه البيان بـ«أحد أخطر أذرع مخابرات نظام الأسد في مدينة دمشق، والمشهور بانتهاكاته ضد المدنيين جنوب العاصمة». وأوضحت «كتيبة قاسيون» بأن عملية الاغتيال جرت «بزرع عبوة ناسفة في سيارته صباح الأربعاء ما أسفر عن مقتله على الفور»، مع الإشارة إلى أن «المستهدف يتبع لفرع أمن الدولة... المسؤول عن اعتقال آلاف السوريين وتصفية المئات منهم تحت التعذيب، كما أن المستهدف كان يعرف بأعماله التشبيحية على المدنيين جنوب العاصمة دمشق».
وأعلن التلفزيون السوري الرسمي صباح أمس عن انفجار سيارة مفخخة قرب المتحلق الجنوبي في منطقة نهر عيشة في دمشق، وأفاد بمقتل مدني وإصابة خمسة آخرين «نتيجة انفجار عبوة ناسفة بسيارة على المتحلق الجنوبي جنوب مدينة دمشق قبل ظهر الأربعاء».
ويعد هذا التفجير الثاني من نوعه في غضون عشرة أيام، تتبناه «كتيبة سرايا قاسيون» التي سبق وأعلنت منصف شهر أبريل (نيسان) عن «اغتيال أحد أخطر ضباط الأمن السياسي في دمشق، المدعو أبو المجد وهو المسؤول عن قسم التجنيد في منطقة قدسيا بعد استهدافه عبوة ناسفة زرعت في سيارته». وأكدت حينها مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن الانفجار استهدف سيارة عبد الحميد عبد المجيد، الملقب أبو المجد، العامل في قسم الدراسات في الأمن السياسي وكان مسؤول التجنيد في المنطقة، ورجحت المصادر أن يكون سبب استهدافه: «مسؤوليته عن اعتقال العشرات من شباب المنطقة خلال الأعوام الأربعة الأخيرة».
وكانت منطقة قدسيا القريبة من القصر الجمهوري ومقرات الفرقة الرابعة لسيطرة الحرس، شهدت في يوليو (تموز) 2018 انفجار سيارة مفخخة في حي مشروع دمر القريب من قدسيا، أدى إلى إصابات بين المدنيين من دون أن تتضح أسباب الانفجار حيث اكتفى الإعلام المحلي بإيراد نبأ انفجار جسم غريب، وتلا ذلك العثور على حقيبتي يد مفخختين وسط مدينة قدسيا، وضعتا عند باب مسجد.
وشهدت قدسيا خلال شهر فبراير (شباط) حالة استنفار أمني وحملة اعتقالات واسعة على خلفية قيام مجهولين بتمزيق صورة للرئيس السوري بشار الأسد، وكتابة عبارات مناهضة للنظام ومطالبة بإسقاطه، ورحيل رموزه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.