توقعات بصيف عراقي ساخن بسبب عقوبات إيران

TT

توقعات بصيف عراقي ساخن بسبب عقوبات إيران

يتابع العراقيون منذ أوائل شتاء العام الحالي نشرة الأنواء الجوية بسبب الأمطار والسيول ومخاطر السدود وفي المقدمة منها سد الموصل الذي تحول إلى بعبع بسبب رخاوة الأرض التي شُيِّد عليها أوائل ثمانينات القرن الماضي. لكن بعد إعلان واشنطن أول من أمس، عزمها «تصفير» صادرات النفط الإيراني مع مطلع الشهر المقبل، تتجه أنظار العراقيين نحو توقعات الأرصاد الجوية لشكل وطبيعة الصيف المقبل في العراق.
فإذا لم تمنح واشنطن استثناءات جديدة للعراق بشأن استيراد الغاز والكهرباء من إيران فإن منظومة الطاقة الكهربائية مرشحة لأن تفقد أكثر من 4000 ميغاواط. فالصيف العراقي الساخن أصلاً حتى بوجود أكثر من هذه الكمية، مرشحٌ لأن يزداد سخونة هذا العام إذا تم منع العراق من استيراد الطاقة من إيران. وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية، من جانبها، عدم وجود بدائل لشحنات الغاز الإيراني هذا الصيف في وقت ترى المصادر العراقية المطلعة أن البدائل حتى الخليجية منها وبالذات مساعي الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية تحتاج إلى فترة زمنية قد تقترب من سنة أو أكثر بينما لم يبقَ على الصيف الحار في العراق سوى أسبوعين تقريباً. وقالت الوزارة إن «وقف الواردات سيحرم العراق من أربعة آلاف ميغاواط كهرباء».
ورغم أن الإعلان الأميركي شمل صادرات النفط ولم يتطرق إلى الغاز إلا أنه وطبقاً للمصادر العراقية، المشكلة سوف تكمن في الطريقة التي سيسدد بموجبها العراق تكلفة شحنات الغاز والكهرباء المستورد في ظل رفض واشنطن التعامل مع إيران بالدولار.
وتخشى الأوساط الرسمية العراقية الصيف الذي يفجر عادةً المظاهرات وما قد يرافقها من أعمال عنف يمكن أن تتطور إلى مواجهات مسلحة على غرار ما حصل العام الماضي في محافظة البصرة، حيث استمرت المظاهرات أكثر من أربعة أشهر بسبب أزمة الكهرباء والصيف الساخن.
ويجد العراقيون بارقة أمل في التوقعات الجوية بأن معدلات الحرارة ستبقى هذا العام أقل من معدلاتها بالقياس إلى السنين الماضية، حيث ترتفع درجات الحرارة في العراق خلال فصل الصيف إلى أكثر من 50 درجة مئوية في ظل انقطاع للتيار الكهربائي يستمر لساعات.
وعلى صعيد ردود الأفعال العراقية حيال قرار واشنطن إلغاء إعفاءات النفط الإيراني، اعتبر زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، أن سياسة تجويع الشعوب وفرص الحصار عليها ليست مجدية.
وفي هذا السياق، أكد عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي فرات التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة العراقية لم تستفد في الواقع من الاستثناءات السابقة التي منحتها لها الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي يتطلب تحركاً سريعاً لمواجهة أزمة كبيرة محتملة، مع أن الإجراءات حتى في حال التوجه إلى البدائل لن تكون سريعة»، مبيناً أن «العراق يحتاج إلى فترة استثناء أطول من الولايات المتحدة الأميركية مع التفكير الجدي في البحث عن بدائل مع معرفة الجميع أنها تأخذ وقتاً». وأضاف التميمي أن «الوضع في الصيف القادم سيكون صعباً في حال فقدان الكمية التي نستوردها من إيران وهي في حدود 4000 ميغاواط، وهو ما يعني أن الحكومة ستكون أمام امتحان قد يكون الأصعب خلال فترتها الحالية»، مشيراً إلى أنه «يتوجب على الولايات المتحدة الأميركية أن تتفهم هذا الوضع وهي تعرف جيداً أن العراق لا يملك الآن أي بدائل ممكنة».
ورداً على سؤال بشأن إعلان واشنطن الدائم عن دعمها لحكومة عادل عبد المهدي، وهو ما يتناقض مع عدم منحها استثناءً للعراق، يقول التميمي: «إذا أصرت واشنطن على عدم الاستثناء فإن ذلك يكشف عن نيات خطيرة حيال الوضع الحالي في العراق»، مستدركاً بالقول إن «هناك سبباً آخر يمكن أن يكون حاضراً في إصرار الأميركيين على عدم الاستثناء هو دفع العراق إلى التفكير الجدي في البحث عن بدائل محلية وخارجية، وبالتالي فإنها يمكن أن تربط الاستثناء من عدمه بجدية الطرف العراقي في ألا يبقى معتمداً على ما يستورده من الخارج».
من جهته، أكد عبد الله الخربيط، عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق حالياً في الفخ تماماً، حيث إنه إن طبّق العقوبات فإنه يعني الاستغناء عن الكهرباء في هذا الصيف علماً بأن الاستغناء عن الكهرباء يعني المظاهرات والمصادمات مع الشارع، وفي حال تمرد على العقوبات فإنه يكون تحت طائلة العقوبات الأميركية».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».