تصاعد القلق الإسرائيلي من سياسة ترمب ونتنياهو

تراجع التأييد بين أعضاء الحزب الديمقراطي إلى مستوى غير مسبوق

TT

تصاعد القلق الإسرائيلي من سياسة ترمب ونتنياهو

مع تزايد التراجع في شعبية إسرائيل في الشارع الأميركي وتعمق الخلافات بين يهود الولايات المتحدة والحكومة الإسرائيلية ودخول الحزبين الكبيرين، الجمهوري والديمقراطي، في سجالات حول السياسة الأفضل تجاه إيران، حذرت أوساط يهودية في تل أبيب وواشنطن من «الخطر الذي يهدد المصالح الاستراتيجية للبلدين، الناجم عن سياسة بنيامين نتنياهو ودونالد ترمب الراديكالية الحادة».
وقد عبر السفير الأميركي السابق في تل أبيب، دان شبيرو، عن القلق من هذه السياسة، خلال محاضرة في تل أبيب، أمس. وضرب مثلا على ذلك في السياسة الأميركية حول إيران، التي تتأثر من موقف نتنياهو، فقال إنه يتوقع أن تؤدي العقوبات التي تفرضها إدارة ترمب، على إيران، إلى توتر مع دول تعارض هذه العقوبات، وأشار إلى أن الضغوط على ترمب تتزايد في هذه الأثناء، على ضوء اقتراب انتخابات الرئاسة، العام المقبل.
وفي رد على أسئلة الإذاعة العامة الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، قال شبيرو: «من جهة، لا شك في أن سياسة ترمب لممارسة ضغوط اقتصادية على إيران حققت عدة نتائج مهمة، والاقتصاد الإيراني في وضع صعب جدا. ولكن من الجهة الأخرى، فإن هذه السياسة التي شملت انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي سببت توترا مع الحلفاء في أوروبا الذين يؤيدون الاتفاق، وتتسبب الآن في توتر مع كل من الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية أيضا، وهي دول حصلت حتى الآن على إعفاء لشراء النفط الإيراني».
ولفت شبيرو إلى أن ترمب يتعرض لضغوط أيضا، بسبب اقتراب انتخابات الرئاسة الأميركية، التي ستجري العام المقبل. وأضاف: «بعد سنتين ونصف السنة على بدء ولايته، فإن الساعة تدق، وترمب يريد نتائج أكثر وضوحا حيال البرنامج النووي الإيراني. ولكنه في الوقت نفسه، لا يريد فتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط. فهو الذي انتقد بشدة الحرب في العراق ويريد إخراج القوات الأميركية من سوريا، هل يقود بلادنا إلى شن هجوم في إيران. أنا لا أعتقد أنه يتطلع إلى خوض حرب أخرى في الشرق الأوسط».
وجاءت هذه التصريحات منسجمة مع مواقف المعارضة في الولايات المتحدة، التي تتحدث علنا عن رغبتها في إعادة الإدارة الأميركية إلى تأييد الاتفاق الإيراني النووي، الذي انسحبت منه في عهد ترمب. وحسب شبيرو، فإن غالبية نواب الحزب الديمقراطي وقسما من الحزب الجمهوري، يعتبرون سياسة ترمب بمثابة إعلان حرب. ويقولون إن «إيران، لم تحدث حتى الآن أي خروقات للاتفاق، ولكن الانسحاب من الاتفاق، سيجعلها تستأنف برنامجها النووي، وهذه ستكون ذريعة لعملية عسكرية من جانب أولئك الذين يؤيدون عملية كهذه».
ويرى سياسيون وعسكريون في إسرائيل أن هذه اللهجة من النقاش في الولايات المتحدة تؤدي إلى إقحام إسرائيل بشكل سلبي في السياسة الأميركية الداخلية، إذ إن الكثيرين من النواب الديمقراطيين يشيرون صراحة إلى تأثير نتنياهو على مواقف ترمب.
ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية، أمس، عن مسؤولين رسميين إسرائيليين تخوفهم من تحول القضية الإيرانية إلى موضوع مركزي في انتخابات الرئاسة الأميركية، وأن تُفسّر تصريحات إسرائيلية حول القضية الإيرانية بأنها تدخل في السياسة الداخلية الأميركية. وقالت إن ستة مرشحين ديمقراطيين أعلنوا، حتى الآن، أنه في حال انتخابهم لمنصب الرئيس الأميركي، فإنهم سيعيدون التوقيع على الاتفاق النووي، الذي انسحب منه ترمب، وهم: بيرني ساندرز، إليزابيث وورن، حمالا هاريس، إيمي كلوبوشور، طولسي غبارد ووزير الإسكان السابق جوليان كاسترو. ويرجح أن يعلن مرشحون ديمقراطيون آخرون عن تعهد مشابه، في الأسابيع المقبلة، بينهم جو بايدن، نائب الرئيس السابق باراك أوباما وشريكه في بلورة الاتفاق النووي. كما أن المؤتمر الديمقراطي القُطري، المسؤول عن سياسة الحزب، أصدر بيانا يدعو إلى عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران، في حال انتخاب رئيس ديمقراطي. كذلك دعت منظمات يسارية أميركية، بينها منظمة «جي ستريت» اليهودية، في إطار حملة، المرشحين الديمقراطيين للرئاسة، إلى التعهد بإعادة التوقيع على الاتفاق النووي.
وينتقد هؤلاء ما كان أعلنه سفير إسرائيل في واشنطن، رون ديرمر، المقرب جدا من نتنياهو، إذ قال خلال خطابه أمام مؤتمر اللوبي الصهيوني «أيباك» في واشنطن، الشهر الماضي، إن «العودة إلى الاتفاق النووي شيء غير مقبول أبدا. ومن يقول إنه يؤيد العودة إلى الاتفاق، يقول عمليا إنه يؤيد منح مئات مليارات الدولارات إلى أشخاص ملتزمين بالقضاء على إسرائيل وجيراننا العرب، ويؤيدون مسارا واضحا نحو سلاح نووي بأيدي هؤلاء الأشخاص».
ويرى الإسرائيليون أن هذه السياسة تترك أثرها على الموقف الأميركي الشعبي من إسرائيل، ولذلك فإن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب أعد دراسة خاصة حولها وخرج بتوصيات للحكومة يقترح فيها إحداث تغييرات جوهرية في سياستها. ولفت المعهد إلى نتائج استطلاع لمعهد «غالوب»، الذي يقيس حجم تأييد الأميركيين لإسرائيل في سياق الصراع مع الفلسطينيين، وأشارت إلى تراجع هذا التأييد، خاصة بين مؤيدي الحزب الديمقراطي، إلى حضيض غير مسبوق منذ عشر سنوات.
وتجدر الإشارة إلى أن المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية، بيرني ساندورز، هاجم بشدة الحكومة الإسرائيلية ووصفها بأنها «يمينية وعنصرية ومتطرفة». وقال: «أنا نفسي كنت أعمل متطوعا في الكيبوتسات عندما كنت صغيراً. لكن الحقيقة هي أن نتنياهو يميني ويعامل الفلسطينيين بشكل غير عادل. وأعتقد أن الولايات المتحدة التي تمنح إسرائيل مليارات الدولارات كمساعدات عسكرية، يجب أن تعامل الفلسطينيين وسائر الفرقاء في الشرق الأوسط بطريقة متساوية».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.