عون لم يقصد الحريري بحديث «التقصير» في الموازنة

TT

عون لم يقصد الحريري بحديث «التقصير» في الموازنة

أثار حديث الرئيس اللبناني ميشال عون، عن تأخير إنجاز الموازنة التقشفية، التي تسعى إليها الحكومة اللبنانية، بعد الخلوة التي عقدها مع البطريرك الماروني بمناسبة عيد الفصح، عاصفة من التأويلات والتفسيرات على لسان مسؤولين ورؤساء أحزاب كانوا يشاركون في المناسبة، تمحورت حول هوية من يتهمه عون بالتقصير.
وتوسعت محطات التلفزيون المحلية بإجراء مقابلات طويلة، أول من أمس، للكشف عن المسؤول عن تأخير إنجاز مشروع الموازنة. وزير المالية حسن خليل أكد أنه أعد ما هو مطلوب منه، أو أحال ذلك إلى رئيس الحكومة سعد الحريري. وأيد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الرئيس عون، في أن المشروع تأخر، والمطلوب الإسراع في إنجازه.
وأكدت المصادر أن عون يرمي من استعجال إنجاز مشروع الموازنة إلى احترام الموعد النهائي الذي حدده مؤتمر «سيدر» لدعم لبنان بنهاية الشهر الحالي، للحصول على ما تقرر من مساعدات. وقد يمدد هذا الموعد لإقرار الموازنة التي تحتاج بعض الوقت لتمريرها في مجلس النواب.
واستفسرت «الشرق الأوسط» من مصادر رئاسية عما قصده رئيس الجمهورية بموقفه، فأوضحت أن عون «لم يقصد لا الحريري، ولا أحداً محدداً عندما انتقد التأخير بإنجاز الموازنة». واستغربت الضجة المثارة حول العبارة التي أطلقها من بكركي.
وأوضحت أن «الرئيس يقول: بكل بساطة أنتظر الانتهاء من مشروع الموازنة، وأسمع وزير المال يقول إنه أنجزه منذ شهر أغسطس (آب). ويسأل الرئيس عن سبب عدم وصولها إلى مجلس الوزراء إذا كانت جاهزة من أغسطس».
وتضيف المصادر أن «رئيس الحكومة يقول إنه لم يصله مشروع الموازنة بشكل نهائي. وتبيّن للرئيس عون أن كل واحد يلقي تبعة التأخير على الآخر، فأراد أن يذكر بأن الحكومة كانت قد التزمت منذ أول جلسة بعد نيلها الثقة بالبت بمشروع الموازنة، ليحيلوها إلى مجلس النواب قبل انتهاء الدورة آخر مايو (أيار)».
وبسبب «التردد والتعديلات الدائمة» على البنود، تقول المصادر إن عون «يقول إذا كان من مسؤول لا يستطيع أن ينجز مشروع الموازنة، كما يجب، فأتوا به إلى قصر بعبدا، ويقصد بذلك مجلس الوزراء المنعقد في قصر بعبدا لمناقشته والبحث في المختلف عليه».
وكرّرت أن «هذا ما قصده الرئيس في عبارته في تصريحه، وهو من الأشخاص الذين يملكون من الجرأة ما يكفيه لأن يقول ما يريده وسبق أن قال في مناسبات أشياء كثيرة وسمى الأشياء بأسمائها».
وأوضحت أن هدف عون من دعوته «رسالة كلام لحث المعنيين، ومن لم يحسم بعد دوره في وضع مشروع الموازنة. ودعوته بالمختصر: احملوا هذا المشروع كما هو إلى مجلس الوزراء، لنحاول إنجازه، لأنه لم يعد من الجائز أن يتأخر في وقت تشخص أنظار واضعي مؤتمر سيدر ومنظمات دولية أخرى إلى بيروت. ويسأل هؤلاء أين أصبح مشروع الموازنة؟».
وشدّدت على أن رئيس الجمهورية يتحدث عن «حالة يمكن أن يطلق عليها حالة تضييع الوقت»، ولفتت إلى أن «الرئيس مستغرب من الأفكار التي طرحت ولا تمت إلى الواقع بصلة، ويدعو إلى أن يناقشها مجلس الوزراء لأنه بالنهاية هو صاحب السلطة التي تبت فيما هو مطلوب». وجزمت المصادر بأن عون لم يقصد بعبارته، الحريري، لافتة إلى أن الأخير «أجرى اتصالاً بالرئيس الخميس الماضي مستأذناً بالسفر إلى السعودية ومعايداً». وكررت أن «لا شيء شخصي بين الرئيسين وليطمئن من يريد زرع الخلاف».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».