خطر «داعش» يدفع سكان الموصل لشراء السلاح دفاعاً عن النفس

6 متاجر تبيعه لمدنيين وعسكرين وبين الزبائن رجال أعمال وصحافيون

أحد الأشخاص يعاين بندقية في متجر للسلاح بالموصل (أ.ف.ب)
أحد الأشخاص يعاين بندقية في متجر للسلاح بالموصل (أ.ف.ب)
TT

خطر «داعش» يدفع سكان الموصل لشراء السلاح دفاعاً عن النفس

أحد الأشخاص يعاين بندقية في متجر للسلاح بالموصل (أ.ف.ب)
أحد الأشخاص يعاين بندقية في متجر للسلاح بالموصل (أ.ف.ب)

تشهد أماكن بيع الأسلحة النارية من بنادق صيد ومسدسات وبنادق هجومية في مدينة الموصل التي استعادتها السلطات منذ نحو عامين من قبضة «داعش»، إقبالاً كبيراً إذ يعتبرها البعض ضرورية لحماية أنفسهم رغم طرد التنظيم المتطرف.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإنه بعد إصدار السلطات تراخيص، كانت تقتصر قبل عام على شراء أسلحة الصيد، يسمح اليوم للمدنيين بشراء مسدس أو بندقية للدفاع عن النفس، ما يثير مخاوف في هذه المدينة، حيث لا تزال آثار «داعش» ماثلة. ويؤكد صاحب أحد متاجر السلاح في المدينة، وعددها ستة، كان حصل قبل أشهر قليلة على موافقة من وزارة الداخلية لبيع الأسلحة في الموصل، أن «بنادق الصيد تشكل 70 في المائة من مجموع المبيعات».
ويذكر الرجل الأربعيني، طالباً عدم كشف هويته، أنه يستقبل «الكثير من الزبائن»، مؤكداً أن المتاجر تبيع لمن لديهم ترخيص حمل سلاح من المدنيين، إضافة إلى عدد كبير «من عناصر قوات الأمن».
ويؤكد صاحب متجر آخر: «نبيع أسلحة للمدنيين وكذلك للعسكريين». ويلفت هذا التاجر إلى أن بين الزبائن المدنيين صيادين، و«رجال أعمال أو صحافيين»، وهي مهن قد يتلقون على أثرها تهديدات في الموصل.
وبين الزبائن، أبو نزار (45 عاما)، الذي استصدر ترخيصا ويحمل معه الآن مسدساً طوال الوقت ويحتفظ ببندقية «كلاشينكوف»، في محله للصيرفة. وإلى جانبه، حامد حسن، عنصر أمن (21 عاما)، يحمل سلاحا خلال ساعات عمله ويسلمه قبل انتهاء الدوام، لكنه جاء يتفحص أسلحة وأعتدة في أحد المتاجر لشراء آخر. ويشير هذا الشاب الذي يرتدي زياً عسكرياً لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أنه يحتاج سلاحا «لحمايتي الشخصية، لأن وضع الموصل الأمني ما زال غير مستقر».
وما زال هناك مئات «الدواعش» يختبئون في محافظة نينوى، وكبرى مدنها الموصل، خصوصاً في مناطق جبلية وصحراوية قريبة من الحدود مع سوريا، وفقا لمصادر أمنية. ورغم القضاء على معاقل الجهاديين داخل المدن العراقية، لا تزال الهجمات تستهدف عناصر الأمن شخصياً وأحياناً تضرب منازلهم.
وكانت الأسلحة متوفرة في الموصل بعدما أصبحت معقلاً للتمرد ضد القوات الأميركية التي أطاحت بنظام صدام حسين عام 2003، وحتى بعدما تحولت إلى عاصمة لـ«خلافة (داعش)».
ويؤكد خبراء ومسؤولون محليون انتشار أسلحة مختلفة بينها ما تسرب إلى السوق السوداء لدى سيطرة «داعش» على مخازن السلاح إثر هزيمة القوات الحكومية في يونيو (حزيران) 2014، بالإضافة إلى تسليح جماعات رسمياً لحماية قوميات أو أقليات.
من جهته، يقول مصدر أمني إن السلطات الأمنية تعلن بشكل متكرر الاستيلاء على شاحنات محملة بأسلحة ومتفجرات تابعة للمتطرفين، لكن «الأسلحة الخفيفة بمختلف أنواعها أصبحت في السوق السوداء». ويشير إلى أن «هناك أسلحة سرقت وأخرى عثر عليها بعد هروب (الدواعش)، وما نقله مهربو سلاح» إلى محافظة نينوى المتاخمة لتركيا وسوريا.
وتعرض مخازن بيع الأسلحة الآن في الموصل، بنادق أوتوماتيكية ومسدسات أميركية وصينية أو كرواتية الصنع، وبنادق صيد وكلاشينكوف، يتراوح سعرها بين 500 و5 آلاف دولار.
ويرى عالم الاجتماع علي زيدان أن بيع وتداول الأسلحة في الموصل والمناطق التي كانت تحت سيطرة «داعش» يمثل مصدر قلق. وحملت تلك الفترة المظلمة تأثيرات سلبية انعكست على رجال حملوا بنادق على أكتافهم وأطفال تلقوا تعليماً عسكرياً في المدارس، ورياضيات بعمليات جمع وطرح للرصاص والقنابل اليدوية.
الأمر نفسه بالنسبة للفتيان المراهقين الذين أجبروا على تلقي تدريبات عسكرية، وحتى العامة الذين كانوا يرغمون في حضور ومشاهدة تنفيذ عمليات الإعدام والعقوبات الجسدية في الساحات العامة.
بدورها، حذرت مصادر أمنية من خطورة انتشار وبيع الأسلحة في الموصل، خشية وقوعها في نهاية المطاف بيد مسلحين. ويقول زيدان في هذا الصدد، إن «الموصل محررة حديثا، ولا تزال فيها خلايا إرهابية نائمة ممكن أن تستغل هذه الظاهرة وتحصل على السلاح بطريقة أو بأخرى». وذكر أن المنطقة تعرضت لدمار بسبب المعارك، ورغم مساعي إعادة الإعمار، فإن تداول السلاح يهدد بـ«ازدياد الجرائم».
من جهته، يرى المحلل السياسي عامر البك أن «الوضع الأمني غير مستقر كما يسوق له القادة الأمنيون»، مؤكداً أن «بيع الأسلحة للمدنيين سيؤثر سلباً على الوضع الأمني حالياً ومستقبلاً».


مقالات ذات صلة

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)
أفريقيا وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة.

كمال بن يونس (تونس)
الولايات المتحدة​ وقع الهجوم بعد الساعة الثالثة صباحاً بقليل في أحد أكثر الأحياء ازدحاماً في نيو أورليانز (نيويورك تايمز)

كيف يعكس هجوم نيو أورليانز نمطاً عالمياً لاستخدام السيارات أسلحةً إرهابيةً؟

قال خبراء لموقع «أكسيوس» إن الهجوم الذي شهدته مدينة نيو أورليانز الأميركية في ليلة رأس السنة الجديدة يعد جزءاً من اتجاه عالمي لاستخدام السيارات أسلحةً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي بايدن في البيت الأبيض يتحدث عن هجوم نيو أورليانز الإرهابي الخميس (د.ب.أ)

بايدن: منفّذ هجوم نيو أورليانز كان يحمل جهاز تفجير عن بُعد

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، إن المهاجم في حادثة دهس السيارات في نيو أورليانز كان يحمل جهاز تفجير عن بعد في سيارته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».