أول فنانة كاريكاتير كويتية تقتحم المجال في ظل هيمنة الرجال

سارة النومس لـ«الشرق الأوسط»: الصحافة ستظل بحاجة لهذا الفن

سارة النومس
سارة النومس
TT

أول فنانة كاريكاتير كويتية تقتحم المجال في ظل هيمنة الرجال

سارة النومس
سارة النومس

رغم ما تعانيه الصحافة الورقية في كثير من بلدان العالم، وأيضا فن الكاريكاتير بالتبعية؛ فإن عددا كبيرا من الفنانات العربيات الخليجيات اقتحمن هذا المجال وحققن فيه نجاحاً، مكنهن من المنافسة خارج سياق الصحف؛ بل في الملتقيات الدولية للكاريكاتير.
تعتبر سارة النومس، أول فنانة كاريكاتير كويتية تقتحم هذا المجال، الذي استأثر به الرجال منذ نشأته في القرن الثامن عشر في بريطانيا، وظهر في الصحافة المصرية في أواخر القرن التاسع عشر.
سارة النومس تقدم إبداعاتها على صفحات جريدة «الرأي» الكويتية منذ 14 عاماً وحازت كثيرا من الجوائز؛ منها: جائزة الشيخ مبارك الحمد الصباح للتميز الصحافي، وجائزة ملتقى القاهرة الدولي الخامس للكاريكاتير.
وعن بدايتها قالت النومس لـ«الشرق الأوسط»، إن «فن الكاريكاتير كان يتملكني من دون شعوري به من خلال تعاملي بفكاهة دائماً مع المواقف والناس، إلى جانب خيالي الواسع في وصف الأمور بطريقة طريفة، حتى طبقتها على الورقة وتلقيت التشجيع والدعم المعنوي من الزملاء في الجامعة في فترة الدراسة الجامعية، ومن ثم بدأت أنظر للكاريكاتير بوصفه مستقبلا يمثلني، فكنت أهتم بالفن التشكيلي في البداية وبعد ذلك تخصصت في الكاريكاتير... واليوم أُعرف لا كفنانة تشكيلية وإنما كاريكاتيرية»، لافتة إلى أن اقتحام مجال الكاريكاتير في ظل هيمنة ذكورية عليه، لم يكن سهلاً، وكانت البداية صعبة فعلاً عندما كنت الفتاة الوحيدة التي ترسم الكاريكاتير، مع العلم أن هناك كثيرا من الفنانات لكن لم تكن أعمالهن تُنشر في الصحافة؛ لأن الوصول للصحافة كفنانة كاريكاتيرية صعب جداً، فكان عملي في الصحافة محررة فقط، كنت وقتها أشعر بالضعف، فكانت الطموحات بنشر رسوماتي في الصحيفة ضئيلة جدا، إلى أن يسر الله أن أكون أول فنانة كاريكاتير أنثى تقتحم الكاريكاتير الصحافي في الكويت، ولا أخفي أنه كانت هناك كثير من الاعتراضات والانتقادات لاختياري من بين كثير من الفنانين للعمل في صحيفة «الرأي»، لكن الشكر لله الذي يسر أموري، ثم لأسرة «الرأي» على دعمها المستمر لي.
وتركز النومس في أعمالها على القضايا السياسية والاجتماعية، في حين تراجعت عن البورتريه الكاريكاتيري. وعن السبب في ذلك توضح أن «هناك كثيرا من الكاريكاتيريين يفضلون عمل البورتريه الكاريكاتيري؛ لكني وجدت نفسي في رسم الموضوعات الكارتونية أكثر، بعض الرسومات تحتاج لرسم شخصية معينة، لكن بوجه عام أُفضل النقاشات البناءة ورسم القضايا التي من خلالها تبدأ النقاشات وطرح الآراء المختلفة».
وعن رأيها في أسباب تراجع فن الكاريكاتير الصحافي في عالمنا العربي عن الغرب، تقول النومس: «الشخص الذي ينتقدني أحرص على الاهتمام به كثيراً، فقد يسبب لي عائقاً في المستقبل؛ لذلك لن أسمح له بانتقادي وفتح الأعين على أخطائي وتقصيري، ذلك هو الحال في العالم العربي الذي يحرص على قرب المجاملين والمنافقين وإبعاد الصريحين والواقعيين من أمامهم، لذلك الكاريكاتير صار وسيلة مجاملة بدلاً من أن يكون رسالة واقعية تسخر من تقصير وعيوب الحكومات».
وتعتقد النومس أن الكاريكاتير بدأ يفقد قيمته شيئا فشيئا في العالم العربي رغم أنه يعد وسيلة مهمة جدا في البلدان الأجنبية التي تفتح الأبواب للنقاد سواء أكانت في الصحافة أو الفن أو المسرح وحتى الكاريكاتير، مضيفة: «لهذا الكاريكاتيري العربي دائما يحسد الكاريكاتيري الغربي، ويتمنى لو يمتلك حريته وصراحته في طرح المواضيع المجردة من كل المجالات والمحسوبيات».
وحول رؤيتها أهم المتطلبات أو المقومات التي يجب أن تتوافر في فنان الكاريكاتير في زمن «السوشيال ميديا»، ترى النومس الشهيرة بتوقيعها «الدعسوقة»، أنه على الشخص أن يطور مهاراته مع مرور الوقت، فالكاريكاتير كان عبارة عن قلم أسود وورق أبيض، وحينما دخلت الألوان فيما بعد، ثم التكنولوجيا، تحولت الصور إلى صور متحركة وقصص... كل ما هناك هو أن الفنان يطور من نفسه أكثر ويبدع في فنه فالموهبة موجودة وتطبيقها يحتاج لمواكبة تغييرات العصر.
ولا تعتقد النومس أن التكنولوجيا انتقصت من قيمة وقدر فنان الكاريكاتير صاحب الرؤية، وتضيف: «الفنان محظوظ؛ لأن مجالات كثيرة بحاجة له كالمجالات التربوية والفنية والإعلامية وغيرها هي فرص يجب أن ينتهزها».
وترى الفنانة الكويتية أن الصحافة ستظل بحاجة للكاريكاتير، وتؤكد: «لن يغيب الفن الكاريكاتيري... أنا مؤمنة بأن الصحافة هي من تحتاج للكاريكاتير وليس العكس؛ ستجد مواقع التواصل الاجتماعي تنشر الكاريكاتير بشكل أوسع، فبدلاً من أن تُنشر في الصحيفة ويراها فقط من يتابع الصحيفة، يمكن لفنان الكاريكاتير أن ينشر رسمه ليراه من في الدول المجاورة والدول المحيطة وحتى العالم أجمع، فالإعلام الجديد و(السوشيال ميديا) يخدمان الفنانين أكثر من خدمة الصحافة الورقية له».
تطمح النومس لأن تصبح فنانة عالمية يسطع اسمها بين الفنانين العالمين وتنتشر رسوماتها في الصحافة العالمية، مضيفة: «أطمح لمنصب يخدم الإنسانية جميعاً وليس فقط في وطني؛ فالإنسانية بحاجة لمن يرعاها وخاصة من عانى سنين طويلة من الاضطهاد والحروب، أجد نفسي أكثر في المجالات الإنسانية وراحتي في مساعدة الناس أكثر من النواحي الفنية والعلمية كمجالات عملي».


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».