قمة بغداد البرلمانية تؤكد دعم أمن العراق والمنطقة واستقرارهما

أكدت قمة برلمانات دول الجوار العراقي التي عُقدت في بغداد، أمس، دعم أمن واستقرار العراق. وشدد المشاركون في القمة التي عُقدت تحت شعار «العراق... استقرار وتنمية» على ضرورة «استقرار العراق والحفاظ على وحدة أراضيه ووحدة نسيجه الاجتماعي، بعد أن تحقق نصره الكبير على تنظيم (داعش) الإرهابي».
وجاء في بيان صدر في ختام القمة، أوردته وكالة الأنباء الألمانية أن «استقرار العراق ضروري في استقرار المنطقة، ويسهم في عودته بكلِّ ثُقلهِ السياسي والاقتصادي وموارده البشرية الخلَّاقة إلى محيطه العربي والإقليمي، ليكون نقطة جذب والتقاء مثلما أكدت سياسته المُعلنة برلمانياً وحكومياً في الحفاظ على علاقات الجوار بمسافة واحدة مع الجميع ومن دون التدخل في شؤونه الداخلية».
كما أكد المشاركون أن «الانتصار الذي حققه العراق على تنظيم (داعش) بات يمثل أرضية مشتركة لكلِّ شعوب المنطقة؛ لبدء صفحة جديدة من التعاون والبناء ودعم الحوار المجتمعي، وصولاً إلى بناء تفاهمات مشتركة على أسس جديدة في المستقبل تقوم على أساس دعم التنمية والاستثمار وبناء شبكة من العلاقات التكاملية بين شعوبها وتأكيد أهمية دعم الاعتدال ومحاربة التطرف بكل أشكاله، لا سيما أن شعوب المنطقة هي مَن تدفع ثمن التطرف».
وأجمع المجتمعون «على دعم عملية البناء والإعمار والتنمية في العراق، وتشجيع فرص الاستثمار فيه بمختلف المجالات التعليمية والصحية والصناعية وتكنولوجيا المعلومات والثقافة وحركة التجارة والمال والمناطق الحرة ومرافق الحياة الأخرى، سواء منها في القطاع العام أم الخاص، ودعم إعادة إعمار المدن المحررة من تنظيم (داعش) الإرهابي، وتأهيل البنى التحتية فيها بما يؤمّن توفير فرص عمل لإعادة النازحين إلى مدنهم».
كما شددوا «على دعم العملية السياسية والديمقراطية في العراق بكلِّ مساراتها، والتي أسفرت عن إجراء الانتخابات واستكمال اختيار الرئاسات الثلاث وفق الاستحقاقات الدستورية، بما يضمن مشاركة جميع مكوناته وقواها السياسية؛ لتحقيق مستقبل زاهر لشعب العراق».
وحضر القمة البرلمانية رؤساء برلمانات كلٍّ من السعودية والكويت والأردن وسوريا وتركيا، ووفد برلماني إيراني.
ويعد هذا اللقاء الأول من نوعه. وقال الرئيس العراقي برهم صالح، في كلمة له بالمناسبة إن «انعقاد مؤتمر برلمانات دول الجوار في بغداد دليل على أن الاستقرار مصلحة إقليمية مشتركة». بدوره، قال رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، في كلمة الافتتاح إن «العراق لم يعد قلقاً تجاه ‏فكرة المحاور والانحياز، بل إنه اليوم بصدد بناء شراكات استراتيجية واعدة مع جميع دول الجوار دون حرج من طرف أو محاباة لآخر، ‏فما يربطنا بجيراننا هو المصير الجغرافي المشترك والمصالح المشتركة ‏والترابط الاجتماعي والديني الوطيد». وعبّر عن ارتياحه لتطور علاقات العراق مع كل جيرانه بمستويات مختلفة.
وأكد عدد من النواب في البرلمان العراقي عن ارتياحهم لهذا التطور الحاصل في العلاقات بين العراق ومحيطه العربي والإسلامي. وقال عبد الله الخربيط، عضو البرلمان عن ائتلاف «المحور الوطني»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «لهذا المؤتمر مخرجات كثيرة وعلى مستويات مختلفة سواء فيما يتعلق بالعراق أو بدول المنطقة»، معتبراً حضور دول الجوار المؤتمر «مؤشراً على أن العراق بدأ يستعيد عافيته، وأنه يمكن أن يكون محل تلاقٍ بين مختلف الفرقاء بمن في ذلك المختلفون منهم». وأضاف الخربيط أنه «من المتوقع أن يكون للمملكة العربية السعودية والكويت دور مهم على صعيد الاستثمار في العراق لا سيما أن الدور الإيراني بدأ يتراجع الآن بسبب تزايد مشكلاتها مع الولايات المتحدة».
من جهته، يرى حسن توران عضو البرلمان العراقي عن المكون التركماني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «نجاح العراق في جمع دول لها خلافات كبيرة إنما يعدّ في الواقع نصراً للدبلوماسية العراقية». وتابع: «المفارقة اللافتة أنه رغم النجاحات التي بدأ يحققها العراق خارجياً فإن هناك إخفاقاً واضحاً على الساحة الداخلية ويتمثل ذلك في عدم القدرة على بناء رؤية مشتركة لحلحلة إكمال الكابينة الحكومية».
بدوره، اعتبر النائب السابق في البرلمان ورئيس حزب «التصحيح» كامل الدليمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، القمة «خطوة جريئة ومميزة في المنطقة التي تشهد صراعات وتصعيداً سياسياً وإعلامياً ملبداً بغيوم الاتهامات بين بعض هذه الدول، ما جعل المنطقة تعيش على مدى السنوات الماضية حالة من الارتباك السياسي». ويضيف الدليمي أن «عودة العراق عبر هذه القمة لرؤساء برلمانات دول الجوار تؤكد أن الحاجة باتت مشتركة بين العراق من جهة وهذه الدول من جهة أخرى إلى مستوى جديد من الحوار على مستوى البرلمانات والمجالس النيابية قد يفضي مستقبلاً إلى مؤتمرات ولقاءات على مستويات دبلوماسية رسمية وهو ما يعني أن الخطوة التي أقدم عليها العراق اليوم إنما تؤسس لخطوات مستقبلية تعود منافعها على دول المنطقة وشعوبها التي عانت كثيراً جرّاء الصراعات خلال العقود الماضية».