الجيش الليبي يكثف ضرباته في طرابلس... و«الوفاق» تستعد لـ«يوم الحسم»

تصاعدت، أمس، حدة المعارك حول العاصمة الليبية طرابلس، خصوصاً في ضاحيتها الجنوبية بين «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي بحكومة «الوفاق»، فيما تظاهر مواطنون في العاصمة، مرتدين سترات صفراء، احتجاجاً على ما وصفوه بـ«دعم فرنسا لحفتر».
وأعلن «الجيش الوطني» بسط سيطرته على «عدة مواقع جديدة» في محاور القتال داخل العاصمة، وقال مركز الإعلام الحربي، التابع له، في بيان نشره عبر صفحته على «فيسبوك»، أمس: «قواتنا تتقدم، وميليشيات (الوفاق) تتقهقر في جميع المحاور»، مشيراً إلى «وصول تعزيزات عسكرية لمختلف المحاور من ألوية عسكرية، وكتائب للجيش لحسم المعركة في أقرب وقت».
كما أعلن المركز الإعلامي أنه «بناءً على تعليمات المشير حفتر، تم تشكيل غرفة أمنية بمنطقة النواحي (الأربعة)، برئاسة العميد عبد الناصر مسعود، تختص بكل المواقف الأمنية داخل المنطقة، بالتنسيق مع غرفة عمليات المنطقة الغربية»، لافتاً إلى أن الغرفة التي تضم في عضويتها عدداً من ضباط «الجيش الوطني» ستقوم بإحالة بلاغاتها والمواقف الأمنية إلى هيئة السيطرة بالقيادة العامة.
في مقابل ذلك، أعلنت قوات حكومة «الوفاق» عن «بدء هجوم مضاد» في جنوب العاصمة، ودعا السراج قواته، التي قال إنها «تستعد ليوم الحسم، إلى مراعاة السكان العالقين في مناطق الاشتباكات، والعمل على حماية ممتلكاتهم، وعدم الرد على ما وصفه بالخطاب الجهوي الصادر عن ميليشيات حفتر». في إشارة إلى قوات «الجيش الوطني».
واعتبر السراج في بيان مساء أمس أن «هذا الاعتداء قام به شخص واحد، تحركه نزوات ورغبات وأوهام شخصية، لا يُنسب إلى منطقة أو قبيلة».
من جهته، نفى العقيد طيّار محمد قنونو، المتحدث الرسمي باسم قوات «الوفاق»، أمس، الأنباء التي تفيد بسيطرة «الجيش الوطني» على مدينة العزيزية. وأكّد لوكالة الأنباء الألمانية استمرار سيطرة قوات «الوفاق» على المدينة، الواقعة على بُعد 45 كيلومتراً جنوب طرابلس، مشيراً إلى تقدُّم القوات إلى ما بعد العزيزية باتجاه جبل نفوسة.
في غضون ذلك، اعتبر أحمد المسماري، الناطق باسم حفتر والقوات المسلحة، أن بيان البيت الأبيض حول اتصال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بحفتر «يُظهر أن الولايات المتحدة لديها قناعة بالدور المحوري للجيش».
وقال المسماري في تصريحات تلفزيونية له مساء أول من أمس: «إن كلام ترمب يدل على قناعة الولايات المتحدة بالدور المحوري للجيش الليبي في الحرب ضد الإرهاب».
ودارت، أمس، عدة معارك تصاعدت خلالها حدة الاشتباكات في عدة محاور جنوبي العاصمة طرابلس، كما جرت اشتباكات في محور وادي الربيع. وقالت مصادر محلية وتقارير إعلامية واردة من طرابلس، أمس، إن اشتباكات عنيفة جرت في الضواحي الجنوبية للمدينة، حيث كان بإمكان السكان المحليين سماع القصف من وسط المدينة. وفي تأكيد لتزايد حدة المعارك، أضاف السكان أن أصوات القصف كانت أعلى ومتكررة على نحو أكثر، مقارنةً بالأيام السابقة.
وكان المسماري قد أعلن في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، أن قواته تواصل ما سماها عملية «تطهير» طرابلس من الجماعات المسلحة الإرهابية، مؤكداً أن العمليات تتقدم بسلاسة وثبات في طرابلس. كما اتهم قوات السراج بشن غارة جوية على مواقع للجيش، مشيراً إلى أن جماعات إرهابية من تنظيم «القاعدة» و«جبهة النصرة» أتوا من سوريا عبر تركيا إلى طرابلس.
وأوضح المسماري أن قوات الجيش قامت بتسليم قاعدة «تمنهنت» لوزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة، التي يترأسها عبد الله الثني في الشرق، بعد إحباط هجوم إرهابي، أسفر عن مقتل 15 من العناصر الإرهابية.
وطبقاً لإحصائية قدمتها منظمة الصحة العالمية، أمس، فقد ارتفع عدد ضحايا اشتباكات طرابلس إلى 220 قتيلاً، و1066 جريحاً، مشيرةً إلى أن من بين المدنيين القتلى «عمالاً صحّيين ونساءً وأطفالاً».
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن القتال تسبب في نزوح 13 ألفاً و500 شخص، بينهم 900 تم استقبالهم في مراكز إيواء.
وكان المئات من أنصار السراج قد تظاهروا مساء أول من أمس، في مدينتي طرابلس ومصراتة رفضاً للحرب، حيث رفعوا شعارات «نعم لطرابلس ولا لدمارها»، و«لا لحكم العسكر»، خصوصاً في ميدان الشهداء وسط طرابلس في ظل إجراءات أمنية مشددة، ورددوا شعارات ترفض استمرار الحرب وتندد بقصف العاصمة.
ونقلت وكالة «شينخوا» الصينية عن فرج التكبالي، أحد منسّقي المظاهرات في العاصمة، قوله إن المظاهرات وما سماه ارتفاع عدد المشاركين فيها «بمثابة دليل قاطع على رفض سكانها السماح بتدمير العاصمة الليبية».
وارتدى متظاهرون سترات صفراء على غرار السترات التي يرتديها محتجون على سياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، في إشارة إلى رفض دعم فرنسا للمشير حفتر.
من جهة ثانية، نفى مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، مساء أمس، تعرضه لمحاولة اغتيال، لكن من دون أن يوضح مصدر الخبر، وفق ما نشره عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر»، حسبما أفاد موقع «بوابة الوسط الليبية».
وقال سلامة في تغريدته: «أقول للمحبين ولغيرهم أيضاً: لا! لم أتعرض لمحاولة اغتيال، الخبر مفبرك والصور المتداولة مزورة. متى سيفهم الدجالون القابعون في جحورهم أن الحقيقة التي يغتالون كل يوم هي وحدها التي تحررهم؟».
ورغم مرور أسبوعين على اندلاع الاشتباكات العنيفة جنوب طرابلس، لا يزال المبعوث الأممي ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز يمارسان أعمالهما بمقر البعثة في العاصمة الليبية.