نائب رئيس الحكومة يحتج على تسريب محضر لقائه مع مسؤول أميركي

TT

نائب رئيس الحكومة يحتج على تسريب محضر لقائه مع مسؤول أميركي

أثار نشر ما وصف بأنه محاضر اجتماعات أجراها نائب رئيس الحكومة اللبنانية غسان حاصباني في الولايات المتحدة أزمة في لبنان. وقالت مصادر لبنانية إن المحاضر أرسلت من قبل سفير لبنان لدى واشنطن غابي عيسى، وأن نائب رئيس الوزراء غسان حاصباني احتج على نشر برقيات سرية، فطالب وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بفتح تحقيق لمعرفة الجهة التي سرّبت هذه المعلومات «التي رمت إلى إعطاء صورة سيئة عن حاصباني بنشر مضمون الحديث الذي جرى بينه وبين نائب وزير الخزانة الأميركي مارشال بيلغنسلي وتمّ تسريبها بعد أيام قليلة من حدوثها».
وقالت المصادر إن هناك من يعتقد أن الهدف من نشر المحضر هو الإساءة إلى حاصباني الذي يمثّل «القوات اللبنانية» في الحكومة. وسألت المصادر إذا كان حاصباني سيطرح الموضوع على قيادة «القوات» أو على طاولة مجلس الوزراء في حال لم يصدر أي رد فعل من وزارة الخارجية؟
ولم يتردد نائب رئيس الحكومة في إثارة نشر محضر لقائه في واشنطن خلال اجتماعه أمس مع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وأفادت مصادر مواكبة للموضوع «الشرق الأوسط» بأن السفارة الأميركية في لبنان ترجمت ما نشرته إحدى الصحف أول من أمس السبت، مع استغراب واسع لهذا التسريب الذي ورد إلى وزارة الخارجية والمغتربين ولم يبق سريا ولم يصدر أي بيان عنها يوضح ملابسات هذا النشر لبرقية سرية.
وأوضحت مصادر متابعة أن نشر مضمون اللقاء بين حاصباني وبيلغنسلي يهدف إلى نسف زيارة حاصباني وإظهاره بمظهر أنه لا يحتفظ بمعلومات جرت مع مسؤول أميركي ولو لأيام قليلة. واستدركت أن مضمون ما نشر ليس بجديد، فموقف واشنطن من الوزير باسيل ودفاعه الدائم عن «حزب الله» معروف وليس بجديد، والمطالبة الأميركية له بالتخلي عن هذا الدعم ليست جديدة وتكررت في أكثر من مناسبة. وقول البعض إن إثارة هذا الموضوع مع حاصباني هو رد أميركي على الانفتاح الواسع لوزير الخارجية على موسكو وزيارته لها مرتين في أقل من شهر ليس صحيحاً، لأن ركائز العلاقة اللبنانية - الأميركية قوية ومبنية على تسليح الجيش اللبناني وتدريبه منذ سنوات ومساعدته مع بريطانيا على إحكام إقفال الحدود اللبنانية السورية لوقف دخول الأسلحة الإيرانية لـ«حزب الله» من خلالها. وتابعت: كما أن انفتاح باسيل على موسكو لن يبدّل الدعم الأميركي لصيغة لبنان الديمقراطية، وفي نظر مسؤول عن الملف الأميركي في وزارة الخارجية الأميركية أن باسيل يمثل شريحة واسعة من المسيحيين لكنه ليس كلهم. كما أن العلاقات اللبنانية الأميركية لن تتأثر بالانفتاح الجديد لباسيل على روسيا الذي يرمي كما تقول بعض المصادر إلى إيصاله إلى رئاسة الجمهورية.
وتوقعت المصادر ألا يتأثر باسيل بما يطلبه المسؤول الأميركي منه بوقف دعم «حزب الله» وهو مقتنع بالحلف المثلث الأضلاع روسيا - إيران - سوريا.
كما أنه ليس في وارد أن يتراجع دعم تياره لـ«حزب الله» وسلاحه طالما هناك احتلال إسرائيلي لتلال كفرشوبا ومزارع شبعا. وأشارت المصادر إلى أن هذا التباين مستمر طالما أن واشنطن تصنف الحزب بأنه منظمة إرهابية فيما باسيل يخالفها الرأي وقالها بصراحة خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال زيارة الأخير للبنان وفي مقر وزارة الخارجية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.